انقلاب في تونس ... وطول معركتنا في سورية

الخذلان مرٌ في الحلق، صعبٌ على النفس، ولاسيما حين يصدر من أخ بحق أخيه الذي يعتد به ويؤمله ..وكان خذلان الأقربين أصعب على نفوسنا نحن السوريين...

وإذا قال الشاب الحكيم طرفة قد قال : وظلم ذوي القربي أشد مضاضة...

فإنني أقول ، والخذلان أشد أنواع الظلم وأقساه، ونتابع أقواما بصمت: كم كلمة قالوا في نصرة الشعب المستباح، وكيف تعاملوا مع عدو الله وعدونا ، تأبى علينا عزة النفس أن نستجدي تعاطفا فنضعف، ولكن يجب دائما أن يعلم الذين نحبهم أننا نحبهم، والذين نفتقد مواقفهم أننا نحسبها عليهم ، والذين يتلمظون على موائد طُيّب لحمها من لحوم أطفالنا أننا نراهم إذ يتلمظون !!

أحيانا ننظر إلى طول المعركة في سورية كمعطى سلبي، كثير من المتأستذين على الثورة السورية كانوا يضربون لنا الأمثال انظروا إلى تونس كيف؟ وانظروا إلى جماعة النهضة كيف؟ وانظروا إلى فلان كيف ؟ وكنا أحيانا نهز الرؤوس رغبة عن المراء وليس عن اقتناع .

إن كل ثورة يستطيع أن يصادرها انقلاب ، هي كما يقول أهلنا في اليمن "بعرة " وليست ثورة.

الثورة الحقيقية ليست هي التي تؤسس لنظام ، أو تسن دستورا، أو تغير ساكن القصر ، الثورة الحقيقة هي التي تنقش على جبين كل مواطن في الوطن " لا يذل " ..

يقولون: إن الرئيس الشهيد محمد مرسي نادى لبيك يا سورية، فانقلبوا عليه، وسجنوه وسجنوا كل مصري يؤمن بالديمقراطية ..!! رحم الله الشهيد محمد مرسي وصحبه الأحرار من كل المصريين ما طلعت شمس وما غربت..

وسؤال اليوم : ولكن أي نداء أصدره الشيخ راشد الغنوشي وجماعته نصرة لسورية والسوريين حتى ينقلبوا عليه ..؟؟؟؟

أين ما دبجه كل المدبجين في مدح التجربة التونسية على مستوى الدعوة والسياسة، ومستوى الخلع والتغيير والتبديل، لا أقول هذه أشرا ولا بطرا ولكن لأنني أسمع الكثيرين يزينون الشينة، ويجملون النكوص...وهذا يوم اقتناص العبرة ..

أسوء شيء يرتكبه أصحاب المشروع الديمقراطي حين يتحولون إلى أعضاء حزب يصارع على مقعد أو يناضل عن شعار أو عنوان ..

وأجمل وصف وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصار كان في خمس كلمات " إنكم لتكثرون عند الفزع ، وتقلون عند الطمع" كلمات بسيطات ما زال هذا المواطن البسيط يرددها على الناس منذ عشر سنوات. في مثل واقعنا الدعوي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي "أحاديث القرايا أحب إلينا من أحاديث السرايا " أن نكون في كل خندق وخيمة وتحت كل شجرة تين أو زيتون ، نتلو القرآن ونعلّم القرآن ، ونعلّم الذين يخادعون شعوبنا أنهم إيانا لا يخدعون ..!!

أهم ما في التجربة الديمقراطية حاملها، ويجب أن نقنع هذا الحامل أن على عاتقه قضية تخصه يدافع عنها، يجب أن يقتنع كل واحد في مجتمعنا وفي وطننا، يجب أنه يدافع عن "قضيته" هو لا عن قضية فلان، ولا عن مكسب فلان...  

أكتب هنا ولا أبالي: عاشت خيارات شعوبنا الديمقراطية ويسقط الدكتاتوريون والانقلابيون وليسقط حكم العسكر إلى أبد الآبدين ..

عاشت تونس الجميلة على طريق "أبي القاسم"

ألا أيها الظالم المستبد حبيب الفناء عدو الحياة ..

قضية الديمقراطية في حياة الشعوب واحدة. وعدو الشعوب في هذا العالم الرحب واحد ..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 939