لِمَاذَا جِئْنَا .. ؟

د. حامد بن أحمد الرفاعي

clip_image002_9e9b5.jpg

فخامة البابا يوحنا بولص الثاني يستقبل معالي البروفيسور حامد الرفاعي

ويرى في الوسط معالي الشيخ عبد الله بن بيه

 

في عام ١٩٩٢م تَوجَه وَفدٌ بِرئاسَةِ مَعالي الأستاذ الدكتور عبد الله بن عمر نصيف / الأمينُ العَامُ لِرَابِطَةِ العَالم الإسلاميَّ للحِوارِ مَع الفَاتِيكانِ.. وَكنتُ يَومئْذ مُسْتَشَاراً لِمَعَاليهِ للشُؤونِ الثَقافيَّةِ والفِكريَّةِ, وَعضواً في المَجْلسِ الأعلَّى العَالميِّ للمَساجدِ في الرابِطَةِ ..ولَمَا التقينَا فَخَامَة بَابَا الفَاتِيكانِ بِحُضورِ وَفْدٍ مِنْ كِبَارِ الكرَادِلَةِ ..قُلنَا لَهم: نَحْنُ مَا جِئْنَا لِنُؤسلِمَكم .. رَغمَ أنَّ ذَلِك رَاغبَةٌ قَائمَةٌ في نُفوسِنَا ..لأنَّنَا نُحِبُ أنْ يَكونَ النَّاسُ علَى مَا نَحْنُ عَليهِ مِنَ الإيمَانِ وَالاعتِقادِ.. وَبِالمُقَابِل نَرْجُو أنْ لا تُحَاولوا تَنْصِيرنَا لِمَا نَعْلَمُ أنَّ ذَلكَ أيضاً رَغبَةٌ قَائمَةٌ في نُفُوسِكم.. حُباً بِأنْ يَكونَ النَّاسُ علَى مثلِ مَا أنَتُم عَليهِ مِنَ الإيمَانِ وَالاعتِقَادِ.. إذاً لِمَاذَا جِئْنَا..؟ قُلنَا: نَحْنُ جِئْنَا لأنَّنَا نرى أنَّ المَسيرَةَ البَشريَّةَ في خَطرٍ .. وَإسْلَامُنَا يَدْعُونَا وَيَحْفِزُنَا لِنَعملَ مَا يُمكنُ عَملُه ..مِنْ أجلِ تَصحِيحِ وَتَرّشِيدِ المَسيرِةِ البَشريَّةِ ..لِتَكونَ مَسيرَةَ عَدْلٍ, وَأمْنٍ, وَسَلَامٍ تُعزِزُ قُدْسيَّةَ حَيَاةِ الإنْسَانِ، وَكَرَامتَه، وَحُريَّتَه ، وَمَصَالِحَه .. وَتَصونُ سَلَامَةَ البيئَةِ, وَتُحققُ التَعَايُشَ الآمنَ بِيْنَ المُجْتَمَعاتِ .. فَهْل لَدِيكمُ استِعْدادٍ للتَعاونِ مِنْ أجلِ إنْجازِ هَذِه الغَايَاتِ الإنْسَانِيَّةِ النَبيلَةِ الجَلِيلَةِ ..؟ فَأومَأ فَخَامَةُ البَابَا بِرَأسِهِ بِالمُوافَقةِ.. وَشُكِّلَت لِجْنَةٌ مُشْتَركَةٌ لِتضَعَ خِطْةٌ عَملِيةً لِتَحقيقِ ذَلِكَ .. وَمَضَى الحِوارُ بَيْنَنَا سَلِساً في تَحقيقِ أهدافِهِ.. وَعِنْدَمَا جَرى تَقْييمٍ لِمُنْجَزاتِ حِوارِنَا.. وَجدنَا أنَّنَا قد أصْدَرنَا عَدَداً مِنِ البيَانَاتِ المُشْتَرَكةِ تَتضمَنُ مَا يَزيدُ عَنْ ٤٧ مَادةٍ دَسْتُوريَّةٍ حَوْلَ مَا نَسْعى إليهِ.. وَلّمَا اطلَعَ عَلِيهَا سُمو الأمير سُعود الفيصل - رحمه الله تعالى - قَالَ:(فِيْن أنتُم مُستَخِبِين ..؟) قُلتُ: إنَّ الإعْلَامَ مُنْشَغلٌ بِهَزِّ الشِبَاكِ وَهَزِّ الأردَافِ ..وَلَمْ يَعْتَني بَعْدُ بِعصْفِ الأذْهَانِ وَالضَمَائِرِ.. والسُؤالُ الذي يَطْرَحُ نَفسَه : مَا هو أثرُ ذَلِكَ في تَصْحِيحِ المَسيرةِ البَشريَّةِ ..؟ والجَوابُ: لِلأسَفِ يَكَادُ الأثرُ لا يُرى ..وَلَكن لِمَا..؟ ذَلِكَ لِأنَّ إرَادةَ الفِكْرِ مَعْزُولَةٌ عَنْ إرَادَةِ الفِعْلِ السْيِاسيِّ .. وَهَاهُم النَّاسُ اليَوْمَ بِانْتِظَارِ تَزَاوجٍ وَتَكَامُلٍ جَادٍ بِيْنَهُما ..وَذَلِكَ لِتَسْعدَ البَشريَّةُ بِولادَةِ مُجْتَمَعاتٍ إنْسِانيٍّةٍ حَضَاريَّةٍ رَاشِدَةٍ .. أمَّا مَتَى هو ..؟ لَعَلَهُ - إنْ شَاءَ اللهُ تعالى - يَكونُ قَرِيباً.. ومَا ذَاكَ عَلَيه سُبحَانه بِعَزيزٍ.

وسوم: العدد 880