الحقوق المُختطَفة ، في المجتمعات المُختلِفة !
تختلف المجتمعات ، اختلافات كثيرة ، ومن زوايا عدّة ، في نظرتها ، إلى كلّ من الرجل والمرأة ، بحسب الأزمنة والأمكنة والبيئات .. وسنركّز الحديث ، هنا ،عن حقوق المرأة !
نماذج :
المرأة عند العرب ، في الجاهلية :
كانت المرأة ، عند العرب ، قبل الإسلام ، في كثير من المناطق ، منقوصة القدر، مهدورة القيمة ، مسلوبة الإرادة : تُزوّج رغماً عنها ، بالصورة التي يراها وليّ أمرها، من أب، أو أخ، أو غيرهما ! ولا حقّ لها ، في شيء ، من مال ، بل لاحقّ لها ، في التصرّف بأمر نفسها ! وكان الابن ، في بعض القبائل ، يتزوّج زوجة أبيه !
لقد كان المجتمع قبَلياً ، يقوم الكسب فيه ، في أكثر الأحيان ، على الغزو والسلب ، فالقبائل يغزو بعضها بعضاً ، وينهب بعضها أموال بعض ، حتى قال الشاعر القديم :
وأحياناً ، على بَكرٍ، أخينا إذا مالمْ نَجِد إلاّ أخانا !
ولمّا لم تكن المرأة محاربة ، فقد كانت متدنّية القدر،عند أهلها ، بل إن بعض القبائل ، كانت تَخجل ، من ولادة البنت ؛ فكان بعض الرجال ، يَئِد ابنته ، وهي حيّة ، خوفاً من أن تجلب له العار، أو تهرّباً من مأكلها ، في حالة الإملاق !
وقد وردت ، في القرآن ، آيات عدّة ، تعبّر، عن حالة الرجل ، الذي يرزقه الله بنتاً !
قال تعالى : (وإذا بُشّر أحدُهم بالأنثى ظلّ وجهُه مُسودّاً وهو كَظيم * يَتوارى من القوم من سوء مابُشّر به أيُمسكه على هُونٍ أم يَدسّه في التراب ألا ساءَ مايَحكُمون) .
كما وردت آيات ، تشير إلى الوأد .. قال تعالى : (وإذا المَوؤدةُ سُئلتْ * بأيّ ذنبٍ قُتلتْ).
المرأة في الإسلام : لمّا جاء الإسلام ، كرّم المرأة ، وأعاد إليها القيمة ، التي تستحقّها:
فهي تأخذ حقّها ، من الميراث ، ولايجوز، أن يحرمها منه أحد ! كما أنها لاتُزوّج ، إلاّ بإذنها وبموافقتها ، ولها شخصية مالية مستقلّة ، لايحقّ لأحد ، الاعتداء عليها ! فمِن حقّها أن تنمّي مالها ، بالتجارة وغيرها ، من اساليب تثمير المال !
وثمّة مبادئ إسلامية عامّة ، مثل : النساءُ شقائقُ الرجال .. الجَنّة تحت أقدام الأمّهات.. ! وقد مات رسول الله ، وهو يوصي بالنساء خيراً !
وهناك حقوق كثيرة للمرأة ، لايتّسع المجال ، هنا ، لاستقصائها !
المرأة ، في بعض الديانات :
بعض الديانات القديمة ، تأمر بإحراق الزوجة ، التي يموت عنها زوجها !
وبعض الديانات ، كان يَشكّ سَدنتُها ، بالمرأة : أهي إنسان ، أم شيطان ؟
ولن نقف ،هنا، عند المرأة ، في الغرب ، في العصر الراهن ؛ كيف كان أمرها، وكيف صار، ففي ذلك طرائف وغرائب ، مأساوية هزلية ، في الوقت ذاته ! ولعلّ الحديث ، عن هذا ، يأتي في وقت لاحق ، في مكان آخر! إنّما سنقف ، هنا ، وقفة قصيرة ، عند المسلمين ، الذين يعطون المرأة حقّها ، حسب مبادئ الإسلام .. وعند المسلمين الآخرين ، الذين يمارسون العادات الجاهلية ، في التعامل مع المرأة !
وحسبُنا أن نقول :
إن المسلمين ، المتمسّكين بأحكام الإسلام ومبادئه ، يحرصون ، على إعطاء المرأة حقوقها ، التي أعطاها الله إيّاها : مادّياً ومعنوياً !
وإن المسلمين ، الذين يهملون شرع الله ، في التعامل مع المرأة ، ويعودون ، في تعاملهم معها، إلى الأعراف الجاهلية القديمة ، ويحرمونها ، من أكثر حقوقها ، المادّية والمعنوية ، إنّما يُسمّى مجتمعهم ، في بعض الأدبيات: مجتمعاً ذُكورياً ! والحقيقة ، هي أن هذا المجتمع ، بسائر بيئاته، وتصرّفات رجاله، ليس مجتمعاً ذُكورياً، أو لايجوز، أن يُسمّى مجتمعاً ذكورياً، بل هو مجتمع، منحرف عن مبادئ الإسلام ، وأحكامه وأخلاقه ، متمرّد عليها ، برغم أن الكثيرين ، من رجال هذا المجتمع ، يدينون بالإسلام ، ويؤدّون العبادات المفروضة ، لكنهم مغلوبون ، بشهوات مختلفة ، منها: شهوة التسلّط ، وشهوة كسب المال الحرام ، إضافة إلى الجهل، أحياناً، وبعض أمراض النفوس ، أحياناً !
وسوم: العدد 852