قيم مجتمعنا

هذا التركيب الإضافي ليس من صناعتي، ولا هو من إطلاقات المكرمة عائشة الدبس عندما قالت، إنها لن تسمح للغزاة بأن يهددوا حصوننا!؛ مهما كان النسيج اللفظي الذي قالت به، فهذا كان المؤدى العام في سياقه...

وهذا العنوان "قيم مجتمعنا" اللطيف المهضوم الذي يصطف خلفه خلق كثير ، ولا يذأر على الذين يرددونه أحد؛هو من إطلاقات إدارات العوالم الافتراضية أجمع...الإدارات الظاهرة والخفية..

كتبت مرة الشهيد...وذكرت اسم شخصية مسلمة تم إعدامها منذ مائة عام..وقال فيها شوقي:

يا ويحهم نصبوا منارا من دم .. يوحي إلى جيل الغد البغضاء

فجاءني إنذار من إدارة العالم الحر: هذا المنشور يخالف "قيم مجتمعنا" فانتبه..

كتبت مرة عن دولة في أقصى الشرق، وذكرتها باسمها، أنصح القائمين عليها، أن تعليم البنات خير ولا يأتي إلا بخير، فحظرت أسبوعا، وقالوا: ذكر هذه الدولة يتعارض مع "قيم مجتمعنا"

في عالم الهجرة بكل مباهجه، أرى أكبر همّ الأسر العربية، أن لا يقع الطفل/ الطفلة، في خطيئة على مستوى التعبير، تودي به/ بها وبأسرتهم... مجرد خطيئة لفظية على مستوى التعبير، يقولون وراء هذا اللفظ الذي تفوه به طفلكم عوالم من المكنونات: كأن يقول الطفل: أنا لا ألبس اللون الوردي أختي سارة هي التي تلبسه، أنا ألبس اللون الأزرق مثل أبي، وأختي سارة تلبس الثوب الوردي مثل أمي. هذه العبارات محظورة هنا حتى في رياض الأطفال. كم ستكون مهمة مجتمعنا صعبة في ظل هذه التجاذبات..ربما تكون مهمة المكرمة عائشة الدبس أشد صعوبة من مهمة وزارة الاقتصاد أو محافظة البنك المركزي وأرجو أنها تدري...

أحرار كثيرون حول العالم سجنوا بقانون معولم لأنهم. شككوا في تعداد ضحايا ا ل ه و ل و ك س ت ..ليس ضحايا سجن ولا صيدنايا ولكن الذي تعلمون...ولكن مالي وأنا أعيش في العالم الحر أقطع الحروف...؟؟!!

كتب الدكتور محمد محمد حسين صاحب كتاب "الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر" يقصد منذ مائة عام، كتب كتابه الجميل "حصوننا مهددة من داخلها في أوكار الهدامين" وأكرر يجب علينا أن نحمي حصوننا من كل تهديد يكون من داخلها ومن خارجها. وهذه الحماية لا تكون في عالم البنادق ولا الخنادق فقط، ولكن حيث تقرع الحجة بالحجة أيضا...

كتب الجميلان: الخالدي وفروخ كتابهما: "التبشير والاستعمار"... تاريخي يؤرخ لأساليب قديمة، يتم تجديدها، وتتجدد عطاياها، من كيس الدقيق إلى ...

امرأة ستينية في عالم اللجوء، تصر على طلاق زوجها الستيني، ولها منه بنون وبنات، وحين تسأل عن سر إصرارها على الطلاق؟؟ تقول والله ليس لي على والد أبنائي وبناتي مأخذ، غير أنني سمعت المحاضِرة في الجمعية النسوية في الحي تقول: إن المرأة المطلقة هي المرأة القادرة على إثبات ذاتها بعيدا عن الرجل.

لماذا يحق لمارك أو لماسك أن يحميا قيم مجتمعهما الافتراضي... ولا يحق للمكرمة عائشة الدبس أن تحمي بالتشاور والتعاون قيم مجتمعنا الواحد الموحد، مجتمع البنيان المصوص، الذي كثر فيه اضطراب الدلاء؟؟؟

هذه سوريتنا جميعا ونضّر الله كل امرئ / امرأة قاربها بإرادة خير...تقدموا فقدموا ولا تتربصوا ولست متربصا ولا أحب المتربصين...

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1109