الأجدر بالسائحة البريطانية في طنجة أن تحتج على وجود سجون بشرية رهيبة يتحمل بلدها مسؤوليتها
الأجدر بالسائحة البريطانية في طنجة أن تحتج على وجود سجون بشرية رهيبة يتحمل بلدها مسؤوليتها عوض الاحتجاج على وضع دواجن في صناديق عندنا
انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي فيديو لسائحة بريطانية في سوق شعبية بمدينة طنجة وهي تحتج بطريقة هستيرية على أحد الباعة المستضعفين يضع دواجن في صناديق بلاستيكية ليبيعها طلبا لقوته وقوت عياله ، وقد أشبعته سبا وشتما، وحاولت البطش به حين رفض تلبية طلبها بإخراج الدواجن مما اعتبرته سجنا .
غريب أمر هذه السائحة التي تناست مسؤولية دولتها التاريخية عن احتلال أرض فلسطين وتسليمها للصهاينة المحتلين بل مساعدتهم على ذلك بتقتيل أهلها وطردهم منها . وفلسطين المحتل اليوم فيها سجون ومعتقلات رهيبة يعذب فيها السجناء الفلسطينيون أطفال ،ونساء ،وشيوخ، وشباب لأنهم رفضوا احتلالا صهيونيا لبلدهم بمساعدة ومباركة بلد السائحة التي أرادت أن تعطينا درسا في الرفق بالحيوان وبلدها تاريخه الاستعماري في غاية السوء بسبب تعذيب البشر .
وغريب أيضا أن تتجاهل هذه السائحة المدللة في وطننا إلى درجة التجاسر ومحاولة الاعتداء على مواطن مسكين قهره الفقر كيف عذب الجنود البريطانيون البؤساء الأفغان والعراقيين فوق أرضهم في سجون رهيبة لا مثيل لها في المعمور ، وكيف عذبوا مع الأمريكان سجناء مظلومين في غوانتانمو ، وفي معتقلات استخباراتية في من الأرض علمها عند الله عز وجل .
وغريب أن تتجاهل أيضا كيف سكت بلدها ولا زال عن سجون جهنمية في مصر وفي دول الخليج وفي سوريا وفي اليمن ، وكيف سكت عن انقلاب عسكري دموي في مصر على الشرعية والديمقراطية وهو من البلدان التي تدعي الوصاية على الديمقراطية في العالم ورعايتها والدفاع عنها .
إن حضارة الغربية وهي حضارة السائحة يطبعها التناقض الصارخ ، فمقابل إظهار التعاطف مع الحيوان تسحق البشر سحقا خصوصا المسلمين ، ولا توجد مصيبة ابتلي بها المسلمون أشد من مصيبة الاحتلال البريطاني لأرضهم الذي فرّخ احتلالا صهيونيا بغيضا لا يوجد أشرس منه في تاريخ البشرية .
لقد كان الأجدر بالسائحة المستهترة بكرامة مواطن مغربي أن تخجل من نفسها بسبب تاريخ بلدها الاستعماري المخزي عوض احتقار تاجر دواجن هو أرأف منها بدواجنه، وما وضعها في الصناديق إلا حفاظا عليها لأنها قوته الذي يقتات منه ليوفر رغيف خبز لأولاده في حين قد وفر لها بلدها مستعمر الأمس القريب أسباب الرفاهية باستغلال خيرات المستعمرات حتى توفر لها من المال ما جعله تطوف بأطراف العالم ،وتحل سائحة مدللة ببلادنا لتتعرى ولتصيب من أشعة شمسه الذهبية والصحية ، وتقضي عطلتها في رفاهية بدراهم معدودات إذا ما قيست بما تنفقه في غيره من البلاد التي لا تتعلق بغبار بلادنا رخاء وسخاء وأمنا وأمانا ، وترحابا يكاد يغري بنا الجاهل ممن لا يعرف حسن ضيافتنا وأريحيتنا ، ويظن بنا الدنية لأن في بلاده لا وجود لحسن ضيافة ولا لأريحية وذلك لأن كل شيء فيها بمقابل وبثمن باهظ .
لقد كان بإمكان تاجر الدواجن البائس أن يرد على الإساءة بالمثل، ولكنه فضّل الحفاظ على سمعة بلده الغالية ، وساعده على ذلك الغيورون من أبناء وطنه الذين نبهوه إلى ذلك بعدما أخذ منه الغضب من عدوان السائحة السافر عليه في عقر داره وبسبب رزقه .
ولا ندري هل تمت متابعة السائحة البريطانية قانونيا على اعتدائها على التاجر المسكين أم أنها أفلتت من المساءلة والمتابعة ؟ وإذا كانت قد أفلتت من ذلك فسؤالنا الموالي هو ماذا يكون مصير سائحة مغربية في بريطانيا إن هي أقدمت على فعلة شبيهة بفعلة السائحة البريطانية؟ وهل كانت بريطانيا ستفلتها ؟
وسوم: العدد 840