كاظم فنجان الحمامي
[email protected]
لولا التكفيريون والمتطرفون
والطائفيون والذبَّاحون والانتحاريون والمنافقون والمتاجرون بالدين لأسلم الناس
جميعا, ولأعلنت شعوب الأرض عن إسلامها, فالإسلام هو التسليم والانقياد لله تعالى
وحده, والإسلام هو الخضوع لله تعالى بكل اللغات, وفي كل الأماكن والأزمنة, والإسلام
هو شريعة السلام ودين المرحمة, لا يخالف هذا إلا جاهل بأحكامه, أو حاقد على نظامه,
أو مكابر لا يقتنع بدليل ولا يسلِّم ببرهان, وأن اسم الإسلام نفسه مشتق من صميم هذه
المادة (مادة السلام), والمؤمنون بهذا الدين لم يجدوا لأنفسهم اسماً أفضل من أن
يكونوا المسلمين, فالإسلام هو السلم والأمان, وإفشاء السلام بين الشعوب والأمم مهما
اختلفت عقائد الناس, فتحية الإسلام هي السلام, والسلام من أسماء الله الحسنى.
فالمسلم من سلم الناس من يده ولسانه,
وأن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام, وخيرهم من يبدأ صاحبه بالسلام, ولا يسمى
السلام سلاماً إذا كان لصالح طرف دون الآخر,
">ومن
السلام نشر الأمن والاطمئنان, والقضاء على الخوف والقلق.
">
لقد أمرنا الإسلام بحسن المعاملة حتى
مع الأعداء, فإذا الذي بيننا وبينه عداوة كأنه ولي حميم, وأمرنا أن نحكم بالعدل
والقسط والإنصاف, وأمرنا بالبر والتقوى والإحسان, ولا يمكن أن يعيش السلام تحت سياط
الظلم والقمع والقهر والتطرف.
أما المجاميع الظلامية التي نشأت في
حاضنات الإرهاب, وترعرعت في مستنقعات التكفير, وأسهمت بنشر الخوف والرعب بين الشعوب
والأمم, وأمرت بقتل الناس على الهوية, ثم تباهت بنحر رقاب الأطفال, وتفاخرت بإزهاق
أرواحهم, وأشاعت الضغينة والبغضاء, وحرضت على الحقد والكراهية, فليسوا من الإسلام,
ولا ينتمون له, لا من بعيد ولا من قريب, بل هم من ألد أعداء الإسلام, وأشدهم عداوة
للجنس البشري, ولا يقتصر وجود الذين أساءوا للإسلام على زمن محدد, ولا على طائفة
بعينها, فهم مثل الأحراش الطفيلية الضارة, تظهر من وقت لآخر في الحقول والبساتين,
لتشوه نضارة الحدائق الجميلة, وتغير بعض معالمها الخارجية, لكنها سرعان ما تختفي
وتزول, لتعود إلى الظهور في مواسم الجدب والجفاف. .
من المفارقات العجيبة إن معظم
الإساءات التي شاهدناها أو سمعنا بها أتت من الذين يفترض بهم أن يكونوا قدوة لغيرهم
في تطبيق تعاليم الدين الحنيف, فكانت مواقف الغلو والتطرف والتعصب والإفراط في
المظاهر الخداعة هي النوافذ, التي تسربت منها خفافيش التحريض والعنف والقتل
والترهيب والتضليل والكراهية. .
فالذين يسيئون للإسلام هم الذين
يعلمون صغارهم مبادئ الحقد والكراهية, ويغرسونها في قلوبهم, ويغذونها بالخرافات
البالية المنبعثة من أوكار الجهل والتخلف. .
والذين يسيئون للإسلام هم الذين جمدوا
الدين في صور الاستعراضات الخارجية بالثياب والأزياء, وحددوه بخرائط اللحية
والشوارب, ثم أضافوا له إكسسوارات الخواتم والمسابح والجباه المكوية. .
والذين أساءوا للإسلام هم الحكام
الذين خذلونا وتآمروا علينا, وباعوا أنفسهم للشيطان, وتحالفوا مع قوى الشر والظلام,
وأعلنوا الخضوع والخنوع لأعداء الحق, وتنكروا لكل القيم والأعراف والمواثيق. .
والذين أساءوا للإسلام هم الذين
يتشدقون بالخطب الرنانة, التي تتظاهر بمنع ازدراء الأديان, ويتحذلقون بدعوة الناس
للتعايش السلمي, لكنهم يحثون أتباعهم في الخفاء نحو التنافر والتباعد والازدراء.
فكان التكفير عنوانا بارزا للمسالك التي انتهجوها في تعاملهم اليومي مع الناس. .