كيف «تتفاوض» مع أكبر «بلطجي» في العالم
يتابع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حملات الإرهاب والابتزاز العالمية، التي كانت ذروتها إعلان رغبته في تهجير سكان غزة، والتي أعاد رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، تسويقها وإعلان أنه كان يعلم بها قبل مؤتمره الصحافي الأخير مع ترامب، كما قام وزير خارجية أمريكا مارك روبيو، بإعادة الترويج لها.
بالتزامن مع ذلك رضخت حكومة بنما، لبعض ضغوط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عليها، فانسحبت من مبادرة «الحزام والطريق» الصينية، لكنها فوجئت بعدها بتوسّع التنمّر والبلطجة الأمريكيين بإعلان الخارجية الأمريكية أن السفن الأمريكية معفاة من دفع رسوم مرور عبر قناة بنما، مما اضطر الرئيس البنمي خوسيه راوول مولينو للتعبير عن رفض مطلق باعتبار هذه الادعاءات «باطلة تماما» وظهر غضب مولينو الواضح بقوله: «هذا أمر لا يطاق. اليوم تعلن بنما للعالم رفضها المطلق أننا نواصل العلاقات الثنائية مع أمريكا بناء على أكاذيب وأباطيل».
تعاملت السلطات الكندية والمكسيكية بطريقة مماثلة مع فرض ترامب رسوما جمركية إضافية عليهما، فهددتا بفرض رسوم جمركية مقابلة، وأعلنت مقاطعة اونتاريو الكندية، وهي القلب الاقتصادي لكندا، قرارا بمنع الشركات الأمريكية من الحصول على عقود مع المؤسسات الحكومية، وتبع ذلك اتصال من رئيس وزراء كندا جاستن ترودو أعلن ترامب بعده أنه علّق الرسوم الجمركية الإضافية لمدة ثلاثين يوما، وأن كندا ستعزز التنسيق مع الجانب الأمريكي «على ضمان أمن الحدود الشمالية» بانتظار التوصل الى اتفاق اقتصادي نهائي مع كندا، وقامت مقاطعة أونتاريو، في المقابل، بتعليق «الإجراءات الانتقامية» ضد الشركات الأمريكية.
تراجع ترامب قبل ذلك عن رفع الرسوم الجمركية على الواردات المكسيكية وقال إنه أجرى «محادثات ودية جدا مع الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم» فيما قالت شينباوم إن المكسيك ستنشر 10 آلاف جندي من الحرس الوطني على الحدود «لمنع تهريب المخدرات للولايات المتحدة» فيما التزمت السلطات الأمريكية «بالعمل على منع تهريب الأسلحة عالية الذخيرة الى المكسيك».
الرد الصيني على فرض ترامب «زيادة الرسوم الجمركية الأحادية الجانب» بنسبة 10٪ على الصادرات الصينية إلى أمريكا كان شديد الوضوح حيث أعلنت بكين أنها ستفرض رسوما جمركية بنسبة 15٪ على وارداتها من الفحم والغاز الطبيعي المسال من أمريكا، ونسبة 10٪ على وارداتها من النفط والآلات الزراعية والمركبات الكبيرة والشاحنات الصغيرة من الولايات المتحدة.
الاتحاد الأوروبي، أعلن بلسان رئيسة المفوضية الأوروبية اورسولا فون ديرلاين إنه سيرد «بحزم» في حال فرضت إدارة ترامب رسوما جمركية إضافية على دوله، وأنه مستعد، في الوقت نفسه، لحوار «قويّ وبناء» مع الولايات المتحدة، ولكنه «مستعد للتحديات المحتملة في العلاقات مع واشنطن».
استخدم ترامب أيضا أسلوبه الآنف مع الدول العربية، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، التي طالبها باستثمار مئات مليارات الدولارات في أمريكا «إذا أرادت أن تكون الزيارة الأولى له إلى الخارج إلى الرياض» وبعد تجاوب السعودية مع هذا المطلب بإعلان الرغبة في استثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة، خرج ترامب متباهيا على جمهوره وقال إن السعوديين يمكن أن يرفعوا المبلغ إلى تريليون دولار «فهم يملكون الكثير» وتبع ذلك استخدام التهديدات ضد غزة والضفة الغربية ضمن مناورة للحصول على تطبيع سعودي مقابل تخفيف التهديدات الجسيمة ضد الفلسطينيين.
قدم مالكولم تيرنبول، رئيس وزراء أستراليا السابق، نصيحة ثمينة لزعماء وحكومات العالم حول كيفية التعامل مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي اشتبك هو أيضا مع ترامب خلال ولايته الأولى فقال إن ترامب هو «بلطجي متنمر ذو شخصية تحب السيطرة» مضيفا، أن أغلب ردود فعل الساسة الذين يتعاملون معه يعتقدون أن الطريقة الأمثل للتعامل معه هي الخضوع له وإخباره ما يريد سماعه.
تحليل تيرنبول، الذي تأكدت صحته، هو «عندما يقوم زعيم دولة خارجية بإبداء الخضوع له وإخباره ما يريد سماعه فإن رد الفعل المباشر لدى ترامب هو أنه سيعرّض ذلك الزعيم لمزيد من التنمر».
النتيجة التي خلص لها تيرنبول أنه عندما رفض الخضوع لترامب فقد كسب احترامه، وكانت نصيحته لزعماء العالم له لكسب احترام ترامب: قفوا في وجهه وارفضوا الخضوع للتنمر!
وسوم: العدد 1115