محاولة للإجابة ...
محاولة للإجابة ...
عقاب يحيى
Gahzwan Dr.Aktaa: اريد ان تطلعني على رائيك الذي احترمه حول مشاريع التشكيلات المتعددة المطروحة على الساحة الان))....
****
يسألني الصديق الدكتور غزوان الأكتع رأيي.. في مشاريع التشكيلات المتعددة المطروحة..وقد ترددت في الإجابة خوفاً من السلبية في التقويم، أو التجنيّ على نوايا وطنية وشريفة للعديدين الباحثين عن مخارج، وسط " الهوجة" السورية وتزاحم المشاريع.. وكتجل قوي لتداخلين كبيرين : أهمية الثورة السورية واعتناق الكثير لها، ووفائهم لمبادئها، وجملة التحديات المخيفة التي تواجهها، والتي تدعو الجميع للتفكير بما يمكن عمله.. دون إغفال موقع الذاتي، أو الظاهرة السورية الصارخة..في إثبات الحضور، وتعدد المشاريع، وشرذمتها، وانقساماتها... وذهاب كثيرها أدراج الأوهام..
****
الكل يعترف أن الثورة، وفقاً لمنشئها ومسارها، ثم تطورها.. لم تنتج قيادة من صلبها لا بشكل سابق لها، ولا عبر امتدادها وما عرفته من تحولات، وتشعبات، وتداخلات.
ـ وكما هي الحياة.. فالفراغ لا بدّ أن يملأ بطريقة ما.. وقد حاولت أطراف من المعارضة التقليدية، والجديدة، وعبر سباق محموم، إيجاد اشكال اعتبرتها ممثليات للثورة، وقيادة لها.. وكان المجلس الوطني، فالإئتلاف.. أكثرها بروزاً، وحضوراً.. مثلما حاولت" هيئة التنسيق" أن تكون الوجه الآخر.. وتثقيل الادعاء بأنها تعبير عن معارضة الداخل.. وكأن الآخرين ـ جميعهم ـ مقطوعي العلاقة، والحضور، والجذور، والوجود بالداخل....
******
لا شكّ أن أي شكل تنظيمي، أو هيئة سياسية تعكس طبيعة القوى الموجودة فيها. تركيبها، وقوتها . وعيها . ارتباطها بالأرض والهدف...إلخ، وقد كانت جميع الأشكال التي نهضت تعاني الأزمة البنيوية الناجمة عن أزمة المعارضة من جهة، وما أضافته تعقيدات الثورة، وزخم التدخلات والتداخلات من جهة أخرى. وهي هنا أزمة منشأ، وأزمة موضوعية تتخطى الأفراد والقوى المشاركة إلى العام، وبما يسمح بالقول : أن أحلام البدائل، على فرض أنها تنشأ في ظروف أنضج، وبخلفية الحرص على أفضل صيغ العمل والتمثيل.. لن تكون خالية من تلك العلل، وعوامل الأزمة، وهنا يتخطى الأمر الرغبات الفردية، والنوايا الطيبة، وبعض الجهود المخلصة، ومساحات الاستفادة من التجارب والدروس والأخطاء..للدخول في صميم البنى، والقوى، والأفراد، وموقع آثار الاستبداد فينا، والظروف الموضوعية والذاتية المتحكمة بالثورة، وحجم الذات، والحزبوية، وأمراض النخب..
ـ لقد وجهت للمجلس الوطني العديد من الملاحظات، وتقدّم كثير بمجموعة مقترحات، وكان التقدير أن التوسعة، وإعادة الهيكلة يمكن أن تتلافى عوامل الأزمة والضعف، وتضع المجلس في موقع الممثل للثورة، المرتبط بالأرض والقوى الثورية..
حصلت التوسعة وبشكل منتفخ، وتعددت عناوين : الحراك الثوري، والمسلح، والمستقلين، وممثلي القوى والكتل.. وظلّت الأزمة بأعمدتها الرئيسة تنوخ بكلكلها على المجلس، وتمنعه من النهوض بالمهام الرئيسة...
ـ تشكل الإئتلاف بزخم البحث عن بديل أفضل. أكثر رشاقة، وتمثيلاً، وفعالية.. لكنه ولد في رحم الأزمة، والتداخلات الإقليمية والخارجية، وبذات التركيبة المأزومة، وخلفياتها الحزبوية، والتحاصصية والذاتية المنتفخة... درجة الإقصاء، وظنّ البعض أن توسعة ما يمكن أن تجلب الحل للمعضلة، ثم ظهر، بعد توسعة انتفخت وتمدمدت، أن أزمة الإئتلاف تزداد إثقالاً، وتشعباً، وان الإشكالية تكمن في تركيبة العقل السائد، وفي التعاطي مع مستوى الضغوط ورفضها، أو الاستجابة لها، ومدى الاستنجاد بالعامل الذاتي منطلقاً وحماية .. مع ذلك يجب الإقرار بعدد من الحقائق :
1 ـ الإئتلاف، بغض الظر عن كل النواقص والسلبيات.. فهو الإطار الأوسع لتمثيل جانب كبير من المعارضة والحراكين : الثوري والمسلح، وإن اعتراف عديد الدول به ممثلاً سياسياً.. يمنحه موقعاً مهماً على صعيد العملية السياسية والتعامل مع المجتمع الدولي (هذا الاعتراف يجب أن يكون في موقعه، وألا يكون خادعاً للكذب على النفس، ومانعاً للارتباط مع الأرض) .
2 ـ لنقل صراحة أن عديد المنتقدين، والشاتمين، وحتى الساعين لإيجاد بدائل عن المجلس والإئتلاف.. سعوا جهدهم، وبوسائل مباشرة، أو غير مباشرة ليكونوا أعضاء في هذه الهيئات .
3 ـ يصعب الرهان على مشاريع لم تجرب كي تكون بديلة، كما يطمح البعض.. في حين أن " سوسة" النخر واحدة، ويمكن أن تكون أقوى، واكثر فعالية في التشكيلات الجديدة التي يزمع، أو يطمح البعض لإقامتها.
4 ـ لا يمكن لأحد أن ينكرعلاقة العديد من القوى المسلحة بالإئتلاف، وهي نسبة تتزايد.. رغم وقوف قوى عسكرية مهمة ضده..
*******
الآن... نشهد تحركات مختلفة، تحت عناوين متعددة، وإن كان شعار : مؤتمر وطني عام، أو جامع يمثل قاسماً مشتركا.. يتفق البعض على العمل ضمن سقفه، كما هن "مجموعة قرطبة" الذين أطلقوا على أنفسهم" هيئة العمل الوطني"، أو "حوارات مؤتمر أحرار سورية" الذين يدعون لمؤتمر وطني، أو الدعوة لمؤتمر المصالحة الوطنية في فيينا.. والذي تثار حوله عديد الأسئلة..
بالوقت نفسه تسعى "هيئة التنسيق" التي لم تصل إلى اتفاق مع قيادة الإئتلاف إلى عقد "لقاء تشاوري" في القاهرة، وبالذهن أن يكون تمهيداً لمؤتمر وطني جامع.
ـ الملاحظات التي يمكن تسجيلها على هذه المشاريع والمبادرات، هي :
1 ـ البعض يطمح لتشكيلات موازية، أو بديلة، بدعوى تمثيل الداخل، وإنتاج قيادات من صلبه، وأن بالإمكان الآن التوصل لنتائج شاملة..عبر توسيع قاعدة المشاركة في لجنة تحضيرية تتسع كل يوم، والحديث باسم الحراك الثوري، والمسلح، وباسم شخصيات مستقلة تنسب لنفسها علاقات قوية بالداخل ..
2 ـ هناك من يحاول إيجاد بديل للإئتلاف من خلفية تباكسية، وتنافسية، ويعتقد أن الإئتلاف فشل في تمثيل الثورة، والتعبير عن قوى الميدان.. وأن بالإمكان إيجاد اشكال أكثر تمثيلاً.
3 ـ وهناك من هو مقتنع، ولأسباب مختلفة، ان أوضاع الثورة، وما وصلت إليه البلاد، ومآل محطات جنيف.. حتى وإن تواصل، إنما تستدعي عقد مؤتمر وطني جامع لكافة القوى المعارضة، والحراك الثوري والعسكري ـ بلا استثناء ـ ووضع خريطة طريق تحدد الرؤى والمسارات والمهام، وقد تنبثق عنه قيادة، أو لجنة متابعة .. لتعزيز التوافقات والعمل المشترك. وسنجد صراحة خلافاً مهماً في النوايا والخلفيات حول أهداف مثل ذلك المؤتمر، وما يجب أن يسفر عنه من نتائج.
4 ـ وهناك من يؤمن بضرورة المصالحة الوطنية التي يقصد فيها : مصالحة شاملة بين النظام والمعارضة...
بعض هؤلاء يضع عائلة الأسد خارجها، وهناك من يغمغم في الإجابة، وبالذهن أنه لا بدّ من هكذا مؤتمر تصالحي..
****
لا شكّ ان الثورة السورية أخصبت ذهن السوريين، وأوضاعها تفتح الشهية على محاولات النهوض بالأعباء، من منطلق نفترض انه الحرص على تحقيق الهداف، رغم الخلاف في الرؤى، والوسائل، وحتى التكوينات، والجهات الداعمة، والداعية ..
والأكيد أيضاً أن التجربة هي الحكم والامتحان.. وان كل المبادرات ستبقى قائمة.. لكن الرهان على مآلها.. وهل يمكن لبعضها أن يتواصل ويستمر ويقدم المفيد للثورة، ولا يكون عامل شرذمة جديد، أو مفرّخة لمزيد من الانقسامات، والأشكال المشوهة؟؟...