حول أجوبة الأسد الشخصية على دعوات الحوار التركية
دائما للأسد طريقته الخاصة في التعبير، تشتق التعابير في المدرسة الأسدية من روحية المدرسة الباطنية. وفي هذه المدرسة يفسر قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً) بالقول إن الله يأمركم أن تذبحوا عائشة، رضي الله عن أم المؤمنين عائشة.
الرسائل المدورة أو المبطنة هي تلك الرسائل التي يمكن أن تقرأ على أكثر من وجه وطريقة.
يقول بعضهم تعليقا على أجوبة الأسد بالأمس، إن الأسد أكد تطلعه بإيجابية لمبادرة تحسين العلاقات مع الأتراك…
وهكذا يريد الأسد أن تقرأ الرسالة في فضاء الذين يضغطون عليه ليتجاوب مع حرارة اللهفة التي يبديها الطرف الآخر.
اللقاء التركي- الأسدي، ولا يستطيع عجوز مثلي أن يصفه بأنه لقاء تركي-سوري، ففي يقيننا أن سورية بكل إرثها الحضاري والسياسي والبشري والإنساني، ستظل بعيدة عن مثل هذه اللقاءات المعلبة..
الأسد يرسل رسائله لفريق ثالث؛ غير الذين خاطبوه، يريد أن يُفهم منها أنه قابل بالعروض الساخنة بإيجابية..
والفريق الثالث معروف، فإذا كان المقصود بالخطاب الفريق الثالث، فماذا يريد الفريق الثالث من الدفع في هذا الاتجاه؟؟ ولو أبحرنا قليلا مع هذا السؤال فستحضر الولايات المتحدة والصين والحرب في أوكرانيا، والدور الدولي الذي يحاول البعض أن يستعيده، كما سيحضر كل نفط الشرق العربي، مع إيران ومشروعها والصهيونية وحرب الإبادة على غزة…وستصبح سورية مطلبا صغيرا في الفضاء الذي ندوّم فيه!!
هذا مع الذهاب بعيدا مع القول أن الأسد تعامل بإيجابية مع الدعوات التركية إلى الحوار..
ولكن كلمات الأسد يمكن أن تفسر بكل سهولة في مجالس أخرى وميادين أخرى؛ بأنها الأجوبة المتعالية للقائد المنتصر، ضد الذين..
أو أنها الأجوبة الساخرة ضد الذين…
أو أنها الأجوبة التي تعطي المنتصر الحق في فرض شروطه..
أجوبة الأسد الخاصة يوم أمس على دعوات الحوار التركية، بكل موضوعية يمكن أن تقرأ على سبعة أوجه، والسبعة للتكثير وليس للتحديد…
ولكن أهم تلك الأوجه هي في دعوة الأسد من يدعونه إلى اللقاء، إلى التوافق على حرب الإرهاب والإرهابيين..
ومعروف أن تفسير بشار الأسد للإرهاب والإرهابيين ما زال محصورا في أطفال درعا وحمزة الخطيب وهاجر الشرعي ودم مليون شهيد وكل الأبرياء المهجرين في الباصات الخضر من الغوطة والقلمون وحمص وحلب وسائر المدن السورية..
ومؤكد أن تفسير الأسد لمفهوم الحرب على الإرهاب والإرهابيين إنما يكمن في شرعنة استعمال السارين والكلور والبراميل المتفجرة وقصف بيوت المستضعفين وإحراق المساجد والمدارس والمستشفيات ومحاضن الخداج…
اغمسوا ايديكم معي في جفنة الدم، حتى لا أظل أعير وحدي بأنني القاتل ثم نجلس بوصفنا شركاء..
هكذا يقول بشار الأسد بالأمس في دعوته من يريدون أن يكونوا شركاءه على طاولة حوار…
الإرهاب الذي يدعو الأسد إلى حربه هو هذا. والإرهابيون في مصطلحات الأسد هم هؤلاء، وليس كما يحلم الواهمون،أنهم هم الذين غذاهم الأسد الأب على مدى عقود معروفة حتى يكيدوا للدولة التركية كيدا…
الكيد الأسدي لتركية بدأ من وقت لم يكن في تركية رئيس طيب، ولا حزب عدالة، ولا لاجئون ولا مشروع إسلامي…!!
هل سيلتقي بشار الأسد على محاربة من رباهم حافظ الأسد على عين، يوم كانت تلك المخالب الحادة تخمش كل يوم وجه تركية الجميل..؟؟
والذين لم يوضع حدٌ لجرائمهم، التي أودت بحياة عشرات الألوف من الأتراك المدنيين الأبرياء إلا بعد أن…؟؟
أظن أنه قد نسي بعض الناس أو تناسوا، وفي لغة العرب يزعم الكوفيون أن الإنسان مشتق من النسيان، أن العمليات الإرهابية تلك لم تتوقف، إلا بعد أن اصطفت الدبابات التركية على حدود حافظ الأسد، ثم هدرت محركاتها…
يحدثنا مرة نائب حافظ الأسد، كيف تجرّع الأسد كأس السم يومها، وأوكل إليه مهمة إقناع الحليف التاريخي والشريك العملي أنه لضرورة التكتيك الوقتي، يجب أن نتظاهر بفك عرى الالتحام..!! يضيف نائب الرئيس: ودخلت على الرجل، وطرحت عليه بضعة أسئلة..
وفهم الرجل الرسالة، ورشف رشفة من كأس الشاي الذي أمامه ثم وعدني خيرا..
وبعد صباح حمل حقيبته ورحل.. رحل إلى المكان حيث علمنا وعلم أننا نرسله إليه…
وسط غابة من شجر المصالح والتنافضات!!
وكما لعب الأسد الأب يومها على رأس المذكور.. يريد الأسد الابن هذه الأيام من يلعب معه على رؤوس عشرة ملايين سوري!! كان وما زال وسيبقى يصفهم بأنهم إرهابيون….!!
الأسد لا يريد شراكة على المستقبل بقدر ما يريد شراكة على الماضي
شراكة على حرب الإرهاب والإرهابيين في صورة المساجد والمدارس والمستشفيات ومحاضن الخداج. يريد شراكة تؤكد طهورية استخدام السارين والكلور والبراميل الغبية!! يريد شراكة في إثم السكوت على العدوانات الصهيونية تستبيح كل صباح فضاءات الأرض السورية..
يريد شراكة على "البكج" بكل ما فيه، وليس فقط على ما تسرح فيه أذهان الحالمين.
يريد من يسرح معه أو به في البحر المنسرح
لا تسرحي يا نياق عن بلدي..
أنعامنا في عكاظ مسرحها.
مات اليوم فاروق الشرع، رجل رفض أن يغمس يده في دماء مواطنيه من السوريين!! وأكد كثير أنه يمكن أن تكون للمغاليق مفاتيح أخرى
والرجال مواقف.
وسوم: العدد 1087