الدم لا يروي عطش الانقلابيين !

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

المجزرة الوحشية التي ارتكبها الانقلاب العسكري الدموي الفاشي ضد المتظاهرين السلميين فجر السبت 27/ 7/2013 أمام النصب التذكاري بطريق النصر تؤكد أن قادة هذا الانقلاب تخلوا عن آدميتهم وإنسانيتهم وارتدّوا إلى عصور التوحش والإجرام ، من أجل مصالح الأشرار الذين استخدموهم في أقذر مهمة وأبشع رسالة قاموا بتوصيلها إلى العالم المتحضر . لقد حطموا القيم الإنسانية والمثل العليا ، ورجعوا بشعبهم مئات السنين إلى الوراء ، فقد تنكروا للحرية والديمقراطية وعطلوا الدستور وأزروا بإرادة الشعب في انتخاب مجلسه التشريعي ورئيسه المدني .

مافعله الانقلابيون المجرمون بقتل أكثر من مائتى إنسان مسالم بريء وإصابة أكثر من أربعة آلاف بعضهم حالته خطرة ، والتمهيد لفض الاعتصام السلمي في الميادين بالعنف والدم يؤكد أنهم خلعوا برقع الحياء ، ويتحركون علنا لقهر الشعب واستعباده وتركيعه لإراداتهم الشيطانية ، وأن الدم لا يروي عطشهم المجنون للسلطة المستبدة. لقد صرخ طبيب المستشفى الميداني برابعة العدوية وهو يخاطب العالم ويقول إن الطلقات في الرأس والرقبة والقلب ، وإن المستشفى ضاق عن استيعاب القتلى والجرحى وإن الأدوية نفدت ، وإن المقتلة لم تحدث من أية حكومة سابقة أو استعمار حل بالبلاد ، ويتعجب الطبيب من هذه الوحشية التي تلبست القتلة ، ويقول نحن مصريون ولسنا غزاة !

ضاعت صرخات الطبيب مع الهواء ، وخرج أتباع البيادة في الصحف المتعهرة والإعلام الداعر يتهمون الشهداء بالإرهاب وحمل السلاح ومهاجمة أفراد الجيش والشرطة الغلابة ! ويُحمّلون الإخوان المسلمين المسئولية . وتسألهم إذا كان الشهداء والمصابون يحملون السلاح ويعتدون على الشرطة فكم أسقطوا منهم ؟ إن الكَذَبَةَ يستخفون بعقول الناس والعالم !

لقد بلغت الوحشية والخسة بالانقلابيين أنهم لم يكتفوا بإراقة الدماء في شارع النصر ؛ فأرسلوا بلطجيتهم ورجالهم بملابس مدنية لحصار المستشفيات التي يعالج بها المتظاهرون الجرحي تمهيدا لاقتحامها والقضاء عليهم وهم تحت العلاج كما حدث في مستشفي الشفاء ومستشفى سيد جلال .

لم يخرج مسئول واحد يستنكر المذبحة أو يطيب خاطر الشعب وأهالي الشهداء والمصابين بكلمة واحدة . قائد الانقلاب الدموي لم ينطق حتى الآن ، رئيس الوزراء الذي استقال لمقتل بعض النصارى في ماسبيرو عندما كان وزيرا في حكومة عصام شرف لم يتفوه بكلمة ، رئيس الجمهورية المؤقت الذي نصبه قائد الانقلاب لم ينطق واكتفي بأن أعلن بعد يوم كامل عن تشكيل لجنة تحقيق لا وجود لها على الأرض وإن كان التحقيق الفعلي يجري مع الأسري من المتظاهرين المسالمين للأسف الشديد!

  لقد سكت شخص مثل البرادعي طويلا ولم ينطق بكلمة عن المجازر التي قام بها سيده السيسي أمام نادي الحرس الجمهوري وفي مدينة المنصورة وميدان رمسيس وميدان النهضة ، وهو الذي لا يفتأ يدين الهولوكست الذي حدث قبل سبعين عاما ، ويتحدث عن حقوق البوذيين والهندوس والبهائيين ، ولم يشر بكلمة إلى استباحة دماء المسلمين !

أما رئيس الكنيسة الارثوذكسية قائد الانقلاب الموازي لقائد الانقلاب العسكري الدموي الفاشي ، فقد خرج على الناس والدموع تملأ المآقي والحزن يكاد يفجر القلوب على ضحايا الوحشية العسكرية البوليسية ليشكر الجيش والشرطة والشعب ويصفهم بفاتحى أبواب الأمل. ويقول فى تغريدة له على حسابه الشخصى بموقع التواصل الاجتماعى "تويتر" : "شكرًا شكرًا شكرًا، لكل من فتح أبواب الأمل أمامنا جميعا، جيش مصر العظيم، شرطة مصر الرائعة، شعب مصر الأصيل، ٢٦/٧/ ٢٠١٣ شكرًا شكراً شكراً".   من يدعو الى المحبة وقلبه مكتظ بالحقد على الاسلام والكراهية للمسلمين يشكر الجيش والشرطة على قتل المسلمين المسالمين!

كان موقف الأزهر الشريف مؤسفا وليس على مستوى الحدث الدامي المؤلم ، والغريب أن العلماء الأزهريين الشرفاء الذين يرفضون الانقلاب العسكري الدموي الفاشي الذي عده شيخ الأزهر أخف الضررين أخذوا مواقف مشرفة في رفض المذابح وإدانتها بمنتهى القوة ، ولكن مصدرا مسئولا بالمشيخة الأزهر استنكر هذه المواقف وذكر أنها آراء شخصية تخص أصحابها فقط ولا تعبر عن الموقف الرسمى . ياللعجب! موقف المشيخة يقترب من موقف الكنيسة ؟ موقف الشيخ يشبه موقف تاوضروس عدو الإسلام والمسلمين . واحسرتاه على الأزهر المعمور !

أمرت قيادة الانقلاب الدموي الفاشي بقيادة حملة لتحميل الاخوان المسلمين مسئولية الدماء ، مع أن الإخوان ينادون بالسلمية ويعلنون لا للعنف ، وانطلقت الأبواق المأجورة في الفضائيات والإذاعات والصحف تبيّض صفحة القتلة وتدين الضحايا والشعب الذي يطالب بالحرية والدستور والديمقراطية ، وتناسى الكذبة أن ما يقولونه كذب صراح ، ولكنهم لا يخجلون من تغيير الحقائق الواضحة وضوح الشمس ، ويعتمدون على التدليس والتضليل . لقد عرض بوق مأجور في فضائيات الحرامية والخونة فيديو يُظهر الدكتور محمد البلتاجي، القيادي بحزب الحرية والعدالة، في ميدان رابعة العدوية، وهو يستغيث بالأمم المتحدة، وبمنظمات حقوق الإنسان الدولية من الاشتباكات التي وقعت عند منصة النصب التذكاري، ويدعي البوق الكذاب أن الفيديو مرفوع يوم 26 يوليو أي قبل المجزرة بيوم، الأمر الذي أثار العديد من التساؤلات عن المدبر الحقيقي للمجزرة، خاصة وأنه تحدث عن عدد الإصابات والقتلى بالمئات، مؤكدًا أن الإصابات بالصدر والقلب. وينسى البوق الكذاب أن هناك مجازر عديدة قام بها أسياده الانقلابيون ومنها مجزرة الركع السجود في صلاة الفجر أمام قاعة الأفراح في نادي الحرس الجمهوري التي تجاوز عدد ضحاياها أكثر من مائة شهيد ، ولكن البوق المأجور يستهين بدماء المئات الذين سفحت دماءهم بيادة متوحشة غبية لا تعرف معنى الشرف ولا الإنسانية.

وإمعانا في موت الضمير والتوحش والرغبة في التعتيم على جريمة البيادة العسكرية الفاشية ومجازرها ، وظف الانقلابيون مثقفي الحظيرة لتضليل الأمة. وصف أحدهم قناة الجزيرة التي تخترق التعتيم الإعلامي المفروض على الجريمة بأنها قناة للبلبلة وتبث إشاعات مضللة وأكد أن هناك قنوات غربية تقوم بنفس دور قناة الجزيرة مثل قناة ال " بي.بي. سي" وقناة ال " سي .إن. إن" التي أصبحت تتحدث بلسان مكتب الارشاد. هكذا تبلغ الخسة الشيوعية بمثقف حظائري في التغطية على دموية سيدته البيادة الانقلابية ! ترى لو أن هذا الشخص فاقد الإنسانية رأى أخاه أو ابنه مقتولا في أحداث المنصة برصاص البوليس الجبان الفاشي : ماذا كان يقول ؟

قارن هذا بما يقوله الكاتب البريطاني المحترم روبرت فيسك إن إطلاق الناركان متعمدا على الرءوس  وأن رغبة البوليس في القتل كانت قوية.

لقد كان موقف أبواق البيادة ومثقفيها في غاية الإجرام ووصل الى حد الوقاحة مثل موقف ذلك الشيوعي الذي يبرر قتل الأبرياء ويزعم أنه أريقت دماء كثيرة لتكون مصر علمانية ، ويجب أن تراق دماء كثيرة لتظل علمانية !!

لاريب أن  الانقلابيين المتوحشين يتعطشون لمزيد من الدماء كي يرتووا ، ولكنهم لا يرتوون . ولعلهم في طريقهم لتنفيذ مذبحة برابعة العدوية والنهضة تشبه مذبحة الميدان السماوي بالصين ، ولكنهم يتجاهلون أن الدم سيهزمهم وستبقى مصر إسلامية إن شاء الله .