الفقيه.. بين السلطة والمجتمع
الفقيه.. بين السلطة والمجتمع
معمر حبار
في جلسة دامت ساعتين مع العالم الفقيه، حول فنجان قهوة وقطعة حلوى، تشعب الحديث، ومما جاء فيه..
الدائرة قوام المجتمع وعلى أساسها يبنى، ولا يتقدم أحد على الآخر، إلا بما تفوق به على الأخر.
والدائرة، تضم.. الطبيب، والمهندس، والتاجر، والعسكري، والفقيه، والأستاذ، والرياضي، والسينمائي، واللغوي، والمؤرخ، والفيزيائي، والسياسي، والزارع، والمستورد، والمصدر، وغير ذلك من الوظائف التي يحتاجها المجتمع وتقوم عليها الدائرة.
إذن، المجتمع لايبنى على مثلث له رأس وقاعدة، فذاك بناء يصلح للعبيد والسادة، وفي الثكنة العسكرية حيث تطاع الأوامر دون نقاش. بينما المجتمع يبنى على دائرة، حيث الأخذ والرد، والمناقشة، والتمحيص، وعدم الاستحواذ والاحتكار، ودون تسلط من أحد ولا تبعية لأحد.
إن كانت رياضية، تقدم الرياضي. وإن كانت طبية تقدم الطبيب. وإن كانت علمية فنية، تقدم الفيزيائي والرياضي والكيميائي. وإن كانت فقهية تقدم الفقيه.. وهكذا تستمر المواضيع، ويتقدم صاحبها، ومن يملك المؤهلات الخاصة لمعالجتها، وإيجاد الحلول المناسبة لها.
إذن الفقيه، عنصر من عناصر المجتمع، لايتقدمهم ولا يتأخرهم، ومكانة الآخرين بقدر حاجة المجتمع إليهم، والفقيه لايختلف عن أهل الاختصاص الآخرين في شيء.
هذه الأسطر، تقودنا إلى القول.. مادخل الفقيه في الإضراب والمظاهرات، وهي من الشأن العام، تقوم وتصحح عبر الزمن، وتتسع وتضيق حسب الإيجابيات والمخاطر، وليست من الدين، ولا العقيدة. لماذا إذن يتدخل الفقيه، ويتملق إلى السلطان ويتقرب إيه.. بحرمة الإضراب.
فالمجتمع على شكل دائرة، لايتقدم أحد ولا يتأخر، والتقدم والتأخر يكون حسب القضية المطروحة، والمراد علاجها. والمجتمع، لايطلب من الفقيه أن يصطدم مع الحاكم، ولا يريد فقيها يتملق للحاكم، بما يرضيه، ويخدم دنياه.