لا متاجرة بقضية وحدتنا الترابية ولا متاجرة بالقضية الفلسطينية
تحت عنوان : " بحث في الأصول التاريخية للعداء الفلسطيني للمغرب " نشر المدعو: عبد الله الفرياضي بصفته عضوالسكريتارية لمشروع حزب التغيير الديمقراطي مقالا في عمود : كتّاب وآراء على موقع هسبريس تضمن إشادة بدولة الإمارات العربية المتحدة لسببين : فتح قنصلية عامة في مدينة العيون المغربية ، والتطبيع مع الكيان الصهيوني قائلا :
(حدثان تاريخيان قامت بهما دولة الإمارات العربية المتحدة أخيرا، سيساهمان دون شك في إعادة تشكيل جذري للخريطة الجيوسياسية لمنطقي شمال إفريقيا والشرق الأوسط. يتعلق الأمر بتطبيع العلاقات بينها وبين إسرائيل من جهة، ثم إقدامها على فتح قنصلية عامة لها بمدينة "العيون" كأول دولة عربية تكشف عمليا عن موقفها من النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية )"
وفي المقابل أدان دولة فلسطين قائلا :
(فهكذا خرجت فلسطين من المنطقة الرمادية وأكدت اصطفافها مع أطروحة جبهة البوليساريو المتمسكة بتقرير المصير)
وبالعودة إلى عنوان مقاله : " الجذور التاريخية للعداء الفلسطيني للمغرب " يظن القارىء قبل قراءة المقال أن صاحبه قد تعمق البحث في التاريخ إلى جذوره ، وواقع الحال أن الجذور التي تحدث عنها لم تجاوز سنة 1979مع جورج حبش في مخيمات تندوف ، وسنة 1987مع ياسر عرفات في الجزائر العاصمة أثناء انعقاد مجلس وطني فلسطيني بها ، وكلاهما صرحا يومئذ بتأييد الانفصاليين ، وقد قبّل عرفات ايد بعد ذلك اعتذارا على ما صدر منه، وانتهى الأمر بسنة 2020 حيث صرحت إحدى المنظمات الشبابية الفلسطينية بتأييد الانفصاليين فسارع السفير الفلسطيني إلى البراءة منها ، كما صرح السفير الفلسطيني بالجزائر بما يشبه تصريح تلك المنظمة الشبابية ثم تراجع عن تصريحه أو عدّل منه .
فليس في الأمر جذور تاريخية كما زعم صاحب المقال في عنون مقاله . ولمناقشته فيما جاء في مقاله نقول وبالله التوفيق ما يلي :
قضية وحدتنا الترابية ليس في حاجة إلى اعتراف من أية جهة كانت ، ولن يزيد من شرعيتها اعتراف أية جهة لأن المغاربة قيادة وشعبا هم من أعطوها شرعيتها . ومن اعترف بقضيتنا أو فتح قنصلية في أقاليمنا الصحراوية من الأشقاء العرب أو الأصدقاء غير العرب مشكورين نقول لهم : ما فعلتم إلا ما كان واجبا باسم الأخوة والصداقة منذ أول يوم استرجع فيه المغرب سيادته على ربوعه الجنوبية، وليس بعد مرور ربع قرن على ذلك .
ولا يمكن للمغرب قيادة وشعبا أن يكون موقفه من القضية الفلسطينية متوقف على ما صدر عن جورج حبش أو ياسر عرفات أو منظمة شبابية فلسطينية أو سفير أو غيرهم من تأييد لأعداء وحدتنا الترابية بل موقفه ثابت لا يتغير وهو الدفاع عن استقلال فلسطين المغتصبة، وهو التزام منه يتعلق بمصداقية قراراته أمام الأسرة الدولية .
ولا يمكن الخلط بين قرار فتح دولة الإمارات العربية المتحدة قنصليتها بمدينة العيون مشكورة على ذلك ، وبين تطبيع علاقاتها مع الكيان الصهيوني المصر على احتلال فلسطين والماضي قدما في تهويدها أرضا ومقدسات ،ولا وجود لرابط يربط بين الأمرين إلا أن يتعسف في الربط بينهما متعسف مكشوف التعسف كما فعل صاحب المقال لخلفية تحكم موقفه .
ولا يمكن بحال من الأحوال المتاجرة بقضية وحدتنا الترابية ولا المتاجرة بالقضية الفلسطينية، فكلتاهما قضية مشروعة وعادلة ومقدسة . وموقف المغرب قيادة وشعبا من القضية الفلسطينية كموقفه من قضية وحدته الترابية ، ولا فرق بينهما عنده .ولا ثمن للقضيتين معا ، ولا مقايضة ، ولا متاجرة .
ومن المتاجرة بالقضيتين ما جاء في مقال صاحبه وهو كالآتي :
(لقد تمكنت الإمارات إذن من نسف تلك العقدة العاطفية التاريخية تجاه فلسطين، تلك العقدة التي أصبحت فيها مصلحة الفلسطينيين أسمى من المصالح الاستراتيجية لبقية شعوب المنطقة. وذلك من خلال جرأتها على إعادة النظر في المنطلقات النظرية المؤطرة للسياسة الخارجية لدول المنطقة التي ظلت محكومة بالتوجيه من رأي عام غيبت عنه حقائق الواقع الملموس، وترك فريسة عمليات شحن عاطفي تفننت فيها تنظيمات وأحزاب اختزلته في البداية في مجرد دروع بشرية تحتمي وراءها في صراعاتها الطاحنة مع الأنظمة الحاكمة، لتحوله اليوم إلى مجرد كتلة انتخابية لا غير. لقد تمكنت الإمارات إذن من ترتيب سلم أولويات سياساتها الخارجية، بشكل يجعل قضاياها ومصالحها الاستراتيجية القُطْرية في صدارة تلك الأوليات بدلا عن القضايا الموروثة عن زمن النزعات القومية المتهالكة. )
ومن المتاجرة أيضا قوله :
( لقد جعلنا القرار الإماراتي، المشار إليه آنفا والمتعلق بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، نقف اليوم أمام تقاطب تاريخي ورسمي واضح بين معسكرين متمايزين أفرزهما الاختلاف المشروع في التقدير السياسي لراهن ومستقبل منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط. نقصد هنا بالتأكيد الاختلاف الحاصل بين خيار يؤمن بأولوية السلم والتعايش المفضيين إلى تحقيق التنمية والرفاه لشعوب المنطقة، وبين خيار لا يزال يعض بالنواجذ على قيم الاحتراب والاقتتال والسفك المستمر للدماء وهو للإشارة خيار أثبت فشله على طول العقود الستة الماضية ولم تجن منه شعوب المنطقة سوى الدمار والخراب).
ونترك في الأخير الحكم للرأي العام الوطني على ما جاء في مقال عضو السكريتارية الوطنية لمشروع حزب التغيير الديمقراطي .
وسوم: العدد 904