في قواعد البيان بين الفقه والسياسة
من القواعد الفقهية الأصولية..
قولهم: لا ينسب لساكت قول، والصمت في معرض الحجة والبيان بيان.
وهاتان قاعدتان فقهية وأصولية ضمتا معا.
فالأولى ان الانسان لو تفاوض الناس في حضوره، أو صار الى علمه ان الناس مختلفون في أمر او عليه، فظل صامتا؛ ولم يدلِ برأي، فصمته حمّال أوجه، ولا يُنسب إليه قبول أو رد. وربما كان له في صمته معاذير لا يحب ان يفصح عنها. وذلك قولهم: لا يُنسب لصامت او لساكت قول.
وأما قولهم: والصمت في معرض البيان بيان. فهو في أصله قاعدة أصولية مبنية على "السنّة التقريرية" أي ما جرى او كان يجري في عصر الرسول الكريم وبعلمه وسكت عنه صلى الله عليه وسلم. كقول الصحابي "كنا نعزل والقرآن ينزل" أي لو كان في هذا الفعل شيء لنهانا عنه القرآن الكريم او الرسول صلى الله عليه وسلم.
والعزل لمن لا يعلم طريقة أولية في تنظيم الحمل. فيعزل الرجل ماءه عن رحم المرأة. ويقذفه خارجا. لسبب يبدو له.
أما في حق غير الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فقد اعتبر الصمت دالا في مواطن محدودة، أفاض فيها الفقهاء ومنها:
صمت البكر إذ يعرض عليها وليها الزواج.
ومنها صمت المشتري عن عيب السلعة اذ أخبره البائع عنه ساعة التقابض فدفع وقبض.
وليس صمت كل الناس في كل الأحوال بيان.
هذا في الفقه..
أما في السياسة، فصمت السياسي محمول على أسوأ الوجوه عند المتربصين به، من أعدائه وحساده..
لذا لا ينصح سياسي أن يترك لأعدائه او خصومه ان يتقولوا عليه، ويتأولوا موقفه، فيقول أحدهم، وإنما صمت لأنه مرتهن لكذا، وإنما صمت لأنه متطلع إلى كذو، وإنما صمت لأنه…
فيجب على السياسي ان يعبر عن رأيه ولو وقع ضمن الدائرة الحرجة، فيخرجه بلطفه وكياسته ودماثته ألطف مخرج ممكن، ولا يترك الامر لعدوه..
وسوم: العدد 1015