تعدد المذاهب الفقهية نعمة ... والحاجة إلى تعدد الآراء في الأدب
التعددية نعمة.. فهي إثراء للفكر وعنوان للحضارة ودليل على الرقي والتقدم
وتعدد المذاهب موجود في نراثنا الفقهي، وكمثال على الروح العلمية نقدم ما قاله النووي رحمه الله في إحدى المسائل : " لو صلى في دار أو نحوها بصلاة الإمام في المسجد، وحال بينهما حائل لم يصح عندنا، وبه قال أحمد.
وقال مالك : تصح إلا في الجمعة . وقال أبو حنيفة : تصح مطلقا" انتهى من "المجموع" (4/200).
ما أحسن التسامح العلمي
ذكر النووي مذهبه
وذكر ما يخالفه
هذه هي الموضوعية والأمانة
ولولا تعدد المذاهب الفقهية
لكان هنالك مشقة على الناس
ولما صلحت الأحوال
بتعدد المذاهب كانت الشريعة السمحة صالحة لكل زمان ومكان
فيتبع أهل كل بلد ما يلائمهم
هذه هي المنهجية العلمية والديمقراطية الحقيقية المتمثلة بقبول الاجتهاد المغاير والرأي الآخر والتي ولدت عند فقهاء الأمة قبل أن يعرفها السياسيون في العصر الحديث
قبح الله التعصب للرأي والتكلس حول رأي واحد، ورفض كل ما سواه!
***
وما هو قائم في الفقه نحتاجه في الأدب...
ليس مقبولا أن يكون موقف الأدباء من قضايا الأمة ومشكلاتها موحدا في كل الأوقات .. يردده الأدباء بصوت واحد كما يفعل طابور التلاميذ في المدرسة حين يرددون النشيد الوطني..
فالإبداع يكون بتعدد البصمات والأصوات والأفكار..
والاختلاف بين الناس من سنن الله في خلقه..
والشورى تقتضي تعددية الآراء... فلا قيمة لها إذا ردد الجميع رأيا واحدا كالببغاوات..
والالتزام يجب أن يكون نابعا من نفس الأديب لا مفروضا عليه من الخارج
والتغريد خارج السرب ليس بالضرورة أن يكون صاحبه خائنا أو مرتدا أو منافقا كما اعتاد الناس على تصنيفه..
فربما كان الأديب صاحب رؤية واستشراف للمستقبل.. يرى ما لا يراه القطيع ... قال الشاعر:
أمرتهم أمري بمنعرج اللوى
فلم يستبينوأ الرشد إلا ضحى الغد..
***
لا أدب بلا فكر
ولا فكر بلا تعددية
الأمة التي نرتعد فرائصها من قصة قصيرة أو قصيدة أو مقالة.. هي أمة ميتة بلا نبض ولا حياة ولا مستقبل..
***
لنحيي الإبداع في الأدب.. وذلك حين نسمح للطيور أن ترفرف خارج أقفاصها، ولو كانت تلك الأقفاص من ذهب! وليقولوا كلمتهم بلا قيود ولا أسوار مهما كانت القضايا التي يتحدثون عنها شائكة أو واضحة.. ظالمة أو عادلة .. حساسة أو تافهة ..
***
لا ينبغي لأي إنسان كان أن يمارس وصاية على أخيه الإنسان.. ليعلمه ماذا يقرأ وماذا يكتب وماذا يقول فالله سبحانه خلق الناس أحرارا... والمسئولية فقط أمام ديان السماوات والأرض.
وسوم: العدد 1067