عن حالنا مع غزة والأمة

كأن غزة لا تعنينا !!!أرأيتم هذا الهدوء في الشارع العربي من المحيط إلى الخليج كأن الجميع لا تعنيه غزة ولا فلسطين ولا مخططات الأعداء رغم أن خطة ترمب وموقف الجامعة العربية إعلان حرب على المسلمين؟ إنه زمن الذل والهوان والتشبث بالحياة الحقيرة على حساب المبادئ والثوابت والمقدسات، هذه نتيجة تغييب معنى الجهاد إلى درجة أن شيوخ الضلال يفتون بكل تبجح أن مواجهة الصهاينة ليست جهادا بل هي إرهاب، وأقبح ما في الأمر أن يقوم المرتزقة والدجالون باسم الدين بتبرير ما لا يبرر وأن يصف بعضهم – كما فعل عثمان الخميس – حماس المجاهدة ب"الفرقة المنحرفة التي ارتمت في أحضان إيران"...إننا في الزمن العربي الغريب: حماس تحرر المقاومين (من كل الفصائل)من السجون الصهيونية وسلطة عباس تعتقلهم وتسلمهم للعدو أو تطاردهم وتقتلهم!!!فما أتعسه من زمن يتأقلم فيه الإنسان مع النذالة و الحقارة والذل بإيعاز من علماء السلاطين وأبواق الأنظمة المتصهينة حتى يغدو من الصعب جدا أن يتقبل الكرامة وعزة النفس والحرية لأنها تعكر صفو مزاجه بل يعدّّها – باسم القرآن والسنة – بضاعة غربية و رجسا من عمل الشيطان... زمن يتميز بمشاهد غريبة: العلماء العاملون والدعاة الربانيون في السجون، الأبطال محاصرون في الخنادق والبساط الأحمر يفرش للتافهين والتافهات والمفسدين من كل نوع يجوسون خلال ديار العرب والمسلمين بكبرياء وعنجهية وزهو يحميهم بطش الأنظمة وفتاوى الضالين المضلين،

هكذا تتفنن الأنظمة الوظيفية ومرجعيتها الدينية الرسمية في صناعة العجز والوهن لتموت غزة ويذهب ريح فلسطين وتطوى معاني الجهاد والتضحية والموت دون العقيدة والأرض والعرض والمقدسات، لهذا كان موضوع الساعة للأمة ونخبتها هو كيف الخروج من حالة الوهن؟ المسلم أينما وجد يجب ان يكون جزءا من الحل أم من المشكلة (كما هو حال المتدينين الذين يؤلهون الحُكام ويقنعون بالتدين الفردي ولا تعنيهم قضايا الأمة)؟ والسؤال ليس أين أمة الإسلام بل أين أنا؟ ولإعادة بناء الوعي والأمة نحن بحاجة ماسة إلى رجال يخافون الله أكثر مما يخافون أمريكا ويحبون الوطن والشعب أكثر من حبهم الكراسي، عندها ستشرق الشمس العربية، لكن حاليا يتلخص المشهد في صناعة أبواق الشياطين وعلماء السوء بهدف قتل الشعور بالمسؤولية تجاه الأحداث وتزوير الوقائع وقتل حتى شعور التعاطف مع الضحية وهو عربي مسلم بالإضافة إلى تغييب مساحات العمل المتاحة والممكنة والتقليل من أي جهد وضرب القدوات ورفع شأن التافهين صراحة أو ضمنيا بعدم الإنكار عليهم، بل تم تجاوز كل هذا إلى الإشادة بالعدو والانبهار به والاستهانة بكل أنواع المقاومة حتى مقاطعة منتجات الأعداء، وهذه فتنة كبرى للمسلمين في زمن رقة الدين.

إن هناك كثيرا من المثقفين يعتقدون أن أمريكا واليهود خلف كل ما يقع في الكون، يدُهم تحرك كل صغيرة وكبيرة، يا ناس الذي لديه كل هذه الإحاطة هو الله تعالى وحده، أمريكا واليهود أقوياء بسبب ضعفنا فقط، فاتركوا عنكم التهويل وعقلية المؤامرة واصنعوا القوة لأمتكم وصححوا عقيدتكم، فنحن لا نخاف أمريكا أولا لأن قلب المؤمن لا يجتمع فيه خوف الله وخوف غيره،

ثم لأننا لا ننسى كيف خرجت أمريكا من بلاد المسلمين أكثر من مرة مهزومة مدحورة على أيدي "حفاة عراة جياع" – كما في الصومال وأفغانستان – والعالم يضحك على جيشها "الذي لا يُهزم" وهو يهرب تحت ضربات المجاهدين، كما لا ننسى أن أمريكا هي التي هُزمت في غزة لأنها هي التي كانت تقاتل هناك بكامل قوتها...أمريكا تستطيع إرعاب المنبطحين والمهزومين نفسيا والأنظمة الوظيفية المصطفة مع العدو من أجل ضمان بقاء عروشها لكنها لا تستطيع إرعاب من شعاره "الموت في سبيل الله أسمى أمانينا".، فأيها الفاعلون في الساحة الداعمون للمقاومة في غزة لا تبرحوا أماكنكم وركزوا جهودهم على دعم الرجال الواقفين والأبطال المتميزين فهم يجاهدون نيابة عنا وقد مرغوا أنف العدو في التراب وأثبتوا أنهم هم عز العرب والمسلمين، وإياكم أن تتخلوا عنهم فلعلّ الله يحرر الأمة كلها على أيديه، إياكم أن تصرفوا أنظاركم عن غزة، احذروا التلاعب الإعلامي العربي والغربي، لا تصدقوا تصريحات محور الشر العربي، لا تثقوا بمن باعوا القضية فمن غزة وصلَنا هذا الخبر المؤكد من مصدر موثوق: "سيُهزم الجمْع ويُولون الدبر"، دعوكم من المحللين والخبراء وتشبثوا بخبر السماء وأبشروا واعلموا ان الألم الذي يعتصرنا لا يجوز أن يتحول إلى إحباط وعجز، فنحن في زمن صمود وثبات وفي لحظة ولادة أليمة، نستحضر قول الله تعالى "وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا"، فلعلّه يأتي علينا يوم نقول فيه: طوفان الأقصى أعتق رقابنا ورقاب الأجيال من إهانة طال امدها".

وسوم: العدد 1118