صابر الدوري.. بطل من ذاك الزمان
ان المخاوف التي تنتاب ما يسمى بالحكومة العراقية من تردي ألاوضاع الداخلية تشير بوضوح الى أن مجرى الرياح في العراق بدأ يتخذ اتجاهات معاكسة لرغبة السفان وطاقمه ولابد من وضع حد للعبث بمقدرات السفينة، فرياح السموم أخذت تقلق الشعب العراقي وهو يرى نفسه على في لج عميق يهدده بالغرق، فلا بصيص نور في المنارات ترشد التائهين، فكل الطرق في العراق تؤدي الى الطوفان. وبدلا من قيام الحكومة بمعالجة الموقف المتردي بشكل عام، وكسب ود الشعب فإنها ما تزال نتتهج مبدأ العنجهية والغطرسة تجاهه، وهذا الصفات ليست وليدة الصدفة او المرحلة، بل إنها مستمدة من اسيادهم في ولاية الفقيه، ونظرتهم الدونية الى العرب عموما، كأنهم بناة الحضارة، وليس من خربوها، وسفكوا دماء البشر، وانتهكوا الحرمات، ومع ان الإسلام نقلهم نقلة نوعية من نار المجوس الى رحاب الإيمان، لكن العلة ما تزال متجذرة في الحكام على أقل تقدير.
ان قيام الحكومة بتوسيع دائرة التآمر وهو تآمر مكشوف ومرهون بظروف متغيرة لا يمكن الأعتداد بها، تتجاوز طاقة التحمل عند الشعب العراقي، و تثير ردود فعل متفاوتة على الصعيد الوطني والعربي والدولي، فقد اصبحت ادارة البلد عبئا كبيرا على الشعب، كما أن ثقتهم بالحكومة صارت في مهب الريح، المشاكل تحولت من تل الى جبل، ومن ساقية الى بحر، ولا معالجة صادقة لما يجري، فلو تركنا الوضع الإقتصادي والصحي والخدمي والثقافي جنبا لأنه الدخول فيه أشبع بضياع طفل بين أحراش كثيفة وعالية فلا هو قادر على ايجاد السبيل، ولا أحد قادر على إرشاده اليه، وتحدثنا عن الجانب الإنساني فقط، نجد ان السجون العلنية والسرية مليئة بالأبرياء، وعلى الرغم من قرار إطلاق سراح السجناء وغالبيتهم من ضحايا وشاية المخبر السري والرموز الوطنية والأبرياء وفق المادة/ 4 إرهاب (تخص أهل السنة فقط) فإن الميليشيات التي تبسط نفوذها على إدارة السجون ترفض اطلاق سراح الأبرياء الا بعد دفع رشاوي كبيرة، والقضاء أضعف من أن يؤدي دوره في ترسيخ العدالة، ولو بنسبة العشر، قضاء مسيس وصفه العميل الايراني (هادي العامري) بقوله" ابن أمه (القاضي) الذي لا يخضع للتهديد". في بلد يمارس الجواسيس والعملاء نفوذهم في تركيع القضاء لا يمكن ان تقول للبلد قائمة، فالعدل أساس الملك، ولكن من اين لقضاتنا الضمير ان كانوا يخافوا من هو في الأرض ولا يخافوا من هو في السماء! عندما يبيع القاضي شرف المهنة، فالتأريخ سوف لا يرحمه، والشرع سينبذه، والشعب سيزدريه، وخازن النار سيأويه.
من المؤسف ان يكون كبار رموز العراق في السجن، وكبار رموز العمالة خارجه، من المؤسف ان يكون الرجل الوطني داخل السجن، والذيل العميل خارجه، ومن العيب ان يحاكم العميل الرمز الوطني ويدمر حياته، ومن العيب على القضاء أن يصدر امرا، لا ينفذ من قبل الوحدات الإدارية الدنيا، ومن العار ان ينام المدعي العام وفي السجن من أتعب السهر جفونه، ومن العار على رئيس الوزراء ان لا يلبِ رغبة الشعب في إطلاق سراح الرموز الوطنية، الذين تهمتهم العلنية محاربة الغزاة، والباطنية محاربة الغزو الفارسي للعراق خلال الحرب العراقية الايرانية.
انه من عجائب هذا الزمن الذي ازدهرت فيه العمالة والإرهاب والقمع والفساد والمخدرات والرشاوي والتزوير ان تزعم القوى الشيعية الحاكمة بأن هدفها الرئيس هو طرد قوات الإحتلال الامريكي من العراق، مع ان قوات الإحتلال هي التي جلبت هؤلاء الجواسيس والعملاء والذيول من ايران ولبنان وسوريا والولايات المتحدة واوربا وسلمتهم ادارة البلد، كانوا عبيدا يعتاشون على عمولات من المخابرات الأجنبية، وصاروا اسيادا يتحكمون بثروات البلد، والأعجب منه انهم بدلا من تكريم الرموز الوطنية التي حاربت قوات الإحتلال الامريكي التي يطالبون بطردها، بإعتبار ان الرؤية والهدف واحد، فان الرموز الوطنية لا تزال قابعة في السجون، لا أفهم ولا غيري يفهم كيف تزعم انك تحارب الامريكان، وترفض اطلاق سراح من حاربهم؟ هل هناك من يحل لنا هذا الطلسم؟
الأعجب منه ان الذين جاءوا على ظهور الدبابات الامريكية البارحة، هم أنفسهم اليوم يطالبون بطرد القوات الامريكية، وهم انفسهم الذين يرفضوا اطلاق سراح رموز العراق كالفريق الركن صابر الدوري وسلطان هاشم وعبد الواحد شنان آل رباط وغيرهم من رموز العراق الوطنية. ان الشعب العراقي بإستثناء الذيول يطالب بإطلاق سراح رموزه الأبطال، وليس هذا فحسب بل الإعتذار منهم وتكريمهم وتعويضهم عن سنوات الظلم التي قضوها في السجن، فهم ابطال ونشامى وغيارى رغما على انوف الغارقين في وحل العمالة، كما ان غالبتهم وصلوا الى سن الشخوخة، ولا نفهم ما الغرض من ابقائهم في السجن، ولماذا رسمت الحكومة العميلة مسيرتهم من السجن الى القبر؟ كما حصل مع البطل الهمام عنوان فخر العراق سلطان هاشم رحمه الله واسكنه فسيح جناته؟ والله انه لعار ما بعده عار في جبهة الحكومة العراقية والرئيس العراقي والبرلمان والقضاء والمدعي العام الذين وقفوا عاجزين أمام هذه القضية الإنسانية، وبيدهم الحلٌ والربط.
كي لاتضيفوا عارا جديدا على مسلسل عاركم، اطلقوا سراح البطل العراقي صابر الدوري، سيما ان محكوميته انتهت، وكفاكم ظلما، فدعوة المظلوم تصل الى أعنان السماء، ويا ويلكم من غضب الجبار، ويا ويل ابنائكم واحفادكم من غضب الشعب العراقي، نضم صوتنا الى اصوات شيوخ العشائر على الرغم من ان المبادرة جاءت متأخرة كثيرا، ولكن ان تأتي غير من ان لا تأتي، ولابد للشيوخ الكرام من الإصرار على تنفيذ مطلبهم ومقابلة رئيس الوزراء والمدعي العام لتنفيذه، وكذلك الضغط على القضاء الذي لا نعرف سبب صمته عن العبث والسخرية بعدم تنفيذ قرارته من زمرة لم تسمع بشيء اسمه الإنسانية أو العدالة. نهيب بالأقلام الشريفة مؤآزرة مبادرة الشيوخ الكرام، وتحفيز بقية الشيوخ ممن لم ترد اسمائهم في القوائم بأن ينضموا الى قافلة المجد والكرامة، لا تنسوا التأريخ يسجل وسيأتي اليوم الذي يُخلد فيه الإنسان من عدمه.
وسوم: العدد 886