مجرمو حزب اللات يغتالون معارضيهم
لقد استمرأ حزب اللات اللبناني واعتاد أفراده على القتل بعد أن لاغو بدماء السوريين والعراقيين واليمنيين الذين انتفضوا في بلدانهم على حكامهم الطغاة مطالبين بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، انتصاراً لأولئك الطغاة والحيلولة دون سقوطهم، فها هو يقدم على قتل معارضيه المنتمين إلى حاضنته الشعبية من الطائفة الشيعية بدم بارد في لبنان، غير آبه بالنتائج طالما أنه يقبض بخناق لبنان واللبنانيين ويفرض وجوده بقوة السلاح الذي يملكه، وهيمنته على الطبقة الفاسدة التي تحكم لبنان.
مرة أخرى، يقف اللبنانيون، على هول الجرائم التي يقترفها حزب الله الإرهابي في حق المعارضين لأجندته الظلامية في لبنان، وتعالى غضب الشارع اللبناني، الذي استفاق مصدوما، الخميس 4 يناير/كانون الثاني 2021، على خبر الاغتيال الإرهابي للناشط والمعارض الشرس لحزب الله الظلامي، الناشر والباحث والمحلل السياسي لقمان سليم، بعدما عُثر عليه مقتولا مضرجا في دمائه داخل سيارته...
فقد أقدم مجموعة من زعران حزب اللات بأوامر من سيدهم نصر اللات على اغتيال الناشط السياسي والاجتماعي لقمان سليم في جنوب لبنان بدم بارد، وسبق أن حمّل الرجل نصر اللات وحليفه نبيه بري مسؤولية "ما قد يجري" له ولعائلته ومنزله.
وأثار اغتيال الناشط اللبناني لقمان سليم صدمة كبيرة في لبنان، وغضب لدى نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي.
وكانت عائلة الناشط والباحث السياسي أبلغت عن اختفائه مساء الأربعاء، ولم تتمكن الجهات الأمنية بعد من تحديد ظروف الجريمة، إلا أن شقيقته رشا الأمير وقبل الإعلان عن وفاته ربطت اختفاءه بمواقفه السياسية. وقالت لفرانس برس "لديه موقف، لماذا ممكن أن يخطفوه؟".
ويدير سليم الذي عرف بمعارضته الشديدة لحزب اللات، مركز "أمم" للأبحاث في الضاحية الجنوبية، معقل الحزب قرب بيروت، الأمر الذي كان يُنظر إليه على أنه تحد لهذه القوى السياسة الأكثر نفوذاً في لبنان.
وتحدث سليم في السابق عن تعرضه لتهديدات. وحمّل في بيان نشره في نهاية 2019 "قوى الأمر الواقع ممثلة بشخص حسن نصر اللات وشخص شريكه نبيه بري، المسؤولية التامة" عن هذه التهديدات "وعما قد يجري" ضده وضد عائلته ومنزله. ويتهم أنصار حزب الله سليم بأنه مقرب من الولايات المتحدة ويعمل لصالحها في لبنان.
وفور إعلان السلطات الأمنية العثور على جثة لقمان في أحد الحقول مقتولا، وجه النشطاء الاتهامات لحزب اللات، لأن سليم كان من أكبر المعارضين لسياسات الحزب وسلاحه وهيمنته على الدولة اللبنانية.
نبذة عن شخصية لقمان سليم
الناشط السياسي والاجتماعي لقمان سليم الذي عثر عليه مقتولاً الخميس (الرابع من شباط/فبراير 2021) في سيارته في جنوب لبنان، باحث ومفكر، عمل في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان والتوعية على أهمية المواطنة والمساواة في بلد يعاني من انقسامات وصراعات سياسية وطائفية عميقة.
ولد لقمان سليم في حارة حريك في العام 1962 من أب كان محامياً لامعاً ومعروفاً وأم مصرية. درس الفلسفة في جامعة السوربون في باريس.
في "دار الجديد" للنشر التي أسسها في التسعينات، تمت ترجمة كتب الرئيس الإيراني الإصلاحي آنذاك محمد خاتمي، للمرة الأولى الى العربية. وعبرها، أنتج سليم مع زوجته الألمانية مونيكا بورغمان فيلمين وثائقيين أحدهما حول مجزرة صبرا وشاتيلا خلال الحرب الأهلية في لبنان، والثاني حول سجن تدمر في سورية حيث تعرض سجناء لبنانيون للتعذيب.
في منزل العائلة في حارة حريك الذي تتوسطه حديقة واسعة، وحيث مركز "أمم"، كان سليم يحتفظ بنسخ عن الصحف الصادرة في لبنان منذ عقود. وكان من أبرز نشاطات المركز مشروعه الهادف الى شفاء جراح الحرب الأهلية. فجمع أرشيفاً هائلاً عن تاريخ لبنان الاجتماعي والسياسي وضعه في تصرف الباحثين والإعلاميين. ونظم أنشطة ولقاءات للدفع في اتجاه مواجهة جراح الذاكرة والمصالحة بين اللبنانيين.
كان لقمان سليم (58 عاماً) ينتمي الى الطائفة الشيعية، لكنه كان من أشد المنتقدين للقوة الشيعية والسياسية والعسكرية الأكبر في لبنان، حزب اللات المدعوم من إيران. ولم يمنعه ذلك من تركيز كل عمله ونشاطه في منزله في حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب اللات حيث أقام مركز "أمم" للأبحاث والتوثيق.
وإذا كان الكثير من مداخلاته التلفزيونية في الآونة الأخيرة تناول حزب اللات الذي كان سليم يعتبر أنه يأخذ لبنان رهينة لإيران، لم يتردد في انتقاد كل الطبقة السياسية المتهمة بالفساد والعجز في لبنان.
واستعانت مراكز أبحاث عدة ومنظمات غير حكومية ودولية بخبرته ومنشوراته بسبب استقلاليته وجرأته في تناول أكثر المواضيع حساسية.
ومعروف عن سليم أنه كان نشيطاً وغزير الإنتاج في النشر والمشاريع التوعوية والثقافية، جريئاً في التعبير، ومتمرداً على السياسات التقليدية ورافضاً للطائفية.
تعليقات مغردين على اغتيال سليم
غرد الصحافي نديم جرجورة قائلاً: إن سليم انتهج "سلوكا أخلاقيّا وثقافيا وفكريّا" في "مقارعة تنانين السلطة، النظام الحاكم في لبنان، بأطيافه المختلفة، وإنْ يكن حزب اللات أكثر من يُواجهه سليم ويُقارعه". وأضاف "اغتياله منبثقٌ من سيرته كناشطٍ يُنظّر ويُحلِّل، ويعمل ميدانياً على توثيق وتسجيل ذاكرةٍ، يريدها حيّة دائماً".
وغرد نبيه الموصلي: " يبدو أن من يغتال الصحافيين في العراق هو نفسه من قام بعملية الاغتيال الثانية في لبنان في شهر واحد.
من جانبه، استنكر تيار المستقبل بأشد عبارات جريمة اغتيال سليم ووصفها ب "النكراء"، وحذر من مخاطر العودة الى مسلسل الاغتيالات واستهداف الناشطين، وطالب الجهات المختصة إلى جلاء الحقيقة بأسرع وقت.
وقال أمين وهبي، في حديث الى قناة “المستقبل”: “حزب الله يمارس الضغط على مؤسسات الدولة من خلال إعلان الحرب او الدخول فيها من دون استشارة احد، ويقوم باغتيالات ميدانية لمعارضيه في الشارع”.
كما كتب عضو مجلس قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي خضر غضبان على تويتر: "اغتيال الناشط السياسي لقمان سليم مؤشر خطير"، وأضاف: "يبدو أن مساحة الحريات بدأت تضيق فعلا في لبنان الذي تحول لصندوق بريد ومشابها للسيناريو العراقي".
ودان اللبنانيون عودة زمن الاغتيالات والترهيب، رافضين كاتم الصوت، ومطالبين بالعدالة لسليم وبمحاسبة الفاعلين من دون تمييع القضيّة، خصوصاً أنّها تزامنت مع مرور 6 أشهر على انفجار مرفأ بيروت وهي الجريمة التي لم يحاسب عليها أحد بعد. وما زاد المخاوف هو حصول عمليات قتل وارتفاع نسبة الجرائم في لبنان في الفترة الأخيرة، أيضاً من دون الوصول إلى الحقيقة فيها.
وتداول الناشطون رسائل التهديد التي كان لقمان سليم يتلقّاها، وزادت عام 2019 حين استيقظ في أحد الأيام ليجد منشورات ملصقة على الباب الخارجي لمنزله تمجّد كاتم الصوت وتتهمه بالعمالة للاحتلال الإسرائيلي وتدعو صراحةً لقتله.
وأشار الإعلامي يزبك وهبة في تغريدته "لمن لا يعرف فإنّ المغدور لقمان سليم هو نجل النائب والحقوقي والمحامي الألمعي الراحل محسن سليم من الغبيري الذي كان في الكتلة الوطنية مع العميد ريمون إده وكان من أشد المناضلين في سبيل حقوق الإنسان والدفاع عن الشرعية والدستور".
وشدد الحقوقي أيمن مهنا في تغريدته "لقمان_سليم ليس فقط "ناشط" - هو قائد رأي، كاتب، محلل، وأحد أبرز الأصوات في وجه حزب الله، وابن عائلة تمرست في العمل الحقوقي والسياسي، وأحد ركائز العاملين على مسألة ذاكرة الحرب اللبنانية والمخفيين قسراً في لبنان و سورية! أي تبسيط أو تمييع للجريمة هو مساهمة فيها.".
واعتبر اللبنانيون أنّ الجريمة تعيد إلى الأذهان السيناريو الوحشي الذي يستخدم ضدّ الناشطين والمعارضين في العراق. وكتبت الإعلامية ريما عساف "ما أشبه اغتيال لقمان سليم في جنوب لبنان باغتيال هشام الهاشمي في بغداد... هناك بقي القاتل مجهولا معلوماً، وهنا سيبقى كذلك على الأرجح... من العراق الى لبنان هل يكون القاتل واحداً؟...
كما غرّد الصحافي حسن عباس: "رحل الصديق لقمان_سليم. رحل غيلة. قتله مَن قتل كثرا قبله وسيقتل كثرا بعده.
وعلّقت الصحافية جنى الدهيبي قائلة: "لبنان صار أبشع مما تكون عليه غابة الوحوش.. ونحن مثل الأسرى نعيش في هذا البلد، لا أمان لا أمان. لبنان صار بلدا مخيفا وموحشا تنعدم فيه أدنى الأخلاقيات التي تحافظ على كرامة الإنسان وحياته، بينما تحكمنا زمرة من الوحوش والمجرمين والقتلة، لهذا قتلوا الناشط السياسي لقمان_سليم".
وغرّد المصور وائل اللاذقي: "إن عشت فعش حراً أو مت كالأشجار... وقوفاً وقوفاً وقوفاً وقوفاً. وكتب الإعلامي ألبير كوستانيان: "لقمان_سليم ضحية نهج العنف والقتل وكل من تحالف معه وبرره وسكت عنه. يغتالون كل من يعارضهم ويرهبون من يبقى. لن نرضخ! كلنا لقمان سليم".
أما جوليان الحاج فكتب: "لا أعرف ما يغضبني أكثر. اغتيال الحرّ والشجاع لقمان سليم، أو مرور 6 أشهر على انفجار بيروت من دون أي تقدّم في التحقيق، أو تغريدات الصدفة وتغريدات التمييع. جنونٌ كلّ ما يحدث، ولا بد أن ينفجر هذا الغضب كما انفجر المرفأ".
وكانت منشورات من ناشطين وإعلاميين سوريين وعراقيين ترثي سليم. وكتب ياسين الحاج صالح: "وصلتني رسالة من لقمان سليم قبل البارحة تتضمن مخطوطة كتابي المفروض أن يصدر قريبا عن أمم ودار الجديد. البارحة لقمان قتل على أيدي محترفي القتل في لبنان وسورية. اليوم للحزن، للتضامن مع مونيكا ورشا، وغدا نكمل بالصراع مع اليأس ووكلائه".
بينما قال وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي: "جريمة قتل لقمان سليم مروعة ومدانة وأجريت اتصالات مع قادة الأجهزة الأمنية لمتابعة تداعيات اغتيال الباحث والناشط السياسي لقمان سليم".
المصدر
*التلفزيون الألماني-4/2/2021
*الحرة-4/2/2021
*الغد-7/2/2021
*العربي الجديد-4/2/2021
وسوم: العدد 915