أين الطريق؟

د. موفق السباعي

كثير من الناس! يعيشون في هذه الدنيا في تيه، وضياع، وتخبط ، ولا يدرون إلى أين يسيرون، أو إلى أين يتجهون. إنهم يجهلون الطريق الذي يوصلهم إلى الهدف الذي ينشدونه، وإلى المحطة التي يقصدونها.

إن معرفة الطريق؛ لسلوكه والسير في جنباته.. ليس بالأمر اليسير، ولا بالمهمة السهلة، ولا يقدر عليها كل الناس.

لا يدرك الطريق، إلا أولو الحِجا، وأولو الألباب، وذوو البصيرة المبصرة، وذوو العقول المتفتحة، وأولو الأذهان النيرة.

فحينما انطلقت الجماهير في سوريا - قبل أحد عشر عاماً - في ثورتها المباركة، العفوية، اللاشعورية ضد نظام الأسد الطاغوتي، المستبد، الجبروتي.. كان هدفها الرئيسي هو: إسقاط وتحطيم ذلك النظام، والتحرر من هيمنته، وسيطرته على الحياة بكافة شؤونها لأكثر من خمسين سنة.

مواصفات هتافات وشعارات المتظاهرين

وكانت الشعارات التي رفعتها الجماهير في المظاهرات، والهتافات التي انطلقت بها حناجرهم، تحمل سمات دينية.. وهذا شيء طبيعي، ولا غرابة في ذلك على الإطلاق، وذلك للأسباب التالية:

واستغلت فترة تَحَوُّل الثورة إلى العسكرة، وحَمْلِ الثوار وعناصر منشقة من الجيش، للسلاح لأجل الدفاع عن المتظاهرين.. فحملوا هم أيضاً السلاح، وأخذوا يتاجرون به للإثراء على حساب دماء الشهداء، وتمكنوا بطرق ملتوية، وخسيسة، وخبيثة، وبمساعدة من جهات خارجية، من التغلب على العناصر الطيبة في الثورة - خاصة وأن هذه العناصر، بدأت تتناقص؛ نتيجة استشهادها - فازدادت أعداد السيئين، والمفسدين، والمعادين للثورة، وأصبحوا هم الغالبية، ولهم اليد الطولى، والكلمة المسموعة.

ووصلت حال الثورة - خاصة في السنوات الأربعة الأخيرة، بعد مؤامرة ما يسمى مؤتمرات أستانا وسوتشي، بين ما يسمى المعارضة السورية الهزيلة، الشكلية، الصورية، التي هي في حقيقتها مضادة، ومعارضة للثورة – وليست مؤيدة للثورة - وبين أزلام، وشراذم النظام الأسدي، برعاية الدول التي أطلقت على نفسها: الضامنة لتخفيف حدة التوتر، والصراع بين ما يسمى الثوار – الذين بطبيعتهم تلاشوا وانكفأوا على أنفسهم، وتخلوا عن الدفاع حتى عن أهلهم، وأقربائهم – وبين ميليشيات الاحتلال المتنوعة.

هذا وصف مختصر جداً لمسيرة الثورة العظيمة، التي لم يشهد التاريخ الحديث مثيلاً لها، من لحظة انطلاقتها في 15 آذار 2011 إلى هذه اللحظة، التي وصلت إليها، حيث تآكلت، وخمدت شعلتها، وانطفأ لهيبها، وفقدت زخمها، وتناقص عدد مؤيديها، إلا من قليل، ممن لا يزالون يلوكون كلمات مكرورة، ويردحون، ويُنفسُّون عن ألمهم، وعجزهم، وقهرهم، بمنشورات على منصات الإعلام المختلفة، والتي لا تسمن ولا تغني من جوع.

استحالة حصول مظاهرات جديدة

من المسلمات التي أصبحت بديهية للجميع.. أن المظاهرات أصبحت من المستحيل تكرارها، وحتى لو فرضاً، وبشكل خيالي، حصلت! فإنها ستُواجه، وتُقمع بوحشية أشد، وأنكى من السابق.

وأن قرارات ما يُسمى الأمم المتحدة، أو ما صدر عن مؤتمر جنيف.. لن تطبق بشكل قطعي، ويقيني، وأنها تستخدم بين الفينة والأخرى في الإعلام، للتخدير والتضليل، والضحك على الذقون.

وأن نتائج الحرب الأوكرانية! لن يكون لها تأثير على الوضع في سوريا – إلا من خلال تخفيف القبضة الروسية الحديدية قليلاً – وأن العالم أجمع، سيبقى يتعامل بازدواجية وقحة، وصريحة، وواضحة، دون حياء، ولا خجل.. وسيبقى يميز بين أبناء الصليب، وأبناء المسلمين – وخاصة مسلمي سوريا -.

من أجل ذلك! فإن اقتلاع النظام الأسدي، وتحرير سوريا من المليشيات، والجيوش الأجنبية المحتلة.. لن يتحقق! إلا بالجهاد والقتال في سبيل الله بشكل خاص.

وبما أن الفصائل المسلحة المتواجدة حالياً في الشمال، قد أخلدت إلى الأرض، وتثاقلت إلى التراب، وقام قادتها! بترويضها، وتدجينها؛ لتكون أليفةً، وخاضعةً، ومستسلمةً، كقطيع الأغنام، وأصبحت وظيفتها محصورة، بالدفاع فقط عن المسؤولين المتحكمين في الإدارة السياسية، كما هو حال الجيش الأسدي بالضبط ، الدفاع عن الأسد. فإنها غير مؤهلة، وغير جديرة بالعمل على تحرير سوريا من الأسد وزبانيته، ومن العصابات والجيوش الأجنبية المحتلة.

وأحد الأدلة على ذلك: هذا الفيديو الذي يصرح فيه أحد عساكر ما يُسمى الجيش الوطني؛ بمنعهم من إطلاق أي رصاصة على الجيش الأسدي، أو قسد :

https://twitter.com/i/status/1491389100334665728

إذاً! ما هو الطريق؟

 

تشكيل جسم جديد لقيادة الثورة؛ اسمه (تجمع السوريين الأحرار) لإعادة زخمها..

ويتضمن العناصر التالية:

1- العلماءَ الربانيين، الحركيين، الناشطين الذين يؤمنون بالجهاد في سبيل الله، والمتقدة قلوبهم بنور الله، والمتعطشين إلى تحرير الناس من العبودية للعبيد، إلى العبودية لرب العالمين.

2- الحقوقيين، والقانونيين، والمحامين الناشطين، والحريصين على استعادة شعبهم على حقوقه المغصوبة كاملة، من قبل بشار، وزمرته الطاغية الفاسدة.

3- السياسيين الشرفاءَ، الأطهارَ ذوي الخبرة، والكفاءة العالية في فهم، ومعرفة، وتحليل لعبة الأمم، والقادرين على مواجهتها، وإفشالها، وتحطيمها.

4- المفكرين الناضجين عقلياً، وذهنياً، ذوي البصيرة، والنظرة الثاقبة، والرؤية الواسعة، والمتسلحين بالفكر والمنهج الرباني – ولس العلماني البشري - الذي يفسر مجريات الحياة، وأحداثها، وحوادثها، بناءً على السنن الكونية الثابتة الراسخة.

5- الإعلاميين الواعين، ذوي الخبرة والكفاءة العالية، والقدرة على فهم، وتحليل، وتشريح ما يضخه الإعلام الدولي يومياً، من ملايين الأخبار، والتمييز بين الغث والسمين، وبين الكاذب والصادق.

6- الشبابَ الناشطين، والحركيين، والثوريين القادرين على الحركة، والتواصل مع مختلف طبقات المجتمع، والمؤمنين بضرورة، ووجوب تحقيق أهداف الثورة، في بناء سوريا الزاهر الواعد.

7- الحكماء المعمرين، الذين صقلتهم تجارب الحياة، وحوادثها، وعركتهم بأنيابها، والمشهود لهم بمقارعة الطغيان، والاستبداد الأسدي، منذ اغتصابه للسلطة، قبل واحد وخمسين سنة. وليس الذين ساروا في ركابه، ودعموه، وأيدوه، وتبوؤا مناصب وزارية وسواها، وخدموه خدمة كبيرة في تثبيت أركان حكمه، ثم حينما انطلقت شرارة الثورة، انقلبوا عليه، وجاؤوا يدندنون أنهم مع الثورة! ويبكون ويتندمون، على ما اقترفته أيديهم من جرائم في حق شعبهم.

8- رجالَ الأعمال والمال المخلصين، الصادقين، الشرفاء الذين لديهم الاستعداد الكامل للتضحية بأموالهم في سبيل الله، وفي سبيل نصرة دينه، ونصرة الثورة، وتحقيق أحلام الناس في العيش بكرامة، وعزة، وإباءٍ، وأنفةٍ.

9- المقاتلين والمجاهدين في سبيل الله - سواءً الذين انسحبوا من الفصائل المسلحة حينما رأوا انحراف قادتها، وخيانتهم، وعمالتهم لجهات أجنبية، أو الذين لا يزالون يقاتلون في أرض المعركة، ويعملون فرادى، أو ضمن مجموعات صغيرة أو كبيرة، ويريدون أن يتحرروا من سطوة الجهات الأجنبية، ويعملوا باستقلالية تامة بعيداً عن التبعية لها، وتنفيذ أوامرها وتعليماتها – ويضمُ إلى جانب المقاتلين المتطوعين، الضباطَ والعساكرَ الذين انشقوا عن جيش الأسد، وبعضهم يجلس في المخيمات، بدون أي عمل، ولا يقدم للثورة أي عطاء، ولا يُستفاد من خبراتهم، وعلومهم العسكرية التي اكتسبوها في سني خدمتهم العسكرية شيئاَ.