والدرس اليوم من أفغانستان ... المصالحة الوطنية في الدوحة ..

زهير سالم*

ندعو للقاء الأفغان في العاصمة القطرية الدوحة بالتوفيق والنجاح .. وعمر الأزمة الأفغانية الأخيرة أكثر من أربعين عاما .. ففي أواخر السبعينات ثار الأفغان ضد السوفييت وعميلهم المحلي " بابراك كارمل " هل يذكركم اسمه بأحد في سورية ؟!

ثم تطور الصراع في أفغانستان من صراع مع المحتل السوفييتي - الروسي إلى صراع بين الفصائل الأفغانية ، ولمعت ، ولمعت في فضاء أفغانستان أسماء ، ثم فُجعت الأمة بها ،. وظهرت على أنقاض كل ذلك حركة طالبان كوريث للفصائل ومشروعها .... وكانت الباقي منها حتى اليوم .

ورغم أنها قد غلب عليها الكثير مما نراه تشددا أو تطرفا عندنا في الشام ؛ إلا أنها كانت تمثل شريحة من المجتمع الأفغاني ، أؤمن أنه ليس من حق أحد أن يفرض الوصاية على ثقافة المجتمعات .

 أكثر من عقدين والصراع مستمر بين المحتل الأمريكي ومن ثم النظام المحلي التابع له ، وبين القوى المجتمعية التي تمثلها بالعموم طالبان ..صراع كلف الكثير من الآلام والتضحيات ..!! وها هم القوم على موائد المفاوضات . ومن حقنا أن نتفائل ، ومن واجبنا أن نشجع ..

لأخلص معكم إلى الدرس الذي نستنبطه من هذه التجربة اليوم ..

الدرس الأول - في المعادلات الوطنية المستقرة لا يستطيع أحد أن يلغي أحدا ، أو أن يستأصله ، أو أن يقصيه إلى الأبد ، قد يفعل ذلك بعضهم إلى حين ، ولكنهم في النهاية سيكونون الخاسرين ..

الدرس الثاني - لا يموت حق وراءه مطالب ؛ مهما ضعف طالب الحق في ظرف ما . فالحق في نفسه قوة لا تموت وعلى المطالبين بالحق ، الممسكين به أن يعوا هذه الحقيقة تماما .

الدرس الثالث - لكي تنجح التسويات المجتمعية ، والتسويات السياسية؛ يجب أن يشعر كافة الأطراف العضوية والاعتبارية، أنهم حاضرون فيها ، مؤثرون في معادلاتها ، شركاء في قرارها . في دروس الكيمياء تعلمنا أن دور بعض المعادن الخاملة أن تكون وسطا في إتمام التفاعلات ، ثم ترسب مع الترسبات ، وتهمل مع النفايات .. مثل هذا لا ينجح في تاريخ السياسة والاجتماع ..

دراسة تجربة طالبان في الدوحة اليوم أمر مهم للأمريكان ، وللكرازيين ، وللطالبانيين أنفسهم ..

اللهم املأ القلوب بالحق والعدل والسلام والحب ..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 894