كيف صنع التحالف سلطة الحوثي وحافظ عليها ؟
التحالف أصدر توجيهاته للرئيس عبد ربه منصور بضرورة التخلص من الإسلاميين عبر دعم الحوثي وعدم التعرض له وتوجيه كل المعسكرات ومشايخ القبائل في صعدة وعمران ثم صنعاء بالتعاون مع الحوثيين وتسليمهم النفوذ بشرط أن يتولى الحوثي القضاء على جامعة الإيمان والفرقة الأولى مدرع بمساعدة مدفعية المعسكرات المحيطة بصنعاء وسلاح الجو اليمني إذا احتاج إلى إسناد جوي.
كل وحدة عسكرية تتعرض للحوثيين يتم تعاون الحوثيين والدولة ضدها لقمعها وسحقها وأبرزها لواء القشيبي في عمران واضطرت وزارة الدفاع في الأخير للتحايل حتى تقتل القشيبي غدرا وبعدها مباشرة استلم الحوثيون محافظة عمران وزار الرئيس عمران وصرح من هناك للتلفزيون الرسمي بأن عمران لم تسقط وأنها تحت سلطة الدولة !! ودعم مجلس التعاون الخليجي كل هذه الخطوات ورفض استقبال المشايخ الذين لم يتعاونوا مع الحوثيين .
تم توجيه الحوثيين بعد عمران نحو صنعاء تحت نظر التحالف العربي ممثلا حينها بسفاراتهم في صنعاء ولم تحدث مقاومة إلا في جامعة الإيمان والفرقة الأولى التي تطل على الجامعة ولما شعر الإسلاميون بأن عبد ربه وسفراء دول الخليج والدول الراعية للمبادرة الخليجية كلهم متواطئون ولم يصدر الرئيس حتى إعلان بيان الحرب أو تشكيل مقاومة أو الدعوة للدفاع عن العاصمة انسحب الإسلاميون وقرروا عدم الدفاع عن دولة لا ترغب في الدفاع عن نفسها وأدركوا خطورة حمل السلاح خارج نطاق الدولة وتأكد لهم ثبوت مؤامرة خليجية ودولية
تنبهت دول الخليج باستلام الحوثيين لكل ترسانة الدولة دون القضاء على الإسلاميين فقرر الخليجيون إطلاق عاصفة الحزم لإبقاء الحوثيين المنتشين تحت السيطرة وتفتيت أي قوة حقيقية أخرى فلما أعلنت الدولة رسميا الحرب على الحوثي بدعم إقليمي سارع الإسلاميون للانخراط في الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وشكلوا أكبر نسبة في التشكلات العسكرية الجديدة
شعر التحالف بإفلات الإسلاميين من عاصفة الحزم التي أعدت للقضاء عليهم فعملوا على إضعاف الشرعية حتى لا يستفيد منها الإسلاميون من جديد واتبعوا في ذلك أبشع الوسائل:
ردع أي تقدم ضد الحوثيين بقصف المقاومة بالطيران وهذا ما برز بشكل علني في عدن وفي جبهات تعز ونهم حول صنعاء والجوف وصرواح ودائما يتم التسويغ لذلك بأنها نيران صديقة وقصف غير متعمد !! تم قصف المقاومة في ميدي بطائرات الأباتشي السعودية عدة مرات مرات قال أحد الضباط (2016) لولا التحالف كنا دخلنا الحديدة من زمان !
قال بعض الضباط في جبهة نهم نحن نشاهد صنعاء أمامنا منذ أواخر 2016 ولكن قطع التحالف عنا الإمدادات وإذا تقدمنا جاءنا الطيران وقصفنا ثم أوقف التحالف رواتبنا وبعد أشهر تأتي الرواتب بالتقسيط وتوزع على بعد مائة كيلومتر من الجبهة ويجب حضور الأفراد شخصياً وتعمدوا توزيع الرواتب بهذا الشكل لكي نترك الجبهة ونضطر لإعادة استعادة مواقعنا !!
يقول ضابط آخر في جبهات مدينة تعز تعرضنا للقصف عدة مرات من التحالف وفي مواقع بعيدة عن مسرح العمليات ومناطق حررت من زمن مما يؤكد عدم مصداقية قول التحالف أن القصف تم بالخطأ لأن موقع القصف لا تتقاطع فيه النيران ..
حرص التحالف على قطع أو تأخير رواتب المقاومة وعدم التسليح إلا بشكل محدود مما اضطر المقاومة إلى الهجوم بعتاد دفاعي وحافظ التحالف على بقاء الحوثيين متفوقين تسليحا على المقاومة مع أن المفترض أن الحوثيين يأتيهم السلاح بالتهريب والمقاومة يفترض أن تحصل على التسليح بصورة رسمية !!
أغلق التحالف كل المنافذ البرية والبحرية والجوية ومع ذلك سمح للحوثيين بتهريب السلاح عبر شواطئ ميدي والمهرة والحديدة وعدن وتم تسليم التحالف تقارير موثقة بطرق التهريب ولكن تبين أن التحالف كان علم ولهذا لم يتخذ أي خطوة حقيقية لمنع التهريب واكتفى برصد العملية وتسهيلها أحيانا.
عمل التحالف على إضعاف الجيش الوطني والمقاومة من خلال إنشاء تشكلات عسكرية خارج سلطة وزارة الدفاع وقام بتسليحهم بالعتاد المتطور وصرف لهم رواتب مضاعفة بالريال السعودي وتصرف رواتبهم دون انقطاع واحتفظ بمعظم هذه القوة بعيدا عن الجبهات
سخر التحالف أذرعه الإعلامية لكسر عزيمة المقاومة من خلال تشويهها والشماتة بها والسخرية من عدم تقدمها وإذا تقدمت قام بقصفها
حرص التحالف على اغتيال القيادات العسكرية الجادة في مواجهة الحوثي كما حدث لمقاومة عدن وغيرها وقد يصل الأمر إلى كشف مواقع بعض القيادات البارزة وتسليم الإحداثيات للحوثيين لكي يوجهوا إليهم القصف المدفعي بشكل دقيق ومباشر.
التصريحات الإعلامية المسيئة للمقاومة ومن أبرزها التصريحات الإماراتية نحن لا نريد تحرير الحديدة وإنما أردنا فقط الضغط على الحوثيين ليأتوا الى مائدة الحوار !!
ومنها الصريح السعودي الإخوان أخطر من إيران !! ومنها: ليس أمامنا سوى سيء وأسوأ !! وطبعا الأسوء هو الإخوان كما في التصريح المشهور.
حرص التحالف على وضع يده على الشواطئ والموانئ والمصافي في عدن والمكلا والمهرة وبلحاف رغم أن معظمها لم تشملها المعارك الحربية !
عدن والمكلا تطلان على بحر العرب وتم تعطيل العمل فيهما وأحكمت الإمارات قبضتها هنالك لأنها تعتقد أن هذه الموانئ تهدد موانئ دبي فلا ضرورة ولا حاجة لسفن التجارة العالمية للذهاب الى مضيق هرمز ومنحنيات الخليج إذا حصلت نفس الخدمات في بحر العرب المفتوح على المحيط الهندي والذي تمر به معظم التجارة العالمية !! ولذلك سعت الإمارات إلى إحكام نفوذها وسهلت صناعة لعبة القاعدة بالتنسيق مع عفاش لكي تسقط المكلا في يدها ثم تأتي الإمارات في فيلم التحرير الخرافي لتحتل المكلا !!
كما سعت السعودية لوضع يدها على شواطئ المهرة لتتخلص من عقدة مضيق هرمز فعملت على التهيئة لمد أنبوب النفط عبر المهرة إلى بحر العرب دون اتفاق رسمي مع الدولة اليمنية.
منع التحالف افتتاح أي سفارة في العاصمة عدن الخاضعة للقوات الإماراتية ! حتى سفارات نفس دول التحالف !!
وحرص التحالف على تشكيل المليشيات في العاصمة المؤقتة ونشر الاغتيالات وصنع أزمات الكهرباء والوقود والمياه حتى ظهرت العاصمة المحررة بصورة أقبح من العاصمة غير المحررة !
استخدم التحالف عدة أساليب للضغط على الحكومة ومنها التلاعب بالعملة
بينما مر نحو عام من الحرب بقيت العملة بقيمة ثابتة والبلاد ليس بها رئيس ولا حكومة ! وعندما استكمل الحوثيون نهب البنك المركزي قرر التحالف إنقاذه بأن تعلن الحكومة نقل البنك بعد أكثر من عام من الحرب ! وبذلك استخدمت الضغط على العملة أسلوبا لإخضاع الرئيس والحكومة أكثر وأكثر حتى لا يعترضوا على سوء المعاملة وسوء تصرفات التحالف فكثيرا ما يتم حجز العملة المطبوعة في ميناء عدن من قبل الإمارات ويتم منع الرواتب جميعاً وأحيانا رواتب تعز دون غيرها ....عبث لا حد له. منعوا تصدير النفط والغاز وفرضوا تعيين اللصوص السابقين لتنهار العملة وهم قادرون على تعزيزها بل لو سمحوا فقط ببيع النفط والغاز اليمني وأبقوا على لصوصهم لما انهارت العملة وبدون أي دعم خارجي !! ذهب التحالف ليدعم اقتصاد البحرين والأردن وترك اقتصاد اليمن ينهار أمام عينيه وحرك آلته الإعلامية للشماتة بحكومة بن دغر التي جاء ليحميها !!
حرص التحالف على إنشاء كيان سياسي مناوئ للسلطة داخل المحافظات المحررة فقط ! وأسماه بالمجلس الانتقالي وسخر له الدعم المالي والإعلامي وقام بتسليحه ودفعه إلى تهديد الحكومة وشن الحرب عليها في 29 يناير الماضي (2018) وبعد فشل مليشيات الانتقالي تدخل الطيران الإماراتي للإسناد !! كل هذا حدث في العاصمة المؤقتة عدن التي تخضع للقوات الإماراتية !!
أبرمت السعودية نحو أربعة اتفاقات مع الحوثي في ظهران الجنوب وفي الرياض ولم تبرم أي اتفاق ولو شكلي مع الإسلاميين الذين يشكلون أكبر مكون عسكري في مكونات الشرعية ! ولولا أن الحوثيين خرقوا الاتفاقات لكانت سلمت لهم كل اليمن بحماية التحالف أيضا.
كثيرا ما يتم إشعار الحوثيين عن احداثيات القصف مسبقاً ليتجنبوا قصف التحالف وحرص التحالف على تأمين حاجة الحوثيين من الوقود والسلع والإمدادات بما فيها السلاح بالقدر الذي تستمر به الحرب ولا يحدث انهيار كامل للحوثة.
مارست دول التحالف ضغوطا مضاعفة على اليمنيين المقيمين في الإمارات والسعودية فأما الإمارات والكويت فمنعت كليا منح فيزة الإقامة لأي يمني ولو من النازحين من الحرب ! وأما السعودية فزادت ضغوطها على اليمنيين من ذوي الإقامات القديمة قبل إشعال الحرب وقامت بتسفير الآلاف إلى اليمن منهم من لا يعرف اليمن مسبقاً فقد ولد ونشأ في السعودية ! وذلك لإحراج الشرعية ومد جبهات الحوثيين بمزيد من الناقمين على السعودية ليكونوا وقودا للمعركة المصطنعة.
عمل التحالف بالتنسيق مع المجتمع الدولي على إهانة وفود الشرعية في كل المفاوضات السابقة و وصل الحد إلى أن يحضر وفد الحكومة ولا يحضر وفد الحوثيين ! رغم العلم المسبق للتحالف ! أو يحضر وفد الشرعية دون السماح لفريقهم الإعلامي ويأتي وفد الحوثيين برفقة المبعوث الأممي ! وبكامل الطاقم وزيادة !
تتم المساواة في المفاوضات بين الطرفين ! ولا يسمى الحوثيون بالمتمردين ! ولا يوصفون بالانقلابيين .
كلما وهنت جبهات الحوثيين صنعوا مع التحالف لعبة بهلوانية لإعطاء الحرب دفعة جديدة تزيد الإثارة وتبعد الملل وتشد المتعاطفين من العربان لتستمر الحكاية أطول أمد ممكن .
ومن تلك الألاعيب استهداف نافلة نفط سعودية في البحر الأحمر .لكن من دون أن تتسرب أي كمية من النفط !! ولعبة الصواريخ البالستية لاحظ هذا الاسم الجذاب. لكنها كلها كالألعاب النارية يتم إطلاقها بعلم التحالف وكلها لا تقع على الأرض !! ومثل لعبة الطائرات المسيرة التي تستهدف مطار دبي وأبو ظبي . لكن من دون أن يشعر أحد وحركة الطيران طبيعية !! والواقع لو شمت أي شركة طيران ريحة البارود فقط لمنعت رحلاتها مباشرة !! لقد مارسوا لعبة هزلية سخيفة لإعطاء الحرب بعدا وهميا عظيما !! لدي شعور بأن أحدا من خبراء هوليوود قد شارك في صنع هذه الحرب الظريفة !! وللعلم شاركت قناة الجزيرة في الترويج لهذه السخافات.
كم نجح الغرب في قراءة نفسيات الشيعة في إيران وأذرعها حيث علم أن لهم أنفس يستهويها الاستعراض الهزلي في التصريحات والتسليح !! ومزاعم القوة الوهمية.
أخيرا
حرص التحالف على إدارة حرب تحت السيطرة بحيث يضعف كل الأطراف وينهك الجميع دون القضاء النهائي على أي طرف.
كما تستمتع أمريكا بإيران على عوجها كذلك تستمتع دول التحالف العربي بالحوثي على عوجه . كلما شعرت بأنه تضاءل وضعف أعادت إليه الروح وصنعت له ولو إنجازا عسكريا أو سياسياً وهميا وكلما رأت أنه عتى وصدق أن لديه قوة قمعته بالمعروف وكسرت بعض زهوه بلطف . وكما لا تفهم إيران أنها دمية يعبث بها الأمريكان كذلك يتوهم الحوثي فهو دمية يستخدمه التحالف للنيل من خصمه الأسوأ أقصد الإخوان كما صرح ولي العهد .
القضاء على الحوثيين يعني أن لا مبرر لوضع التحالف يده على اليمن !
القضاء على الحوثيين يعني أن يخلو الجو للإخوان كقوة وحيدة متماسكة ومتواجدة سياسياً وعسكريا !
ولهذا عمل التحالف العربي على صناعة الحوثي والحفاظ عليه هذه الحقيقة وما سوى ذلك من التهريج الإعلامي فهو جزء من ديكور العملية الدرامية.
وسوم: العدد 934