حَوْلَ المؤتمر القوميّ الفارسيّ (العربيّ سابقاً)، في بيروت ودمشق
صَفَّقوا طويلاً على دفعات، فذكّرونا بالنَّصْب التذكاريّ في الصالحية المسمى بمجلس الشعب أو البرلمان السوريّ، المتشكل نصفه من أعضاء حزب البعث الحاكم الفلاحين والعمال، أما النصف الثاني، فمن أعضاء حزب البعث الحاكم الآخرين المكشوفين أو المدسوسين أو المقنَّعين.. هذا حينما صفَّقوا.. أما عندما تكلّم بعض منافقيهم (وجُلّهم منافقون)، وخطبوا، وبدت وجوههم حمراء كبطّيخ ذوي الحظ السعيد (من الداخل).. عندئذٍ شعرنا بأنّ ذاكرتنا عن إنجازات البرلمان العتيد إياه، لاسيما في جلساته الشوارعية المعتادة.. ذاكرتنا هذه، بدت كما لو أنها قد مُسِحَت،.. فقد أنسانا صناديد القومجيّين الفُرس (العرب أو العُربان سابقاً)، أنسونا ما يقترفه عادةً رعاديد برلمان العصابة الحاكمة أو نَصْبِها التذكاريّ القابع في قلب دمشق!..
لست أدري حقاً إن كان أعضاء المؤتمر من العُربان القادمين إلى بيروت ودمشق، هم نسخةً طِبق الأصل عن الأعضاء السوريّين وما يُسمى بمجلس الشعب، بعد أن قام الدكتاتور الأب حافظ منذ أكثر من نصف قرن، بسنّ سُنّة إجراء العمليات التصنيعية الإبداعية، لذلك المجلس التافه المزوَّر باسم القومية العربية وأحزابها المتيبّسة في دمشق والمحافظات السورية، التي شَكّلت وما تزال تُشكِّل، جزءاً من تركيبة النظام المافيوي منذ ذلك الحين، وبذلك قضى الدكتاتور حافظ على دَوْرَ البرلمان، في التفاعل مع القضايا الحقيقية للأمة والشعب، ومع قضايا الإنسان السوريّ وحقوقه المدنية والإنسانية، فلم يعد يوجد ممثّل لسورية في مؤتمرات العرب والعالم.. إلا الهتّافون من أصحاب الشعارات الحجرية المسبقة الصنع!.. والمؤتمر الأخير للقومجيّين، أكّد لنا أنّ هذه السياسة الدكتاتورية لحافظ بن سليمان الوحش، الذي امتدّت يده العابثة الطائفية إلى اللجان القومية البرلمانية.. أكّد لنا أنّ هذه السياسة القمعية، هي سياسة معظم الأنظمة العربية، مهما اختلفت طريقة الإخراج، لنكتشف أنّ مؤتمر القومجيّين العرب الذي انعقد مؤخراً في بيروت (في تموز 2023م)، وانعقد اجتماع أمانته العامة في دمشق، هو وصمة عارٍ في جبين أعضائه كلهم، ليس لكثرة التهريج والهُراء والكلام الفارغ المتملّق الذي شهدناه أو سمعناه، وذلك أثناء حضور زعيم العصابة الحاكمة الدكتاتور رئيس عصابة الكبتاغون، المجرم الفارسيّ بشار بن حافظ بن سليمان الوحش.. بل لأنه ما كان أصلاً من منطلق احترام حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية للمؤتمِرين وللشعب السوريّ المضطهَد.. ما كان أصلاً من اللائق، أن يُعقَدَ مثل هذا الاجتماع في دمشق. وعلى هذا، فالحاضرون لم يدوسوا على كرامة المواطن السوريّ المسحوق فحسب، بل داسوا أيضاً على كرامتهم الشخصية والحزبية (إن كانوا يملكون تلك الكرامة أصلاً)!.. لأنّ المواطن السوريّ يقف اليوم فاغراً فاهُ أمام ما يجري أمامه بكل صفاقةٍ واستهتار، من قِبَل أولئك القومجيّين، الذين من المفترض أن يصطفّوا إلى جانبه، مُطالبين بحقوقه الإنسانية والقومية والوطنية الأساسية، التي ينتهكها نظام القتل العنصريّ الطائفيّ بأبشع الصور، منذ أكثر من خمسين عاماً، مُخَلِّفاً ذلك النظام الفاشيّ المجرم مع حليفه الفارسيّ المحتلّ، أكثر من عشرين مليون مقتولٍ ومفقودٍ ومُهَجَّرٍ ولاجئٍ ونازح!..
* * *
كان على أعضاء القومجيّين العُربان، أن يسألوا زعيمَ العصابة المافيوية الكبتاغونية الحاكمة، عن أمكنة المقابر الجماعية في صحراء تدمر، وفي حماة وحلب وجسر الشغور وحمص واللاذقية ودمشق ودير الزور والرقة و..، لا عن مدى استعداداته المزعومة للتصدي للهجمة الأميركية الصهيونية.. المزعومة أيضاً.. كان على المارقين القومجيّين، أن يسألوا المجرم بشار الوحش، عن العدد الحقيقيّ لملايين المواطنين السوريين الـمُغَيَّبين عن الفعل الوطنيّ، وعن كيفية إعادتهم إلى دائرة الفعل الذي يخدم سورية ودَوْرَها القوميّ وممانعتها الحقيقيّة. ذلك إذا كانوا حقاً يريدون لسورية أن تصمد وتتصدى للشرّ الذي أصبحوا بعضَ أدواته أو غطاءه الساتر.. كان عليهم أن يُبَصِّرُوه بأخطار استعانته بالفرس المجوس وبالصليبيّين الروس، على سورية العربية، وعلى تماسكها الوطنيّ الضروريّ لصمود الوطن وممانعته.. كان عليهم أن يستنكروا بَيْع سورية العربية للمحتلّ الفارسيّ والروسيّ، الأمر الذي يعكس عنصرية النظام الذي يُصفّقون له، وخيانته القومية، التي تعكس طائفيته ودكتاتوريته، ولا يوجد لحقارتها وقذاتها مثيل في الأرض.. كان عليهم أن يسألوه الكشف عن آلاف المفقودين الفلسطينيين واللبنانيّين الـمُغَيَّبين قسراً منذ عشرات السنين في أقبية التصدّي والصمود والممانعة!,, لعلهم يكشفون لشعبنا العربيّ كله: هل أولئك الـمُغَيَّبون في عداد الأحياء أم الأموات؟!.. كان عليهم أن يسألوه عن دم رفيق الحريري وسليم اللوزي والشيخ حسن خالد.. وعن أمثالهم من العرب الذين قتلهم غيلةً هذا النظام الفاجر..، لا أن يُشجّعوه على الاستمرار في تقويض دعائم القومية العربية التي يعقدون لها المؤتمرات والاجتماعات الاستعراضية القبيحة كوجوههم الكالحة.. كان عليهم، طالما أنهم أصرّوا على عَقد اجتماعاتهم في دمشق التي حوّلها زعيم عصابات الكبتاغون إلى عاصمة الانتهاكات القومية والإنسانية.. كان عليهم أن يسألوه ويسألوا عصابته، عن مغزى دفع عصاباته الجيشَ السوريّ إلى المدن السورية بدل الجولان المحتلّة التي باعها وقبض ثمنها، وما يزال يزعم الصمود والممانعة ويوجّه إمكانات سورية ضد سورية والعرب لصالح المحتلّ الفارسيّ والصهيونيّ والروسيّ.. بل كان على هؤلاء (القومجيين) الناريين قبل ذلك كله، أن يسألوا بشار الوحش، ماذا كان ينسج مع الرئيس الإيرانيّ الفارسيّ ضد العرب في دمشق وقُم وطهران!.. كان على هؤلاء القومجيّين أن يكونوا رجالاً لا ذكوراً.. أصحاب حقٍ لا أهل باطل.. شجعاناً لا رعاديد لا يُجيدون (منذ اعتناقهم قوميّتهم الكاذبة) إلا الصراخَ والهتافَ الفارغ والنفاق.. كان عليهم أن يحكموا على الدكتاتور المارق الحليف الاستراتيجيّ الطائفيّ للفُرس المجوس.. بالتصفيد والانصياع لعدالة الشعب، لا أن يُدرّعوه بدرع الانتصار الفضيحة، لتشجيعه على الاستمرار في انتهاك حقوق الإنسان السوريّ بشكلٍ لا يمكن تصوّره.. كان عليهم أن يفتحوا أبواب الممانعة الوطنيّة بمفاتيحها الحقيقية، لا أن يُغلقوها بأغلال النظام المافيويّ الطائفيّ الخائن!..
* * *
إننا نعلم، أنّ الفاشل (حمدين صبّاحي) الذي يتزعّم جوقة المؤتمِرين القومجيّين لصالح عصابة الطغيان الكبتاغونية، وشلّة المتآمرين على شعبنا العربيّ السوريّ.. نعلم أنه كان أحد المهزومين بجدارةٍ في الانتخابات المصرية، فهذا الذي أسقطه شعبه المصريّ، قَدِمَ إلى دمشق، ليحظى بِرَدّ الاعتبار من قِبَلِ بشار الوحش، والوسيلة هي هذا السلوك الحجريّ الـمُصَنَّع في مرحلة الدكتاتورية الناصرية، التي هي قُدوة الدكتاتوريات العربية ومُلْهِمَتَها، وكأني بصبّاحي هذا، لم يسمع حتى الآن بسقوط جدار برلين!..
بالله عليكم: أمؤتمر قومجيّين عرب هذا.. أم مؤتمر قوميّين فُرس؟!..
وسوم: العدد 1044