وجهة نظر في الحل السياسي

عقاب يحيى

الأخوة في الإئتلاف

وجهة نظر ـ

تصورات للحل السياسي

طالما أنهم يقررون أن الحل السياسي هو الطريق الوحيد..

وطالما أن القرار الوطني خرج من أيدينا على مرأى عيوننا، وأصبحت " المسألة السورية" شبه مدوّلة

وطالما أننا لم نملك، بما لدينا من قدرات، وبما يمنحنونه من وسائل لدعم" الجيش الحر" يقع ضمن منظورهم لاستمرار النزيف دون تحقيق حسم للثورة يُسقط النظام، ويُبقي عملية الدمار مستمرة بكل تفاعلاتها ونتائجها الكارثية

وطالما أنهم يلمعون الإئتلاف ـ عندما يريدون ـ ليكون واجهة، أو بعض الواجهة، وربما ليس كله، وربما ليس بصفته مؤسسة، بل يمكن أن يتجه تفكيرهم لدعوة بعض المنتمين إليه.. باعتبارهم من " المعتدلين"، إضافة إلى معارضين آخرين متعددي التوجهات والمواقع..

ومن أجل أن نكون موجودين، وأن نعبر، ولو بالحد الأدنى، عن طموحات شعبنا، وأهداف الثورة، ولا نُعامل كأقل من بيادق وواجهات وأقنية تمرير .. فإني أطرح عليكم مجموعة من الواقع والأفكار التي يجب الانطلاق منها، وتطوير بعضها، والتحضير لعديد المستلزمات ، وفق عمل مدروس، ومهام واضحة ممكنة التحقيق :

1 ـ لقد قررت هيئات الإئتلاف، باستمرار، قبولها بالحل السياسي، والدخول في مرحلة انتقالية محددة المهام، والزمن لإنهاء نظام الاستبداد والفئوية والإجرام والفساد، والشروع في تهيئة مقومات النظام الديمقراطي ضمن زمن محدد، وبجدول أعمال واضح، ومرتكزات مقرر للمرحلة الانتقالية . ووضعت لذلك شرطاً مستمداً من وثائق مؤتمر المعارضة في القاهرة، والذي يقضي ب" تنحية رأس النظام وكبار رموزه، وتحويل المتورطين بالتقل للمحاكم" ، وهو ما يمثل الحد، والثابت، والشرط الذي يجب التمسك به.. وبشيء من مرونة تفرضها موازين القوى، كالقبول مثلاً بمنح صلاحيات الرئيس لنائبه، أو رئيس حكومته ـ بدءاً، ومدخلاً للحضور والتفاوض .

وهنا علينا الإجابة الواضحة حسماً للجدل القائم : هل يمكن أن يكون هذا الشرط تالياً لقبول المشاركة، أم يسبقها ؟.. أي هل نرفض مبدأ المشاركة إلا بتحقق هذا الشرط عبر توافق القوى الراعية لجنيف؟.. أم يمكن المشاركة دون الدخول بأية لقاءات ومفاوضات مع النظام، على أساس طرح محتويات قبولنا بالتفاوض وفقاً له ؟..وهو أمر يحتاج إلى قرار صريح، واضح، لا يسمح بالغمغمة التي تحدث البلبلة، وتتيح المجال لتفسيرات مختلفة، ومواقف متنابذة قد تؤدي إلى انقسامات وخندقات جديدة..

لقد طرحنا مراراً، ومذ تشكل الإئتلاف في تلك الظروف المعروفة، أننا نحتاج رؤية سياسية خاصة بنا، ومبادرة سياسية واضحة.. وقد تمّ عرض أكثر من مشروع في الهيئة السياسية السابقة.. وتم تجاوزها بالنظر لحجم الانشغالات الجانبية التي أغرقت الإئتلاف عدة اجتماعات.. كالتوسعة.. والحكومة، والنقارات والمحاصصات والطبخات وغيرها.. 

كما جرى الحديث المكرر عن تعديل ميزان القوى على الأرض لصالح الثورة ـ عبر الجيش الحر ـ وبقيت هذه الأحاديث أمنيات ترتبط بمواقف القوى الخارجية التي تمتلك وسائل التغيير، بينما لم ننجح في تأسيس بدائلنا المعتمدة على قوانا الذاتية، ومستلزمات ذلك في الميادين المختلفة . ولكن، حتى لو افترضنا أنه تمّ ذلك، وأصبحنا بموقع المرجّح على الأرض، هل نملك ـ فعلاً ـ مقومات وقدرة تنفيذ المطلوب منا من التزامات، مثل :

ـ مسؤوليتنا في فرض وقف لإطلاق النار 

ـ وحدة العمل المسلح

وجود خطط استراتيجية لعملنا المسلح وغيره في عموم الميادين

جهوزيتنا لتحمل مسؤولية التبعيات الناجمة عن أي اتفاق، أو في مواجهة احتمالات يجب ألا تغيب عن الذهن، كحدوث انهيارات في النظام، أو فراغ أمني وعسكري وغيرهما 

وجود تصورات مقرّة للمرحلة الانتقالية : الفوري منها واللاحق والمستمر 

2 ـ قد يرضي غرور وذات الكثير منا الاحتماء بمقولة أن الإئتلاف هو " الممثل الشرعي"، والبعض يضيفو" الوحيد" للشعب السوري وقد يدعو ذلك البعض للفردانية والأحادية.. والتمسك بمقولة أن الإئتلاف هو وحده من يجب أن يمثل المعارضة، أو أن يسمي الوفد الذاهب لجنيف ـ في حال الموافقة على الذهاب ـ.. وهنا علينا أن نطرح اسئلة واقعية، وأن نحاول الإجابة عليها بمسؤولية :

هل يمثل الإئتلاف فعلاً الشعب السوري ؟؟

من الذي قرر، ومن يقرر ؟؟..

هل يمون الإئتلاف على الأرض والعمل المسلح؟؟

هل يعبّر بتشكيله وأدائه عن جميع مكونات الشعب السوري السياسية والفكرية والثورية وغيرها ؟؟

الخلاصة تقول : أن الإئتلاف كي يكون ممثلاً للشعب والثورة، ولو بنسبة معقولة، عليه أن يجسد ذلك في مجموعة من المهام والوقائع، وهو غير قادر عليها ضمن ظروفه، وضمن أوضاع الثورة المعروفة، وتعدد الكتائب المسلحة وأجنداتها، ومصادر تمويلها، وحتى تبعيتها، وأن هيئة الأركان ليست تماماً جزءاً من الإئتلاف، ناهيكم عن موقعها الصادق من قيادة العمل المسلح والإشراف عليه، وإخضاعه لقراراتها ومخططاتها .

وأن قوى سياسية وفعاليات مختلفة موجودة في الحياة السياسية والمجتمعية السورية وليس لها وجود في الإئتلاف، وبعضها معارض له، وبما يعني أن يأخذ ذلك بعين الاعتبار، وأن يفتح صدره وذهنه لحوارات معها.. ليس بهدف تمثيلها فيه بما يمكن، وبما لا يؤدي إلى انتفاخ ورمي فيه، بل وايضاً في إشراكها ـ بوسائل متعددة ـ في الشأن السوري، والقرارات المصيرية، وفعاليات الإئتلاف المختلفة

3 ـ إن وجود وفد موحد للمعارضة في جنيف ـ إن تمّت موافقة الإئتلاف على الحضور وفقاً لما ذكرناه ـ أمر حيوي ويجب العمل للوصول إليه بكل السبل.. وإلا سيكون وضع وفد ـ وفود ـ المعارضة مهزلة، وسبيلاً لحرف المؤتمر عت غاياته، وتأكيد المُشاع عن حال المعارضة لجهة هزالها، وفرقتها، وعدم أهليتها لأن تكون بديلاً، أو أن تكون بمستوى تحمل مسؤولية مرحلة انتقالية، ناهيكم عن مقدرتها على تسلم مقادير البلد، والفترة الصعبة التي يمكن أن تلي سقوط النظام.

أعتقد أن بدء حوارات جادة، وصريحة مع الأطراف المعارضة الأخرى المنضوية، او المحسوبة على الثورة للتوافق على المشتركات، والتوصل إلى تفاهمات معها حول شروط حضور جنيف بوفد موحد مسؤولية تقع على الإئتلاف بالدرجة الرئيس، وعليه أن يقوم بذلك منذ الآن .

4 ـ في جميع الحالات : حالات انعقاد جنيف وفرض حضوره علينا، وحالات عدم انعقاده، أو رفضنا لحضوره، أو فشله فإن التفكير بعقد مؤتمر وطني جامع، يمكن أن يكون بدعوة وتحضير من الإئتلاف، يتحمل مسؤولية الوضع السوري في جميع الاحتمالات.. يمكن أن يكون الممر الطبيعي لتحمل المسؤولية، والخروج بقرارات تلبي ضرورات وحاجات الثورة، وتقدر على مواجهة الضغوط وشتى الاحتمالات المطروحة .

5 ـ في جميع الحالات، ولأجل إنضاج المواقف، وتحضير مستلزمات احتمالات حضور جنيف، أو سواه، وما يعفه هذا المشروع من مناقلات ومناورات وخلافات بين الدول الكبرى ووقعها علينا، ومن تفاعلات في صفوف الثورة، والإئتلاف.. أقترح، كما اقترحت من أشهر، تشكيل لجنة خاصة بهذا الملف من الإئتلاف، تكون تحت إشراف رئاسته بشكل مباشر، لدراسة مختلف العوامل، والتطورات، وسبل التعامل معهما، وتقديم اقتراحاتها للرئاسة، ومن ثم للهيئة العامة كي تتخذ القرارات الأنضج..

مع تحياتي

عقاب يحيى ـ ممثل الكتلة الوطنية الديمقراطية السورية