الثورة الفاضحة
الثورة الفاضحة
مصطفى العلي
لك الله أيتها المباركة يا ثورة الشعب السوري المظفرة كم سيكون لك من بصمات بيضاء في كتاب هذا العالم الذي اسودّت صفحاته وما عاد فيها مكان لمجرد توقيع.
*لله درّك لم تتركي سترا على مستور وكشفت كل مخفي ومطمور . أظهرت الحقائق وفضحت كل مراء ومنافق. لم يعد يخفى - بعد أن غُمّ على الناس طويلا الكاذب من الصادق لكل من له بصر أو بصيرة أو ألقى السمع وهو شهيد.
* أعلام تنكمش فتصبح أقزاما وأقزام تنتفش فتبدوا أعلاما, لقد هتكت الستر أول ما هتكت عن إدارة هذه المافيا التي تحكم العالم وكشفت سوأتها المغلظة بثّا حيّا على الملأ بعد أن كانت ترتدي أحلى أزياء شرعية (دولية ) حجابا من الإحتشام من شحمة الأذنين إلى أسفل الأقدام.
لقد أظهرت العدو من الصديق وأمطت اللثام عن المشتغلين بتزوير المبادئ وتجارة الرقيق ولم يفلت من عدساتك المكبرة أي مخفي أو مصغر أوغامض أو دقيق بعدما انجلى الغبار وبان من تحته فرس ومن تحته حمار .
*لقد كشفت – واسوءتاه - عورة إخواننا العرب. ماتت لديهم عادة التفاخر بالنسب قتل الفتى ابن نفيل غيلة بلا سبب على يد أبي رغال الحاكم بأمر أبرهة والبحث جار عن الطائي بتهمة محاولة إغاثة الملهوف. العلقمي يقيم أكبر مكاتب مقاولات دولية في أغلب العواصم العربية وللقصة بقية.
لم تقتصر قلة مروءتهم وانعدام (نخوتهم )- التي كانت مضرب المثل يوما ما - على الفرجة علينا عبر أبشع مقتلة وأكبر إهانة ليس لشرفهم العربي فحسب بل لإنسانية العالم أجمع بل وتعدَّت ذلك إلى حدود ممارسة الدياثة والقوادة بحق الشعب السوري الذبيح وذلك بالتآمر عليه ونصب الكمائن والدسائس للدولة الوحيدة في العالم تقريبا التي احتضنت مشرديه وجرحاه ووقفت معه وقفة صادقة في بلواه.
*. لقد رفعت .. البرقع عن إخوة لنا في الدين يغطّون في سبات عميق لا زالوا فيه غارقين منذ عشرات السنين وهم لم يقوموا لصلاة الصبح بعد رغم أنه مضى وقت على أذان الفجر وفاتهم الأجر لفحت وجوههم الشمس ولكن أحدا منهم بعد لم يحسّ ومن استيقظ منهم صلى الصبح ونام أو انصرف إلى تجارة الأوهام أو اختفى بين تلال الأحلام.
عالم إسلامي يزيد عديد أفراده على المليار انعدمت بهم الجاذبية فما عادوا يعدلون وزن ريشة تطير مع الغبار. مليار قطرة ماء لم تفلح في أن تسقي طفلا يموت من الظمأ في أزقة حمص المحاصرة أو تحت أنقاض بيت في الغوطة يلتف حولها ثعبان لم تقدر مليار فأس أن تقطع له رأسا يتلمظ بجسد رضيع يختلج بين نابين يقطران بالسمّ مودّعا حياة استقبلته بما الموت أعذب ألف مرة.
دمشق الفتح والتاريخ والحضارة من لها دَين في عنق كل من يمشي على رجلين. ينزف دمها بانتظار لحظة ضمير انفجرت به المركبة فلفظ أنفاسه في أحد شوارعها المقطّعة بحواجز قراصنة لم يعرف لهم الزمان مثيلا.
أمة كانت خير أمة أخرجت للناس فغدت ذليلة مهانة تحت كل مداس, قصعة شهية يتداعى إليها الآكلون من سائر أنحاء المعمورة في أكبر وليمة كونية لكأنما اضمحلت فيها خلال الخير إلا من كرم بكرامتها التي تجود بها بكل سخاء على أعتاب قاتليها ومنتهكيها.
مليار من المتقين الأبرار يقفون على ساق صاغرين ذليلين مبتهلين إليه عز وجل أن ينزل الرحمة في قلب دب روسي آثار دماء إخوانهم لا تزال رطبة على شدقيه لئلا يرفع يده بالفيتو في أحقر كرنفال أممي لنصرة الشعب السوري.
وهم- المسلمون - أنفسهم من تثور شوارعهم لرسومات أو كلمات مسيئة في أقصى الدانمارك أو في عمق النروج البعيدة عن أعينهم من يوجد من متظاهريهم أنفسهم من يأتي ما هو أبشع مئات المرات , أو لقسّ أحمق في آخر ولاية أمريكية نائية ينوي أن يحرق المصحف ولدينا من أبناء المسلمين أطنانا ممن هم على شاكلته وتعمى أعينهم وتصمّ آذانهم لما يجري بين ظهرانيهم في سورية قلب العالم ودرة بلاد المسلمين من إهانات لله والرسول وكل أمة الرسول . مساجد تهدم فوق المصاحف وعلى رؤوس قرّاء المصاحف فتختلط آيات الذكر بدماء تاليها في أوقح صورة من صور التحدي والاستخفاف بكل من يقول ربي الله من قِبل أذلّ من خلق الله فلا يتحرك في ضمائر المسلمين الموسمية التي تدار بالنكز عن بعد أي ساكن... ومن هم أكثر إخلاصا وصدقا استلّوا سيوفهم وسكاكينهم لنصرتنا فإذا بها تقع لقلة تبصرهم في رقابنا
من بعد ...؟
*الليبراليون والعلمانيون وكل أصحاب اليافطات المزركشة سقطت مزاوداتهم ودعاواهم الباطلة أيضا من أول جولة عندما ظهر للعيان ارتباطهم مع أكثر الأنظمة شمولية واستبدادا في العالم بحبل سري واحد .
*وأما صرعة الإرهاب هذا الإطار الجذاب هذه الموضة التي صمّمها مصمم الأزياء السياسي الأمريكي الشهير جورج دبليو بش الإبن التي استحق عليها أكبر براءة اختراع في التاريخ السياسي العالمي المعاصر فقد سقطت فجأة في سورية وفي منتصف التمثيلية ستائر الكواليس فبان لكل المتفرجين على امتداد العالم شخصية المنتج والممنتج والكوافير والماكيير وكاتب السيناريو والمخرج والمخرج المساعد بعد أن كانت هذه المسرحية الفانتازية المُحكمة المُتقنة الإعداد قد عرضت طويلا في أشهَر صالات العرض الهيتشكوكي في العالم دون وجود أي معرفة لدى السادة المشاهدين بما وراء الشخصيات المتحركة على الخشبة التي تجعل من كل منتسب للإسلام مشروع آكل للحوم البشر رغم طول مدة العرض كما حصل في العراق الجريح إلى أن تبلّج الحق أخيرا على أيدي ثوار الشام وتبين بما لايدع مجالا للشك ارتباط جماعات التفخيخ وقطع الرؤوس بأقبية الإستخبارات السوداء وصناع الموت العابرين للقارات بإشراف مباشر من تجار الدم العالميين الذين يقتلون القتيل ويمشون في جنازته ويقرأون ألف فاتحة على روحه البريئة الطاهرة.
*الدعاة إلى الله بصيص الأمل المتبقي عبر ظلمات بعضها فوق بعض من الإخفاق والإرهاق تسرب إليهم داء الروتين والملل فلم يأتوا بجديد منذ زمن غير مكرور القول دون أدنى مصداقية بإنجاز على الأرض أو فعل لقد دخلوا موسوعة غينيس لأكثر متحمل للصفعات في العالم وأصبحوا عَلَما على تحمل التنكيل وفقدان زمام المبادرة ولم يتمكنوا بعد من ترميم ثوبهم الذي مزقته سياط الأسدين أو يستبدلوه بثوب جديد أكثر هيبة و جاذبية أو هدم الحواجز الشاهقة التي أفلح زعيم الممانعة المزيفة بنصبها بينهم وبين الناس التي من المفترض أن تكون الثورة قد وفرت لهم هذه الفرصة.
**وبعد كل هذه الفضائح والشطائح أما عبر الأفق الملبّد من ملامح أو بريق نور ينجلي عنه هذا الديجور؟
بلى والله ! نور وألق و أجمل خيوط شفق تنبثق من خلف ستائر الغسق.
فكما أن ثورة الشعب السوري كشفت وفضحت فكذلك بينت وأفصحت عن قوة في هذا الشعب العظيم كامنة لم تكن في الحسبان نابعة عن قوة في شخصيته الحضارية الضاربة في أعماق التاريخ والوجدان.
طاقات خارقة لمجاهدين صادقين ليسوا أقل أسطورية ممن تتغنى بسيرهم كتب التاريخ
*بلى ! إنها الثورة الفاصلة الفاضحة الكاسحة التي ستكون أساسا لبنيان عالمي جديد وكما أن اللعبة خرجت أخيرا من يد أوثان آل الأسد حكام الدنيا إلى الأبد حيث وجهت لهم انتفاضة هذا الشعب الجبار الضربة القاضية لجبروتهم فانهار انهيارا شنيعا أسقط كل نظرياته وفلسفاته التي لبث يتاجر بها عقودا دون أن يجد من يجرؤ أن يفكر مجرد تفكير بالشك فى دعاواه الباطلة سقوطا حرّاً مريعاً وإلى الأبد لقد مات سريريا ,أيديولوجيا أخلاقيا تاريخيا لم يبق منه إلا ما بقي من شارون يوم خرس مع أملنا أن لا يجد من يخسر عليه كلفة التنفس الصناعي طويلا.