"طوفان الأقصى" ومثقفو الردة
تعاود بعض وسائل الإعلام ومجموعة من الإعلاميين من "مثقفي الردة" و "كتبة المارينز" وأشباه المثقفين المتصهينين الذين يحملون دماء عربية هذه الأيام لعب أدوارها السيئة ضد فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة في حملة جديدة ومستهجنة من المحاولات الحثيثة والجادة لتصفية القضية الفلسطينية من خلال شيطنة حركة حماس!!
شاهدنا بدايات هذه الحملة في العدوان الإسرائيلي على غزة في عدوان 2014، حيث تسللت مشاعر الشماتة بأهل غزة إلى نفوس البعض كمرض خبيث لا يمت للأخلاق أو الشهامة والمروءة بصلة، وقد طالت هذه المشاعر نخبة من الكتاب والإعلاميين الذين وجدوا في العدوان على قطاع غزة فرصة لتصفية الحسابات مع حركة حماس، وإلقاء كل أخطاء التاريخ عليها، ولا يدرون أنهم بذلك يتوحدون مع مشاعر الضغينة والبغضاء التي يكنها الإسرائيليون لكل ما هو فلسطيني، حيث لم يتوان بعض الإعلاميين بالتغني والإشادة بالعدوان الإسرائيلي على غزة، واتهام الفلسطينيين بأنهم هم الذين تسببوا في قتل أنفسهم.
ولو تتبعنا ما بثته الفضائيات والصحف، وما كتبه بعض الإعلاميين من سباب وردح وشتائم، لكان المشهد أكثر بؤسًا بكثير! ودفع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ثمن هذه الأكاذيب المبتذلة:
فأغلقت المعابر في وجوههم، ودمرت أنفاقهم، ومنع مرضاهم من السفر للخارج للعلاج، والطلبة من الالتحاق بدراستهم في الخارج، وتعرض الفلسطينيون لسيل من الشتائم والسباب تدل على ما وصل إليه "مثقفو الردة" من حقارة لا حدود لها، ووضاعة وخسة وقلة إدراك!
لقد عرف تاريخ الإعلام العربي منذ نشأته العديد من "كذابي الزفة" الذين حاولوا تغييب الوعي، لكنهم لم يكونوا يضطرون إلى إظهار فجاجة خطابهم أمام الناس؛ كون المرحلة آنذاك لم تكن تتطلب ذلك.
لكن المخيف أن هناك من يصدق، لا بل إن هناك من يتبنى مواقف سياسية استناداً إلى المنطق الذي تقدمه الوصلات الإعلامية، في حين أن هذه الوصلات على الشاشات الفضائية لا ينطبق عليها علميًا مصطلح إعلام؛ فالواقع المعاش اليوم في الإعلام المعادي لفصائل المقاومة فاق كل المبالغات التي اعتاد الساخرون تقديمها لجمهورهم على سبيل النكتة، والأعمال الفنية الساخرة التي يراد لها أن تكون كوميدية أو ساخرة جادة أكثر من اللازم في مقابل "الأعمال الكوميدية الإعلامية" على شاشات التلفزة التي تنتقد ليل نهار الشعب الفلسطيني، وترمى عليه كل أخطاء التاريخ.
ويتساءل المواطن العربي في كل مكان: ما سر هذه الهجمة التي تبدو غريبة على المشهد العربي على حركة مقاومة قاومت العدو الصهيوني على مدار السنوات الماضية، وتتصدى هذه الأيام لحرب الإبادة والتطهير العرقي للشعب الفلسطيني؟!
وكيف تحولت حركة حماس فجأة، وعلى الرغم من أنها ضحية، ويفترض أنها تناجز عدو الأمة العربية الأول تاريخيا كما كانت تصدح الحناجر إلى "عدو بديل" توجه السهام إليها؟!
وكيف يجرؤ عربي على الانحياز إلى صف العدو الصهيوني جهاراً نهاراً، ويتنكر لحركة قدمت كبار قادتها وأبناءهم وزوجاتهم شهداء ومعتقلين ومطاردين في سبيل الله؟!
إن الحقيقة الكبرى التي لا مراء فيها أن حركة حماس أعادت الصراع مع الصهيونية إلى جذوره التاريخية؛ فهي الوحيدة التي تذكر الأنظمة العربية بأن إسرائيل لم تزل عدواً، وليست حليفاً في مواجهة "الربيع العربي"، وهو أمر يحرج هذه الأنظمة، ويكشف زيفها، وخداعها شعوبها على مدار عشرات السنين.
وسوم: ألعدد 1056