الملاهي السياسية .. والملاهي الليلية : أيّها أخطر؟ ومَن يلهو بمَن ؟
في الملهي الليلي : يظنّ الزبون ، أنه يلهو بالراقصة ، أو المطربه : بجسدها الراقص ، أو بصوتها الشجي ّ ، أوبهما ، معاً ! وتظنّ ، هي ، أنها تلهو بالزبون : بعقله وعواطفه .. وتسلب ماله !
فمَن يلهو بمَن ، أكثرَ من غيره ؟ وهل يتساوى لهوُهما ؛ من حيث تأثيره ونتائجه ، أم المهمّ ، عند كلّ منهما ، أن يحقّق مأربه ، بصرف النظر، عما يربح منه الآخر! ويظلّ اللهو ، هنا ، لهواً فردياً !
وفي الملهى السياسي :
يلهو كلٌّ بكلٍّ .. فمَن يحقّق أهدافه ، أكثرَ من غيره ؟ وهل يُكتفى ، هنا ، بالمال والجسد والعواطف .. أم ثمّة عناصر كثيرة ، تَدخل في الحساب ؟ ( بعضُهم يُسمّي العمل السياسي : لعبة سياسية) !
عملية اللهو السياسي معقّدة ، بل شديدة التعقيد : أهدافها ضخمة ، واللاهون فيها أصناف ، مختلفة عن أصناف اللهو الليلي !
اللاهون: زعماء وقادة ، ووجهاء وساسة.. منهم المحترف ، ومنهم المبتدئ ، منهم الخبير المتمرّس، ومنهم الغرّ الساذج والهاوي .. منهم صاحب النيّة الحسنة ، والهدف السامي .. ومنهم صاحب النيّة السيّئة ، والهدف الرخيص.. منهم مَن يَحمل هدفاً عامّاً لشعبه..ومنهم مَن يحمل هدفاً فرديّاً لشخصه.. منهم من يَرسم أهدافاً واضحة ، في ذهنه ، يسعى إلى تحقيقها ، وفقاً للظروف والمعطيات ، والأنساق القائمة ، في بيئته ، أو ميدان عمله .. ومنهم من يَحلم أحلاماً طوباوية ، لامجال لتحقيقها، على أرض الواقع .. منهم من يردّد شعارات ، يقود بها الناس ، عبر قرارات يصنعها ، عن وعي وتصميم .. ومنهم من يكتفي بالشعارات، التي يردّدها ، ويسمع أصداءها ، تتردّد عبر حناجر الآخرين .. منهم من يصنع ، بنفسه ، أهدافه ، ويضع لها الشعارات المناسبة .. ومنهم من يَصنع له أهدافَه ، غيرُه ، داخلَ بلاده ، أوخارجها ، ويصمّم له شعاراته ، المناسبة لعقول الناس وعواطفهم، ليجرّهم ، من خلالها ، إلى مايريد ، أو إلى مايريده ، مَن صنع له أهدافه ، وصمّم له شعاراته !
بعض اللاهين فئات ، من الشعوب :
بعض الفئات ، عناصر موالية للفرد ، صاحب الهدف والشعار والقرار، مراهنة عليه !
وبعض الفئات ، عناصر حزبية ، أو مناصرة للحزب ، مراهنة عليه !
والمسرح السياسي ، مسرح صراع دائم ، يَعنف أحياناً ، ويفتُر أحياناً ! وهو، هنا ، يختلف ، عن مسرح اللهو الليلي !
والرهان ، في المسرح السياسي ، مشترك ؛ كلٌّ يراهن على كلّ : اللاعب السياسي ، يراهن على الجماهير ، والجماهير تراهن عليه ! والمقصود بالجماهير، هنا ، العناصر الموالية والمؤيّدة ، للشخص ، او للحزب !
والإخفاق في المسرح السياسي ، قد يكون مؤذياً للأّعب السياسي ، وقد يكون مدمّرا له ، كما أنه قد يكون مؤذيا للجماهير، أو مدمّرا لها ، نفسياً ، بخيية الآمال .. أو سياسياً ، أو اقتصادياً !
وكم من أمّة راهنت على زعيم ، ثم خاب أملها فيه ، بعد أن ظهر لها إخفاقه ، أو عمالته لأعداء أمّته! وقد تكون خيبة الأمل في الزعيم ، محبطة لآمال الكثيرين ، من أبناء الأمّة ، فتصبح تجربتها معه ، مثلاً في السوء ، تتحاشى مثلها ، حتى لو جاء بعده ، رجل صادق حرّ مستقيم !
وما أكثر النماذج ، هنا !
وسوم: العدد 865