ما هكذا تورد الإبل يا دكتور مهدي عبد الهادي

نعمان عبد الهادي فيصل

تجتذبني كتب السير بقوة لقراءتها، وما زلت أجد في مطالعة الكتب والوثائق والمخطوطات مصدراً لا ينضب للمعرفة، اطلعت بالأمس على كتاب (فلسطينيون)، للمحرر الدكتور مهدي عبد الهادي، التي صدرت الطبعة الثانية المحدثة والمنقحة، ضمن مطبوعات الجمعية الفلسطينية الأكاديمية للشؤون الدولية، القدس (PASSIA) للعام 2011 بدعم من مؤسسة التعاون، حيث ظهرت في طبعة أنيقة بأغلفة تحمل صوراً ملونة، وأثناء مطالعتي للكتاب، اكتشفت أن محرر الكتاب الدكتور/ مهدي عبد الهادي، قد اعتمد على النقل الحرفي لأكثر من ثلاثين شخصية غزية، من أهل الشهرة ونباهة الذكر، من كتابي (أعلام من جيل الرواد من غزة هاشم)، الذي صدر عام 2010، الذي كان لي قصب السبق في الكتابة عن العديد منهم، وإبرازهم للقارئ الكريم، دون ذكر للكتاب في قائمة المراجع والمصادر في الصفحات الأخيرة من كتابه فلسطينيون.

صدمت لهذا التجاهل لحق من حقوق المؤلف، الذي عليه أن يتمسك بالشفافية في تدوين مادته بما يتناسب مع أخلاقيات المهنة وأصول النقل، وأؤكد أن الاستعانة بأفكار وجهود الآخرين ليست حكراً على أحد؛ بل حق للكاتب والباحث؛ ولكن ضمن حدود البحث العلمي، وطرق الاقتباس المعروفة، مما ينفي عنه غلبة الصفة العلمية، ونزعة العلماء الأصلاء، وأراد بهذا العمل أن يستفيد في هذا السبيل من جهود الأخرين ممن سبقوه في هذا الباب، ولم يستند إليهم، حتى يزعم للقارئ أو يوهمه بأن هذه الدراسة (فلسطينيون) من بنات أفكاره وثمرات جهده.

وأحسب أن لنا من الحق أن نسأل الدكتور المرموق/ مهدي عبد الهادي، الذي لمع اسمه في عالم التاريخ الفلسطيني، عن هذا النقص في واجبات صناعته والإخلال بشروط مهنته، بأن ينقل حرفياً عن كتابنا، وأن يسقط من حسابه هذا المرجع في مصادره، وأن ينسى حق الأولوية والأسبقية لهذا المرجع، الذي سبق كتاب فلسطينيون، وهذا تصحيح نرى من الحق ألا نسكت عليه، لاعتبارات الموضوعية والأمانة العلمية والخلق الكريم، ونرى من التوضيح أن نورد العديد من النماذج التي تؤيد ما ذهبنا إليه، فإن القضايا بغير مثال لا تتضح معالمها في الأذهان، من باب لا يصح إلا الصحيح، وإن الإنصاف الحقيقي في تقدير الأعمال موكول للزمان، وهو الضامن الوحيد لبيان الحقيقة، ويبقى العمل فينظر إليه أهل الأجيال التالية فيحلونه محله من الإجلال أو الإغفال.