نصر الله والعجائب الغرائب في خطابه ..
نصر الله والعجائب الغرائب في خطابه ..
عقاب يحيى
السيد نصر الله.. يتحدث طويلاً.. بلغة عربية صحيحة عن الفرق بين السياسي والطائفي، وأن الخلاف سياسي، والصراع حول تباين في المواقف والرؤى ولا علاقة له لا بدين ولا بمذهب، ولا بمشاريع إقليمية وخارجية.. أطال وكرر مناشداً اللبنانيين الانتباه للمخططات التي تعرّض كيانهم لكل الأخطار المحدقة التي يعرفها السيد جيداً، ويعددها.. والقادمة من إسرائيل وامريكا.. وعملائهم التكفيريين ....
كلام كان يمكن سماعه قبل سنوات.. حين كان عديد المواطنين.. على امتداد الوطن العربي، والعالم الإسلامي يدعمون المقاومة، ويغضون النظر عن البعد المذهبي فها..
ـ كثيرون رفعوا صور السيد نصر الله،
أو وضعوها في براويز كبيرة في بيوتهم، ومعظمهم من السنة و"التكفيريين".. وانتشوا
بما حققه حزب الله.. وفي تموز 2006فتحت سورية حضنها الواسع للقادمين من الجنوب..
لم يسأل أحد أحداً عن المذهب الخلاف المذهبي، بل قدّموا لهم كل ما يمكن : اخوة
أعزاء، وبكبرياء المنتشي بنصر كانت إشارات كبيرة من الأسئلة والاستفهام تدور حوله،
وقد أشرت إلى بعضها في لقاء تلفزيوني في الجزائر في عز
تلك الحرب .. فجنّ جنون بعض المتحمسين : قوميين وعلمانيين وإسلاميين.. وأني أكاد
أكفر.. وأقترب من تشويه القدسي ..
كان السؤال بفرعين عندي :
ـ هل تسمح إسرائيل بهزيمتها فعلاً هي القادرة على سحق لبنان وتدميره بالكامل، وجعل أعلاه سافله.. وتحمّل تبعات هزيمة منكرة.. كما خالها الكثير ؟؟.. أم أن اختلاطاً متشابكاً يجب التمعّن فيه، ونتائجه اللاحقة في لبنان والمنطقة ؟.
ـ هل يمكن لحزب مذهبي.. أن يرتقي إلى مصاف وطني فيخلع عنه أقلويته ويكون حاملاً لمشروع وطني؟.. وحتى إسلامي عام؟.. وأين هي الحدود ؟؟.. والسقوف ونقاط الافتراق ؟؟ وإلى متى؟؟.. وذلك دونما حاجة للتذكير المعروف بظروف ولادة هذا الحزب من رحم حركة أمل، وما قام به من اغتيالات لرجال فكر ومقاومين مختلفين عنه، وكيف احتكر الجنوب والمقاومة.. وأقام شبه دولة داخل الدولة.. وعلاقته الوطيدة بإيران.. وبولاية الفقيه.. وبالمشروع الإيراني : القومي ـ المذهبي..؟؟؟...
****
السيد نصر الله الذي يريد أن يكون الصراع سياسياً : صافياً، نقياً، وحيداً ..يغالط جوهر حزبه وإيمانه وممارساته.. فعلى مدار سنواته، وفي عزّ صعود نجمه، وتضحيات عناصره في مقاومة الإسرائيليين.. كان الجذر والخط والهدف المذهبي، والتكوين العقيدي، ومجموع الطقوس التحفيزية ـ المعادية للآخر، والتي تستجلب أحقاد التاريخ بلبوس الحاضر..مذهبياً ليس كسجن مفروض بل كخيار واع بامتياز.. ولم يك ذلك سراً أو مخفياً، بل هو من أعلن وأشاد مراراً بتبعيته لولاية الفقيه، وبصفات خاصة بالشيعة الإثني عشرية، وبكثير من خطبه الدينية، خاصة في أربعينية الحسين، وعاشوارء، وفي جميع الحقائب التعبوية التي ينهل منها، وبالكثير من الشواهد المعلنة .. فكيف لحزب يقوم على جوهر عقيدي مذهبي ويريد للصراع أن يتحول إلى سياسي ؟؟..وكيف وهو يورط لبنان في حرب خارج حدوده يريد له أن يكون بمنأى عن تلك المخاطر؟؟.. وان يصطف الجميع خلف دعوته اللفظية ؟؟...
ـ في السابع من ايار 2007، وهو تاريخ مفصل، وفاضح لكل شعارات ومقولات الحزب السابقة عن أنه لا يمكن أن يتدخل في الشأن اللبناني، وان بندقيته يستحيل توجيهها إلا للعدو الصهيوني.. كشف الحزب عن دور آخر حين احتل بيروت وأخضع لبنان لقوة نفوذه..والأمثلة كثيرة من يومها حتى الآن ..وأن تلك البندقية تمارس فعل الفرض..وتحت شعارات ملفوفة بالدجل، والتبرير ..
ـ نترك الماضي ونقف عند الثورة السورية..وتدخل حزب الله وسيده، ومناصرة الطغمة كان جلياً منذ الأيام الأولى.. تدخلاً سافراً بلون وأبعاد طائفية.. ويكفي للدلالة على بعض البراهين التذكير بموقف هذا الحزب من احتلال وتدمير العراق والمجيء بحلفائه من الأحزاب الشيعية لتنفيذ المشروع الكبير الذي أفاض به السيد حسن..بينما كان النظام بعثياً هناك، والذي في سورية محسوب على البعث أيضاً.. فما الذي يجمعهما غير العلاقات الطائفية، والمشروع المذهبي التفتيتي في المنطقة الذي ترعاه الولايات المتحدة من زماااان وتخطط له الصهيونية العالمية بدهاء، وتنفذه أدوات مباشرة وبالنتيجة، وإيران لاعب مهم فيه، وإيران رأس حربة له في كثير المواقع ؟؟...
ـ كيف يمكن أن يكون الصراع سياسياً.. والسيد نصر الله يدخل سافراً ، غازياً بلدنا سورية تحت رايات حماية المقامات الدينية الشيعية.. وكأنه حكر له، لهم ؟؟..وشعارات أخرى مذهبية تحفر مجرى التناحر والحقد والبغضاء، وخط الدم المذهبي ؟؟..ومن الذي يدفع بقوة الموضعة الطائفية لتصبح المطحنة الواقعية لبلدنا وشعبنا ومنطقتنا ؟؟..
ـ نصر الله المتجلبب بشعارات كبيرة كان يضحك على نفسه، ويكذب وهو يعلن حربه الشعواء على الشعب السوري .. وأنها دفاع عن المقاومة، وعن فلسطين .. بل وعن الإسلام والمسلمين.. ثم يعتبر" التكفيريين" عملاء مباشرين لإسرائيل.. لذلك فواجبه العقيدي، والوطني، والقومي، والإسلامي، وحتى الأممي أن يزج بكل قواه في المعركة.. ولو احتاج الأمر أن تكون قداسته هناك.. فسيكون؟؟......فأي سياسة .. واي دجل هذا ؟؟...
ـ كيف يمكن تجنب المطحنة الطائفية والسيد نصر الله أحد اركانها وأعمدتها، وهو يقدم لها كل المبررات.. والطحين.. والدم.. والتعبئات الحاقدة؟..وهو ينضوي علانية في حلف الطاغية وما يقوم به من فعل إبادي، وطائفي.. لا علاقة له البتة بكل ما يعرف عن الخلاف والصراع والتباين السياسي..؟؟..
ـ خطير خطاب نصر الله البارحة.. ودفع قوي لأتون حرب مذهبية قادمة.. تستوجب من السوريين الانتباه إلى ما يراد دفعهم لتشويه ثورتهم، وإغراقها في بحر الدماء، وحرفها عن أصولها، ومبادئها وغاياتها، وسر قوتها واستمرارها وهو الأمر الذي يستوجب الحفاظ على ثوابت الثورة، وتفشيل هذا المشروع الرهيب..