الطرف الثالث بالمعادلة السورية

معاذ عبد الرحمن الدرويش

معاذ عبد الرحمن الدرويش

[email protected]

بينما يظهر للعين المجردة عن طرفين ظاهرين أشد الظهور على ساحة الثورة السورية و المتمثلين بالثوار من جهة و عصابات بيت الأسد و كل من يؤيدهم من جنود حزب الله و جنود المالكي و جنود خامنئي  من جهة ثانية.

يظن الكثيرون أن الإدارة الأمريكية صمتت مؤخراً عن الثورة السورية و  أنها قد أعطت لها ظهرها  و هي لا تبالي شيئاً بالأمر و تركت النار تشتعل فيها كيفما تشاء هناك ، خاصة و بعد أن نجحت في  تحويل الوضع من ثورة شعب إلى حرب سنية شيعية بامتياز.

الإدار الأمريكية موجودة و بقوة على الساحة السورية و رجالها منتشرون في كل مكان ،بين صفوف الثوار و بين صفوف العصابات الأسدية، في المشافي الميدانية و في المنظمات الإغاثية و في كل شاردة و واردة موجودون.

هذا من ناحية الانتشار الاستخباراتي

و لم تكتف بذلك فالعصا التي تحرك من خلالها مسيرة الصراع المسلح موجودة في يدها أيضاً.

لو رجعنا قليلاُ إلى الوراء و تذكرنا أن الإدارة الأمريكية عندما صرحت  أن نظام الأسد آيل للسقوط ليأتي  بعد عدة أيام  التدخل السافر لحزب الله لإنقاذ ما يمكن إنقاذه .

ثم يتكرر السيناريو نفسه عندما  تدخل قوات المالكي بشكل معلن لساحة الحرب أيضاً بعد عدة شهور.

و قبل ثلاثة أيام  تعود التقارير الأمريكية لتؤكد أن نظام الأسد العسكري و الاستخباراتي يعاني من مشكلات عصيبة تهدده بالسقوط

لتأتي مشكلة الجبهة الداخلية و التي اندلعت بين الثوار من جهة  و بين تنظيم دولة العراق و الشام من جهة ثانية.

لو انتقلنا إلى الجبهة العراقية لوجدنا أيضاً ان هناك قوات المالكي من جهة و ثوار العشائر من جهة ثانية ثم لتأتي قوات تنظيم دولة العراق و الشام لتدخل على الخط و بدون أي إذن مسبق و تخلط الأوراق مع بعضها.

و لو عدنا للساحة السورية نجد أن تنظيم دولة العراق و الشام يضرب بخاصرة النظام من جهة و ذلك من خلال العناصر المخلصة و التي جاءت لتقاتل نظام الطاغية بدون أي خلفيات ثانية.

في حين أن تنظيم دولة العراق و الشام كان يضرب بنفس الوقت بخاصرة الثورة و الثوار بين الفينة والأخرى .

فوجود تنظيم دولة العراق و الشام في سوريا خلط الأوراق ببعضها بحيث أن النظام لم يعد يعرف نفسه من يقاتل رغم انه استفاد إعلامياً من وجود التنظيم في سوريا باعتباره منظمة إرهابية حسب التقييم الدولي.

و كذلك وجد الثوار أنفسهم بحيرة من أمرهم مع تنظيم ينسف حاجزاً لنظام الإجرام في الليل  في حين يجدون أنفسهم في مواجهة معه في اليوم التالي.

خلط هذه الأوراق لا تصب إلا بمصلحة أمريكا فقط و التي من خلالها تضغط على النظام وقت ما تشاء و تضغط على الثوار بالوقت الآخر.

و من ناحية أخرى يجد النظام نفسه أمام قوتين بدل من قوة واحدة و الثوار يشعرون نفس الشعور أيضاً و هذا ما يولد شيئاً من الإحباط لدى كل طرف.

ثم من ناحية ثانية هل أمريكا بهذه الدرجة من الغباء حتى تسمح بانتقال تنظيم القاعدة من الجبال الأفغانية  لتضعه بمتاخمة الحدود الإسرائيلية،لو لم يكن بيدها أمر  هذا التنظيم كاملاً.

و من ناحية أخرى فأكثر المستفيدين من دخول تنظيم دولة العراق و الشام على الساحة السورية هي الإدارة الأمريكية و التي حفظت ماء وجهها أمام شعبها و أمام العالم أجمع عندما امتنعت عن التدخل لصالح الثورة تحت بند أن القضية أصبحت قضية إرهاب و ليست قضية ثورة و شعب

و ما يؤكد صحة كلامنا هو الغموض الشديد في قيادات التنظيم و الكثير من عناصره.

فأمريكا لا تخرج من المولد بدون حمص .