عاشوراء بالنسبة للجزائري.. صيام، وسخاء، وتوسعة على العيال
قرأت البارحة منشورا،عبر صفحة جزائري، بعنوان: "حكم ربط إخراج الزكاة بيوم عاشوراء "، وممّا جاء فيه: ".. بل هي من ممارسات الشيعة الذين يقولون بضرورة التوسيع في الإنفاق في يوم عاشوراء..، لذلك يعد التمسك بعاشوراء لزكاة الأموال من البدع المحدثة".
أقول: القول أنّ الجزائري يعتقد أنّ دفع الزكاة مرتبط بعاشوراء فقط دون غيرها من الأيّام مبالغ فيه، واتّهام للجزائري بما ليس فيه. والجزائري -اليوم-، يعرف جيّدا أنّ الزكاة لها وقت معلوم، طبقا لقوله تعالى"وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ"، سورة الأنعام. ويعلم أنّ لكل نوع من الأنواع التي تجب فيها الزكاة، لها وقت معلوم.
اختيار يوم عاشوراء لإخراج الزكاة، والمعنية بإخراجها ذلك الوقت، تعتبر من الأعراف التي وضعتها الجزائر، ويحترمها المجتمع الجزائر، وما زال يتمسّك بها من الناحية الرسمية باعتبارها يوم عطلة رسمية منذ سنة 1963 في عهد الرئيس أحمد بن بلة رحمة الله عليه، وأقرّها فيما بعد الرئيس هواري بومدين رحمة الله عليه. فعاشوراء إذن مناسبة رسمية وشعبية، وذات طابع ديني.
نعم، عاشوراء لدى المجتمع الجزائري، تتطلب التوسعة على العيال، بما أتيح وقدر عليه المرء. وفي ذلك أحاديث نبوية، وأقوال أسيادنا الفقهاء، رحمة الله ورضوان الله عليهم جميعا، بالإضافة إلى أنّها من الأعراف الجزائرية المبنية على الفطرة السّليمة، والفهم الفاعل، وحبّ الجزائري لدينه وسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
قرأ صاحب الأسطر، وهو يعدّ هذه الأسطر لعالمنا وفقيهنا عبد الرحمن مصطفاوي، عبر منشور له بعنوان: "عاشوراء"، وهو ينقل عن صديقه في الفقه والعلم، مولانا مُحَمـَّدْ شَوْقِيِّ، قائمة من الأحاديث النبوية، وأقوال أسيادنا الفقهاء، في فضل التوسيع على العيال بمناسبة عاشوراء، لمن أراد أن يعود إليها.
يعاتبنا الشيعة، ويتّهموننا، ويقذفوننا لأنّنا نعتمد على: "التوسيع في الإنفاق في يوم عاشوراء"، وكان يجب -في نظرهم-، البكاء والحزن واللّطم على سيّدنا الحسين رحمة الله ورضوان الله عليه. وسأتعمّد -كعادتي-، عدم الخوض في هذا الموضوع، وأطلب من القرّاء، والنقاد الكرام عدم الخوض في هذه النقطة، لأنّها ليست من مقاصد المقال.
ونقول للجزائري: الشيعة لايقولون -ولغاية هذه الأسطر-، "التوسيع في الإنفاق في يوم عاشوراء"، ويرون التوسيع على العيال في يوم عاشوراء، من الجرائم والمنكرات، التي يجب أن تتوقف فورا، لأنها تنتهك -في نظرهم-، الحزن الذي يليق بسيّدنا الحسين عليه السّلام.
من أين للجزائري، أنّ توسيع الجزائري على العيال في عاشوراء: "من ممارسات الشيعة الذين يقولون بضرورة التوسيع في الإنفاق في يوم عاشوراء".
كان الله في عون الجزائري: أتباع شيوخ وسلاطين السّعودية، يتّهمونه بالضلال والبدعة، لأنّه يوسّع على عياله في عاشوراء، ويتّهمهونه بأنّ مايقوم به من التّوسعة على العيال في عاشوراء، "من ممارسات الشيعة". والشيعة يتّهمونه بأنّه يعادي سيّدنا الحسين، رحمة الله ورضوان الله عليه، وهو العظيم ابن العظيم ابن العظيم، لأنّه -في نظرهم-، كان عليه أن يحزن ويبكي ويلطم، وليس من حقّه أن يبدي مظاهر الفرح كالصوم، والتوسعة على العيال.
عاشوراء بالنسبة للجزائري، مناسبة للتقرّب إلى الله تعالى بالصيام، لمن أراد وقدر ويؤمن بذلك. وهي فرصة للبذل، والسخاء، والكرم، والجود، والتصدّق على الفقراء والمساكين، والتّوسعة على العيال.
وهذه خصال عظيمة امتاز بها الجزائري، والمطلوب تشجيعها، والثّناء على أصحابها، وحثّهم على التمسّك بها، لأنّها تعبّر على الفطرة السّليمة النقية التي فطر عليها الجزائري منذ خمسة عشر قرنا.
ومن أراد أن يذم ويستنكر وينتقد ويستهجن، فلينتقد البخل والحرص والمنع والتبذير. وفي الوقت نفسه، فليحرص على البذل والسخاء والتوسعة على العيال، بما يستطيع ويقدر ويؤمن به، وبما ينفع أهله ومجتمعه وأمّته.
تشاء حكمة ربّك وأنا أراجع المقال، إذ بي أقرأ بالصدفة أنّ دراسة أجراها الاستدمار الفرنسي للجزائر سنة 1958، فتوصلت إلى النتيجة التّالية: أنّ أكثر الأسماء انتشارا لدى المجتمع الجزائري -يومها-، هي أسماء أسيادنا: فاطمة الزهراء، وعلي، والحسن، والحسين رحمة الله ورضوان الله عليهم جميعا.
أضيف: مازال المجتمع الجزائري، وسيظلّ يحبّ أسيادنا آل البيت، رحمة الله ورضوان الله عليهم، بفطرته السّليمة النّقية الطّاهرة، ويتقرّب ؟إلى الله تعالى بحب أسيادنا آل البيت، رضوان الله عليهم جميعا.
نظلّ على عهدنا، لانتدخل في شؤون المجتمعات التي تخالفنا المعتقد، والعادات الخاصّة بعاشوراء.
وسوم: العدد 991