يوم المرأة العالمي
شاهدت وثائقيا جديدا على القناة الألمانية dw بمناسبة يوم #يوم_المرأة_العالمي يتحدث عن حقها في عدم الإنجاب، ويستعرض حالات أمهات ندمن على إنجاب طفل أو طفلة لأنه حرمهن من ممارسة حياتهن بحرّية، كما تحدثت أخريات عن عدم شعورهن أصلا بالرغبة في الأمومة منذ الصغر.
الحديث هنا مشحون بالثورة على الدين والتقاليد، فالمجتمع المسيحي كان يفرض على نساء القرون الوسطى الاقتصار على دور الأمومة، ثم جاءت #العلمانية لإخراج المرأة من هذا التصور القاصر لدورها، ومنحها الحرية في اختيار أدوار أخرى.
من هذا المنظور لا أجد مشكلة، فنحن لا نجد في الإسلام نصا يفرض الإنجاب على أحد، وغاية الأمر أن النصوص تحث على التكاثر، ثم اختلف الفقهاء في حكم قطع النسل لعدم الحاجة، مع إباحة أو كراهة تحديده (تقليصه).
والأمر عندنا متعلق أصلا بالغاية من الوجود، فرديا واجتماعيا، فعندما يُسلم المسلم لله، بمعنى الاستسلام والتسليم، يصبح الإنجاز المادي الرأسمالي المجرد عن القيمة خطيئة لا فضيلة.
المرأة عندنا إذا كانت طموحة فلا يحرمها الإسلام من توظيف طاقاتها واهتماماتها العامة فيما ينفع الناس، بل يشجعها ويعدها بالأجر في الآخرة، طالما كان ذلك كله مكرسا لعبوديتها لله.
وبنفس المعنى يصبح إنجابها للطفل وتربيته أيضا عبادة ورسالة، تستمتع بها وتؤجر على أعبائها.
أما عندما تنزع هذه العبودية من الصورة ويصبح الإنجاز بذاته غاية، فمن الطبيعي أن نسمع في الفيلم عبارات كثيرة عن تذمر المرأة العلمانية من هذا العبء، وعن التفسير الغرائزي البحت للرغبة في الإنجاب ثم الندم عليه. المرأة هنا تصبح كأي أنثى من الثدييات تنحمل عناء الحمل وما بعده من آلام ومصاعب بدافع غريزة إبقاء النوع (التكاثر)، لكن عندما يصيبها الضعف –وهو أمر يحدث كل يوم- تتساءل بحرقة بالغة عن السبب الذي يدفعها للصبر على كل هذا. هي تصر على أنها لا تكره طفلها لكنها تكره هذا الواجب، لأنه لا يرتبط أصلا بأي غاية ولن تنال به في النهاية أي مكافأة.
هذا البعد الفلسفي لن يعترف به الفيلم حتما، ولن يفسر به المفكرون هناك سبب تدهور المجتمعات الغربية وتناقص أعدادها إلى درجة دق نواقيس خطر الانقراض.
المرأة الحداثية ليست شريرة، ولا حمقاء. هي جزء من مجتمع معلمن فاقد للبوصلة، كما كانت المرأة في القرون الوسطى المسيحية جزءا من مجتمع يفرض عليها أيضا ثقافة أخرى. لكن المرأة اليوم تدعي فقط أنها أكثر حرية دون أن تعلم إلى أي مدى يتم تضليلها.
وسوم: العدد 867