أمريكا تواصل حربها على الشعب الفلسطيني
تصريحات وزير الخارجية الأمريكيّة بأنّ المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي العربيّة المحتلة وجوهرتها القدس، بأنّها شرعيّة ولا تخالف القانون الدّولي، ليست جديدة على السّياسة الأمريكيّة في حربها المعلنة على فلسطين وشعبها بشكل خاصّ، وعلى العرب بشكل عامّ، فقد سبق لأمريكا أن اعترفت في 6 ديسمبر 2017 بالقدس عاصمة لإسرائيل، كما قامت بإغلاق مكتب منظمة التّحرير الفلسطينيّة في واشنطن، وقطعت المساعدات عن السّلطة الفلسطينيّة، وفي محاولة منها لشطب قضيّة اللاجئين قطعت المساعدات عن وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين "الأنروا"، كما اعترفت بالسّيادة الإسرائيليّة على الجولان السوريّة المحتلة، ومع أنّ الإدارات الأمريكيّة جميعها وفّرت الحماية لإسرائيل في المحافل الدّوليّة، واستعملت حقّ النّقض "الفيتو" في مجلس الأمن الدولي عشرات المرّات لمنع إدانة إسرائيل، إلا أنّها لم تتوقّف عن تطبيق ما يسمىّ "صفقة القرن" لتصفية القضيّة الفلسطينيّة، مع العمل المتواصل لتنفيذ المشروع الأمريكيّ" الشّرق الأوسط الجديد"؛ لإعادة تقسيم المنطقة إلى دويلات طائفيّة متناحرة؛ لخدمة المشروع الصّهيونيّ التّوسّعيّ، ولتكون السّيادة المطلقة في المنطقة لإسرائيل التي تمثّل القاعدة العسكريّة الأمريكيّة المتقدّمة في المنطقة.
وأمريكا وما تمثّله كالدّولة الأعظم في العالم، تخرق القانون الدّوليّ بشكل مستمرّ، معتمدة على قوّتها العسكريّة والاقتصاديّة، كما تمارس إرهاب الدّولة في العالم لفرض هيمنتها وسطوتها كما تشاء، وإدارة الرّئيس الأمريكيّ ترامب الحاليّة هي الأكثر وضوحا في تطبيق هذه السّياسات، وتواصل تنكّرها لحقّ الشّعب الفلسطينيّ في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس.
والاعتراف الأمريكي بشرعيّة المستوطنات الإسرائيليّة في الأراضي المحتلة يعني أنّ أمريكا تعترف بأن هذه الأراضي جزء من إسرائيل، وأنّها ليست محتلّة ولا حتّى أراض متنازع عليها. وهذا الاعتراف الأمريكيّ ستتبعه إجراءات أخرى أكثر بشاعة، وقد يكون منها الطرد الجماعيّ"الترانسفير" للمواطنين الفلسطينيّين، تنفيذا لقرار"قوميّة الدّولة" الإسرائيليّ. وأمريكا بقراراتها هذه، وبتنكّرها للقانون الدّوليّ، ولقرارات الشّرعيّة الدّوليّة بخصوص القضيّة الفلسطينيّة، تقود المنطقة لصراعات لا نهاية لها، وستدخلها في حروب متواصلة، وستزيد الصّراع تعقيدا، ومخاطر ذلك ستتعدّى حدود المنطقة ممّا سيهدّد السّلم العالميّ.
وبالتّأكيد فإنّ القرارات الأمريكيّة التّدميريّة جاءت في مرحلة التّردّي التي يعيشها النّظام العربيّ الرّسميّ الخاضع تماما للإرادة الأمريكيّة، ولن تتوقّف السّياسة العدوانيّة الأمريكيّة على دول وشعوب المنطقة، ما لم تتغيّر مواقف دول المنطقة تجاه السّياسة الأمريكيّة، فسياسة بيانات الشّجب والاستنكار ما عادت ذات جدوى. فهل ستتداعى الدّبلوماسيّة العربيّة والجامعة العربيّة لطلب اجتماع عاجل لمجلس الأمن الدّوليّ، وللجمعيّة العموميّة للأمم المتّحدة لتجنيد العالم ضدّ القرارات الأمريكيّة بخصوص القضيّة الفلسطينيّة؟
وسوم: العدد 851