متى يركب الحكام العرب الدراجات
محمد الفاضل
في سويسرا اعتاد الرئيس على ركوب الدرجة الثانية من القطار لأنه لاتوجد درجة ثالثة !!! ويركب كل من رئيس الوزراء الهولندي والكندي احيانا الدراجات بل ويسيرون في الشوارع بين مواطنيهم دون خوف ولاتتملكهم نظرية المؤامرة، ولطالما أصبح الأخير، ستيفن هاربر، هدفا للسخرية من وسائل الاعلام الكندية بسبب وزنه وذوقه في اختيار الملابس. في بريطانيا كان وزير داخليته ديفد بلانكد ضرير ويقوده كلبه!!! أما في كوكب اليابان فيقدم وزير الزراعة على الانتحار بسبب فضائح مالية في وزارته وكذلك ينتحر رئيس شركة دجاج يابانية بسبب تأخره في ابلاغ السلطات عن انتشار انفلونزا الطيور في أحد مزارعه . أما في بلداننا فالشعب هو الذي يجب أن ينتحر لعيون القائد الرمز.
درجت الأوساط المقربة من الأنظمة العربية ووسائل اعلامه على ترديد وترسيخ فكرة القائد الأوحد حتى أصبحت جزءا لايتجزأ من ثقافتنا اليومية، فأصبح أمرا مألوفا أن نرى صور سيادته وتماثيله في كل مكان كي يبقى معنا دائما ولاننساه. يكاد لايخلو شارع أو مدرسة أو مؤسسة حكومية وغير حكومية من صور هذا الحاكم، في المقاهي، في كل زاوية، حتى في غرف النوم لامناص لنا من رؤية وجه الزعيم الفذ يطالعنا في التلفاز كل يوم. وكم مرت علينا أيام ونحن نتابع بشغف فلم سهرة أو برنامج مشوق واذا بسيادته يقطع الارسال ويطل علينا في زيارة تفقدية لاحدى المدن أو وهو يستقبل علان أو يودع زعطان. حتى هذه اللحظات الأثيرة للعائلة وهي تستمتع بالبرامج، يأبى سيادته أن يغيب عن ناظرنا فرعيته في شغف وشوق لرؤية محياه ولا يمكن أن يغمض لهم جفن قبل رؤيته.
لقد أصبحوا لصيقين بنا فهم يطاردونا حتى في أحلامنا ولايمكن الفكاك منهم. لم يكفهم أن بلداننا تحولت الى مزارع لهم ولزوجاتهم وأبناءهم. فهاهي السيدة الأولى، الراعية للمؤسسات الخيرية، والمحسنة صاحبة القلب الكبير والفكر السديد، ولكي تكتمل الصورة لابد من تلميع وريث العرش وابرازه عبر وسائل الاعلام وكأننا أصبحنا ملكية لشركة يرأسها ويديرها الرئيس وزوجه وأبناءه ويجب أن نحمد الباري على هذه المنة لأن سيادته تنازل وقبل أن يقود الأمة في أحلك الظروف!!!! واذا ماأراد أحد وزراءه التنقل نرى الشوارع تقفل ويعطل المرور لكي لايضايقه أحد من المواطنين ونرى موكب طويل عريض يحف به.;كان العقيد الليبي صاحب نظرية الكتاب الأخضر يعيش في حالة انكار دائم لكل مايدور من حوله ويصر على اتهام شعبه بتعاطي حبوب الهلوسة وبلغ به السخف والحمق أن خرج علينا بمسرحية الشاحنات الثلاث التي صادرتها أجهزته وهي مليئة بحبوب الهلوسة بحسب زعمهم. لكي يقنعنا بأن من يعارضه مهلوس ومجنون وبالتالي من المستحيل على الشعب الذي يعبده ويقدسه أن يثور عليه، فهو ملك الملوك والفاتح، وغيره من القاب خلعها على نفسه. أما في اليمن السعيد !!!! يتحول الزعيم ويصبح باني الحضارة وصانع الوحدة وصاحب المنجزات المريخية وزعيم الأمة وبرغم كل هذه الأعداد اليومية من المتظاهرين الذين قالوا له كلا بكل لغات العالم ;كان يصر على أن لابديل عنه، حتى بعيد محاولة اغتياله، أهي شهوة السلطة التي تعمي القلوب؟ أما في سوريا يصبح الحاكم هو القائد الرمز المقاوم والممانع، وخرج علينا أحد أعضاء مجلس الشعب بنظرية أن بشار يجب أن يحكم العالم وليس الوطن العربي فقط. هؤلاء الحكام يعتبرون أن كل شيء يجب أن يدور في فلكهم وأن مصير البلاد والعباد مرتبط بشخص الرئيس فان سقط يسقط البلد!!!! في اليمن خرج علينا الرئيس بنظرية فريدة تنم عن ذكاء مفرط مفادها أن هذا الحراك الشعبي ماهو الا مؤامرة تم التخطيط لها في امريكا واسرائيل من أجل ازاحته عن السلطة كونه حامي الحمى ومحرر القدس فجميعهم أدعياء للثورة والبطولة. حتى أن الرئيس السوري خرج علينا بنظرية أكثر تطورا ودهاء عندما قال بأن هؤلاء مجرد عصابات مسلحة ومندسين، ومن قبله الرئيس مبارك قال أن هؤلاء تدربوا في الغرب لقلب نظامه وهي مؤامرة. متى يعون الدرس؟