الانقسام الفلسطيني الأخطر

ليس هو انقسام الضفة - غزة ..وإنما هو انقسام الحاضن الإسلامي على نفسه، كما بدا هذه الأيام. هو انقسام مبارك، نسأل الله أن يجمع القلوب فيه على الحق والهدى..

وكان هذا هو المحذور الذي يجب أن يعلمه الذين يجب أن يعلموا، ولكنهم مع الأسف لم يعلموا. وأخطر ما تعاني منه الأمة، قيادةُ الذين لا يعلمون..,.

عندما بدأ بعض القادة الفلسطينيين، يغرقون في عملية الثناء على القتلة المجرمين من أتباع الولي الفقيه، قدروا أن مشكلاتهم ستكون فقط مع الشعوب العربية المذبوحة.. ولما كانت هذه الشعوب العربية ممن يقال فيه "لا خيل عندك تهديها ولامال.." فقد قرر الراكنون إلى الذين أجرموا هؤلاء، أن ينبذوا إلى هذه الشعوب على سواء فكثرت التبريرات وكان أكثرها أذى عنوان : لكم قضيتكم ولنا قضيتنا. وقضيتنا دائما أولا ..!! كان هذا نظر " بعض أو بعيض" ولم يكن نظر الشعب الفلسطيني الأكرم والأعز ، والذي كان يتحين الفرصة ليقول كلمته..

ولم يسعف هؤلاء من فريق " الركون إلى المجرمين وكيل الثناء لهم، والتألي على الله فيهم؛ بعدُ نظرهم ليدركوا أن في فلسطين ،مذ كانت، رجالا لا يسكتون على ضيم، ولا يركنون إلى القتلة والمجرمين مهما كانت هوياتهم أو أعطياتهم..

وأخطر شيء يقع فيه الرجل العام حين يتصور أن "القضية وحملتَها" أصبحت ورقة في جيبه، أو كرتا على مائدة مقامراته، يضربه على الطاولة الخضراء عندما يشاء. وهذا الكلام يقال لكل من يحاول اختزال القضايا الكبرى وحامليها حسب مزاجه..كائنا من كان...

في فلسطين اليوم ومع "حملة القلوب الرحيمة" التي تنتمي إلى الحقيقة الفلسطينية الأجمل والأنصع والأقوم ، الحقيقة الفلسطينية التي لا يقدر على تزويرها أو تزييفها أو تجييرها مدع أثيم ؛ يجمع الأجاويد الفلسطينيون من قليلهم الملايين لمصلحة إخوانهم السوريين في مخيمات الانجماد، ويتعمدون قبل إرسالها أن يعطروها ببخور حريق صور قاسم سليماني وشركاه ..!! فما أعظمه من عطاء، وما أجمله من عطر، وما أطيبه من جهاد...!!

وهذا الأمر الذي تفرح له قلوب ملايين المسلمين، وملايين العرب، وملايين السوريين؛ ينشأ عنه بلا شك انقسام في الصف الفلسطيني، كان أولى بأولي الحكمة - لو كانوا - أن يتجنبوه ..!!

لا يمكن لقائد يمشي وحده أن يقول عن قاتل رجيم: شهيد القدس ..شهيد القدس ..شهيد القدس..وهو يعلم أن الأكثر والأطيب ممن حوله يعتقدون أنه رجيم ..رجيم ..رجيم ..

لقد كانت اللحظة تتطلب ذكاء سياسيا أفضل، وبعد نظري قيادي أوفر ..

اليوم في فلسطين ينقسم الصف المجتمعي إلى أولياء بشار والذي تتنافس على ولايته القيادتان المتدابرتان ، و إلى أخيار لا يركنون إلى الظالمين ولا إلى المجرمين، وقدقرؤوا وحفظوا وفقهوا: (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) وقرؤوا وحفظوا وفقهوا (لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) (وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)

أبدا لن نفرح بالانقسام الفلسطيني الجديد، ونحن نعلم أن "قضية فلسطين" أم القضايا في عالمنا، وأنها أساس القضايا وأسّها، وأفقها ..

لن نفرح به، ولن نباركه، بل سندعو الذين حادوا عن الطريق إلى أوبة وتوبة ،فإن لم يفعلوا ذلك عن قناعة فليفعلوه عن "تقدير لمصلحة" وقطعا للطريق على تعميق الهوة بين.. وبين ...

ندعو الله للصف الفلسطيني بالتوحد، على كلمة التقوى. اللهم اجعلنا واجعل أهلنا في فلسطين الأحق بها وأهلها ..

ألف شكر لأصحاب حملة القلوب الرحيمة من أهلنا الفلسطينين الأطهار، شكرا لهم على الدعم في وقته، شكرا لهم على العطر والبخور .. ودخان حريق صور قاسم سليمان الرجيم أحب إلى القلوب وأشهى إلى الأنوف الآنفة...

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 967