القضية الفلسطينية... خطط وتصورات
غسان مصطفى الشامي
كثيرة هي الرؤى والتصورات والخطط التي تطرحها الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا لإيجاد الرؤية المثلى والحلول السحرية لإنهاء الصراع على أرض فلسطين، ولكن هذه الخطط التي تظهر بين الفنية والأخرى تحمل وجهة نظر واحدة وهي الرؤية الصهيونية في الحل، وتعمل هذه الخطط على تقزيم القضية الفلسطينية وتهميش الكثير من القضايا والأمور الجوهرية، وتبقى في إطار مبادرات هناك وهناك لا تعطي الفلسطينيين وطنا ولا تجلب لهم أرضا، فيما تخلو هذه التصورات من الحديث في جوهر القضية الفلسطينية وأصلها المتمثل احتلال أرض فلسطين وتشريد أهلها و حقوق اللاجئين الثابتة، بينما تركز الخطط على أمن اليهود وكيفية تثبيت كيانهم على أرض فلسطين، وآليات حماية الصهاينة من أية شرور تواجههم .
والمستعرض لتاريخ القضية الفلسطينية يجد أن الغرب الأوربي والأمريكان قدموا الكثير من التصورات والخطط والحلول للقضية الفلسطينية والصراع على الأرض، فضلا عن الوفود ولجان التحقيق التي كانت تزور فلسطين بين الفنية والأخرى لتقديم التصورات.
والتاريخ الفلسطيني يذكر لنا أن الحكومة البريطانية خلال فترة " الانتداب " على أرض فلسطين قدمت أربعة كتب بيضاء شملت الرؤية البريطانية الصهيونية للكثير من الأمور التي تتعلق بفلسطين، وكان أول هذه الكتب كتاب تشرشل الأبيض صدر في 3/6/1922م سعت فيه بريطانيا لتوضيح وجهة النظر في وعد بلفور ومفهوم الوطن القومي لليهود، فيما صدر الكتاب الثاني في 19/11/1928م، أكد على الملكية الإسلامية لحائط البراق في القدس، مع حقوق يهودية محددة للوصول إلى الحائط للصلاة، أما الكتاب الثالث صدر في أكتوبر 1930م جاء للتأكيد على التزام الحكومة البريطانية بمصالح مجموعتي السكان من عرب ويهود، وليس بمصالح مجموعة واحدة، أما الكتاب الرابع صدر في 27 أيار1939م، ويتحدث عن إقامة دولة فلسطينية ديمقراطية تشمل كل فلسطين الانتدابية غربي نهر الأردن، ويتمثل فيها جميع سكانها من عرب ويهود على قاعدة التمثيل النسبي.
كما شهد تاريخ فلسطين في الثلاثينيات من القرن الماضي قدوم الكثير من لجان التحقيق الأوربية والأمريكية للتحقيق في قضايا الاشتباكات التي كانت تحدث بين الفلسطينيين أصحاب الأرض والصهاينة، من هذه اللجان لجنة بيل الملكية البريطانية جاءت للتحقيق في أسباب الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936م وقد اقترح تقرير اللجنة تقسيم فلسطين إلى ثلاث مناطق، كما أوصى التقرير لأول مرة، بتبادل سكاني بين المنطقتين العربية واليهودية، وبعد ذلك توالت الأفكار والتصورات إلى أن صدر قرار تقسيم فلسطين الذي أقرته الأمم المتحدة في 29 نوفمبر 1947م.
أمام التصورات والمقترحات واصل الكيان الصهيوني تنفيذ خططه لاستكمال احتلال أرض فلسطين وذلك من خلال فتح أبواب الهجرة إلى أرض فلسطين وسرقة الأراضي الفلسطينية وإنشاء التجمعات والاستيطانية وتكوين العصابات الصهيونية والعمل على تسليحها تمهيدا لتنفيذ حرب 1948 واحتلال أرض فلسطين وتدمير أكثر من 50 قرية وبلدة فلسطينية وتشريد أكثر من 750 ألف فلسطين، ومن أجل تنفيذ هذه الخطط عمل الصهاينة على الاستعداد لها منذ عشرات السنين .
وبعد احتلال الصهاينة جزء كبير من أرض فلسطين واصلوا العمل لإكمال السيطرة على كل فلسطين في العام 1967م وبعدها بدأت مرحلة جديدة في تاريخ الكيان الصهيوني الغاصب تخللها العمل على تثبيت أركان الدولة العبرية والسعي الدءوب لاعتراف العرب بها، حيث تم صياغة تصورات وخطط صهيونية للسلام مع الدول العربية بما يضمن أمن الكيان الصهيونية، كما تم عقد العشرات من الاتفاقيات الاقتصادية واتفاقيات التطبيع وتبادل الخبرات مع دولة الكيان الصهيوني في إطار تحقيق نظرية التعايش والسلام بين العرب واليهود، إلى أن اشتعلت انتفاضة الحجارة عام 1987م وبدأ الصهاينة والغرب يطرحون خطط وتصورات جديدة للتعامل مع الانتفاضة الفلسطينية وبدأت المفاوضات والجلسات السرية التي نتج عنها خطط السلام والحكم الذاتي وقدوم السلطة الفلسطينية وطرح فكرة دولة على جزء بسيط من فلسطين، وتوالت بعد ذلك الكثير من التصورات تتضمن أفكار ومقترحات أمريكية وأوربية للحل .
ما تم استعراضه هنا جزء يسير من الخطط والتصورات الغربية ورؤيتهم للقضية الفلسطينية، لكن التصورات الأمريكية والأوربية تبقى كما هي تدور في فلك تقسيم أرض فلسطين وتبادل الأراضي وتثبيت الكيان الصهيوني على أرض فلسطين، وتبقى الفوارق بسيطة بين التصورات والخطط الماضية وخطة كيري التي تطرح في هذه الأيام ..
إلى الملتقى ،،