وقالت: «مهزلة اسمها وزير الإعلام»… فمن اختار المهزلة؟!
لم يقلها أحد في قنوات تركيا، كما لم يقلها معارض عبر قنوات «الجزيرة» إنما قالتها واحدة محسوبة على النظام ودوائره العسكرية «مهزلة اسمها وزير الدولة للإعلام» وذلك في سياق حرب داحس والغبراء المنصوبة الآن بين الأذرع الإعلامية للسيسي، ومعركة تمزيق الملابس بينهما!
أما القائلة فهي فاطمة سيد أحمد، وهي محررة عسكرية عريقة، وعندما حكم العسكر، كانت صلتهم بالصحافة مقطوعة، فلم تكن ضمن اختصاصهم الوظيفي في زمن مبارك، وكان الأمر فيها معقوداً على مستوى الأجهزة الأمنية لجهاز مباحث أمن الدولة، وربما تعرف المخابرات بعض الأسماء من بعيد. فلم يكن أمام الحكم الجديد سوى هؤلاء الذين يعرفهم وهم «المحررون العسكريون» الذين تكلفهم صحفهم بتغطية أخبار وزارة الدفاع ومناوراتها، فوقع الاختيار عليهم لإدارة المؤسسات الصحافية واختيرت فاطمة سيد أحمد، المحررة العسكرية لمجلة «روز اليوسف» رئيسة للمؤسسة، قبل أن يجري تدويرها فتعين عضواً في الهيئة الوطنية للصحافة، باعتبارها وظيفة، لا تحتاج إلى جهد أو قدرة على الإبداع، وعينت الراحلة سامية زين العابدين، العضو المؤسس لحركة «احنا آسفين يا ريس» بعد الثورة، عضواً في الهيئة الوطنية للصحافة أيضاً!
ومن المحررين العسكرين، ياسر رزق، رئيس مجلس إدارة مؤسسة «أخبار اليوم» إلى وقت قريب، وأسامة هيكل، وزير الدولة للإعلام حتى ساعته وتاريخه؛ فليس مؤكداً أنه سيبقى طويلاً في موقعه، وهو الطرف الأضعف في معركة الأذرع الإعلامية، لأنه في مواجهة خاسرة مع الجمعية السرية، التي تحكم الإعلام المصري، وقد تبين أنها تملك كل وسائل الإعلام، بما في ذلك التلفزيون الرسمي، فاستخدمته في المعركة ضد الوزير نفسه، الذي ثبت أنه لا تنحاز له قناة، أو موقع، أو محطة إذاعية، أو صحيفة، ولم تذع أي شاشة بيانه الذي دعا فيه لوحدة الصف، حتى لا تستغل قنوات الأعداء في تركيا وما حولها، هذا الخلاف لتهديد الأمن القومي المصري، ونسي أن يقول إن مشاجرتهم تهدد الأمن والسلم الدوليين!
دائرة الاختيار
وبعيداً عن أسامة هيكل، وفشل جلسة الصلح التي عقدها بعد استشعاره بأنه الجهة الأضعف في المعركة، فإن فاطمة سيد أحمد لا تعمل لخدمة أهداف الجماعة الإرهابية، ولا يمكن قبول أنها تقدم بوصفها السابق «مهزلة اسمها وزير الدولة للإعلام» خدمة لصالح القنوات الإخوانية التي تعادي الدولة المصرية، وقد صفت الوزير بالمهزلة، لنصل إلى «بيت القصيد» ومن الذي اختار هذه «المهزلة» ومن الذي سهل له عملية تولي المنصب مرتين؛ الأولى وزيراً للإعلام في عهد المجلس العسكري، والسيسي أحد أعضائه البارزين بحكم علاقته بالمشير محمد حسين طنطاوي. أما الثانية فهي وزير دولة للإعلام وبالاختيار الحر المباشر للسيسي بصفته وشخصه، فهل يعقل أن يختار السيسي «مهزلة» وبشهادة واحدة من دوائره القريبة، التي فشلت في الوظيفة الأولى، فأعيد تدويرها لتكون عضو الهيئة الوطنية للصحافة، في ظل سلطة حكم تتعامل مع الوظائف باعتبارها حركة تنقلات، داخل جهاز الشرطة، بما يثبت أن دائرة الاختيار أمام السيسي محدودة؟!
فأسامة هيكل يتم اختياره وزيراً للإعلام، وعندما يضطروا للإطاحة به بعد أحداث ماسبيرو، والرسالة التحريضية التي قام بها التلفزيون وأغضبت البابا، تكون الاستعانة به في هندسة البرلمان، ليكون أحد نجومه ورموزه، وعندما يعيد الوزارة لا يجد أمامه سوى أسامة، والأمر نفسه ينطبق على فاطمة سيد أحمد وغيرها!وعندما يشعر القوم بالفشل في مواجهة القنوات التي تبث من تركيا، يتم إعادة «قوات الاحتياط» فتعود لميس الحديدي ويعود إبراهيم عيسى، ومحمد شردي، والبقية في الطريق، فلا اختيارات جديدة، ولا صناعة لفريق إعلامي مختلف، ويدور التقديم التلفزيوني في إطار حركة التنقلات الشرطية أيضاً، فينتقل محمد الباز من قناة «المحور» إلى «النهار» ووائل الإبراشي من «المحور» إلى «التلفزيون المصري» وينتقل يوسف الحسيني من التقديم التلفزيوني لعضوية البرلمان، وأسامة كمال من «دي إم سي» إلى «المحور» بعد فترة من إحالته للتقاعد بسبب اصطدامه مع الجمعية السرية التي تحكم الإعلام، واعتقاده لإعجاب السيسي به أنه الأقوى فكان لا بد من حركة تكدير، ليعلم أن علاقته بالسيسي لن تحميه منهم ولن تجعله كياناً مستقلاً بذاته!
وشخص كان منذ عام 2011 ضمن خيارات العسكر، وعندما تأتي محررة عسكرية زميلة، لتصفه بـ «المهزلة» فعندئذ تتوارد الأسئلة: فمن المسؤول عن اختيار هذه المهزلة؟ وكم مهزلة في الاختيارات القائمة غيره؟ وماذا ترك القوم لقنوات الإخوان وهم يقومون بهذا التصعيد، وفي تصعيدهم لا ينتبهون إلى أنهم يتصرفون كالذي أراد أن يغيظ زوجته فخصى نفسه، فقدموا مادة مهمة لقنوات المعارضة، وما يعلم جنود ربك إلا هو!
القشة التي قصمت ظهر الوزير
أصل الحكاية لغير المتابعين، أن وزير الدولة للإعلام في مصر، كتب أن نسبة من الشعب المصري تصل إلى 65 في المئة لا تتابع التلفزيون أو الإذاعة، فكانت هذه هي القشة التي قصمت ظهر البعير، وبدا أنه يستهدف من يديرون الإعلام والذين جردوه من أي اختصاص، بما في ذلك اختصاص الوزير التقليدي في مبنى ماسبيرو، حيث التلفزيون والإذاعة الرسميين، وقديما كان يقال إن وظيفة وزير الإعلام هي في إدارة الشاشة، لكن هذه الشاشة استخدمت في الحملة ضد الوزير، وبإذاعة تسريبات قديمة ضده، سبق إذاعتها من قبل، وعندما أذاعتها قناة «الجزيرة مباشر» قبل خمس سنوات كان الرد من قبل الإعلام المصري الرسمي إنها ملفقة، وأنها ضمن تسريبات أخرى صنعت في غرف المونتاج في القناة القطرية!
لتبدو الجمعية السرية التي تحكم الإعلام كما لو كانت تعمل لصالح مصداقية «الجزيرة» مرة أخرى وما يعلم جنود ربك إلا هو!
لم تكن تصريحات «هيكل» جديدة، أو مفاجأة، فانخفاض توزيع الصحف المصرية في ظل الحكم الحالي لامس الحضيض باعتراف أجهزة رسمية مثل الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء، وهو ما يؤكده تراجع السيسي عن سياسته التلفزيونية على النحو الذي ذكره في مقابلته مع المخرجة السينمائية «ساندرا نشأت» عندما استنكر فكرة المذيع الذي يتحدث كل يوم لساعات، وعلى إثر هذا أحيل كثير منهم للتقاعد، لكن ها هو يضطر للبدء في إعادتهم من جديد، بعد انصراف المصريين إلى شاشات «الجزيرة» و»مكلمين» و»الشرق» وربما رأت الجمعية السرية التي تحكم الإعلام في مصر، وتتصرف فيه تصرف المالك في ما يملك، إن كلام الوزير يستهدفها لتنازع الاختصاص، فهناك «بيزنس» كبير تستحوذ عليه، لذا كانت الحرب على «هيكل» ليردوه على أعقابه، وقد نجحوا فكان بيانه الودود الذي لم يذعه عبر التلفزيون المصري، أو عبر صحيفة، وإنما عبر صفحته على «الفيسبوك» فالوزير لا يملك أدواته!
وفي المواجهة كانت «البنت وأمها» كناية عن الاحتشاد، وكان في مواجهته مقدمو البرامج في الفضائيات، ورؤساء تحرير الصحف الخاصة والحكومية، والملاحظة هنا أنه لا يوجد برنامج واحد انحاز للوزير، أو حتى عرض وجهة نظره، كما لا توجد صحيفة واحدة تصادف أن رئيس تحريرها، أو أحد كتابها، كان بالصدفة مع الوزير، ويرى معقولية طرحه!
لقد كتبت هنا من قبل أن شركة «إعلام المصريين» التابعة للأجهزة الأمنية، وضعت يدها على مبنى ماسبيرو، عبر إحدى شركاتها وهي «المتحدة للخدمات الإعلامية» وهي شركة وليدة بلا صاحب معلن، وقد دخلت المبنى تحت لافتة تطويره، وبالإسناد المباشر، بدون مناقصة أو منافسة أو نحو ذلك!
وهذه الشركة هي المنتجة لبرنامج وائل الإبراشي، الذي خرج على الأعراف والتقاليد الراسخة وأذاع تسريب لوزير الإعلام إبان رئاسته لتحرير جريدة «الوفد» وقد فسروا حديثا هاتفيا لرئيس حزب الوفد معه على أنه يصدر له التعليمات، كما لو كانت تعليمات حديثة، وهي واقعة قبل اختياره وزيرا في المرة الأولى، ومعنى هذا أن المجلس العسكري الذي اختاره من قبل والسيسي الذي اختاره من بعد لا يحسنون الاختيار، والمعنى المهم أن هذه التسريبات كشفت صحة تجسس الأجهزة على هواتف رؤساء الأحزاب والمعارضين، وعندما نعلم أن الواقعة كانت في فترة كانت فيها الشرطة منهارة بعد ثورة يناير، ومن يحكم هو المجلس العسكري فانظر من تدين هذه التسريبات؟!
إنها معركة ساهم كل أطرافها في تعرية الحكم العسكري، لدرجة أن يتهم الحاكم بأنه اختار مهزلة ليكون وزيراً للإعلام!
إنه دعاء لعبد صالح بأن يسلط الله الظالمين على الظالمين.
أرض – جو:
- أنهى وزير الأوقاف على هوايتنا القديمة، بمتابعة ما يتيسر من وقائع نقل صلاة الجمعة عبر التلفزيون لحرصه على احتكار المنبر، وهو يفتقد لكل شروط الخطيب الجيد، بما فيها شرط القبول، وربما يعتقد أن ما دام اسمه «مختار جمعة» صار من حقه احتكار «خطبة الجمعة».
- مذيعو إذاعة القرآن الكريم ليسوا مقدسين، لكن القرآن هو المقدس، ولا يجوز الدفاع عن مسلك من سخر منهم بحجة أنهم ليسوا مقدسين، فالهدف واضح، وعدم الإعلان إلى الآن عن المحفل الذي قدم فيه هذا العرض الهزلي، كاشف عن الهدف الذي تم مع سبق الإصرار والترصد، وهو التطاول على الرسالة.
- ليس عمرو أديب من فبرك فتوى ونسبها لاتحاد علماء المسلمين، فالفبركة كانت لصحافي سعودي، هي التي وضعها أديب «الفتوى والتعليق عليها» على الشاشة السعودية أيضاً. إن المصائب يجمعن المصابينَ.
وسوم: العدد 900