الولاءات لدى العقلاء متعدّدة، وكلٌّ يقدّم الأهمّ، لديه !
لكلّ فرد عاقل ، ولاءات شتّى ، تتفاوت ، في أهمّيتها ، لديه ، وكلٌّ يقدّم الأهمّ ، لديه ، بحسب تقديره ، لهذه الولاءات ، وارتباطه بها، وحرصه عليها ! ونذكر أهمّها، ممّا هو معروف، متداول، بين الناس !
الدين : يأتي ولاء الدين ، في العادة ، في مقدّمة الولاءات ، التي يحرص عليها الناس ! وهذا يكون لدى المتمسّكين بدينهم ، بالطبع ! والديانات تختلف ، بحسب أصولها وأنواعها ، منها السماوي ، ومنها الأرضي الوثني .. وغيرها !
أمّا الدين الإسلامي ، فواضح فيه التأكيد ، على تقديمه على ماسواه ، من الأمور المتنوّعة ، التي يهتمّ بها الناس ! يقول الله ، عزّ وجلّ ، في القرآن الكريم :
(قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ).
الوطن : له أهمّية خاصّة ، لدى عقلاء البشر، جميعاً ، المتدينين منهم ، وغيرالمتدينين ! لكنّه ، عند المتمسّكين بدينهم ، يأتي في درجة ، متأخّرة عن الدين ! فالمسلمون ، مثلاً ، مأمورون بترك أوطانهم ، إذا كان فيها متجبّرون ، يفتنونهم عن دينهم ! وقد أمَر النبيُّ ، في بدايات دعوته ، أصحابه ، بترك وطنهم ، مكّة ، والهجرة إلى الحبشة ، حين اشتدّ عليهم أذى المشركين ! وهاجر، هو ، إلى المدينة المنوّرة ، تاركاً مكّة ، مخاطباً إيّاها ، بالقول : والله إنك لخير أرض الله ، وأحبّ أرض الله إليّ ، ولولا أن أهلك اخرجوني منك ، ماخرجت !
الأسرة : ألصق بالإنسان من وطنه ، فإذا خاف على أسرته ، في وطنه ، ترك الوطن ، مهاجراً إلى مكان ، يأمن فيه على أسرته !
القبيلة : تأتي أهمّية القبيلة ، بعد أهمّية الأسرة ، في المجتمعات القبلية ، لكنها لاتقتضي ، أن يهاجر المرء من وطنه ، من أجلها ؛ بل قد يهجرها ، حرصاً على الوطن !
الحزب: تجمّع بشري ، قائم على أفكار سياسية معيّنة ، وله أهمّية خاصّة ، لدى أصحابه، لكنه يأتي في مرتبة متأخّرة ، عن مرتبة الدين والوطن والأسرة ، إلاّ إذا كان للحزب منطلقات دينية ، تعطيه أولوية ، على العناصر المختلفة !
المنصب : أمّا الولاء للمنصب ، فيأتي ، لدى أصحابه ، بدرجات مختلفة ، من الأهمّية ، منهم مَن يقدّمه ، على سائر العناصر المذكورة ، آنفاً ، ومنهم مَن يقدّمه على بعضها ، وهكذا!
المال : أمّا المال - وهو وسيلة أساسية للعيش – فيأتي ، لدى بعض الناس ، في مرتبة متقدّمة ، على كثير من العناصر المذكورة ، آنفاً ؛ إذ تحوّل ، لدى بعضهم ، من كونه وسيلة، إلى كونه غاية ؛ وإن كان أكثر العقلاء ، يضعونه ، في المرتبة التي يستحقّها ، بين العناصر المذكورة !
وهناك عناصر متعدّدة ، تأتي في أهمّية متأخّرة ، منها : النادي ، والمؤسّسة التي يعمل فيها المرء ، ونحوذلك ! والولاء لهذه العناصر، يأتي في مرتبة متدّنية ، عادةً ، عن الولاء ، للعناصر الآنف ذكرُها !
وسوم: العدد 847