المثقفون العبيد!

المثقفون العبيد!

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

أشرت من قبل إلى ما قام به مثقفو أميركا اللاتينية لتحرير بلادهم من قبضة الطغاة والحكام المستبدين، وحين أقارنهم ببعض مثقفينا العبيد الذين انحازوا إلى الديكتاتورية والنظام البوليسي الفاشي نظير فتات رخيص، فإني أشعر بالفخر والعار في آن، الفخر لأن مثقفي جمهوريات الموز أنصفوا شعوبهم وبلادهم،على النحو الذي فصله الدكتور حامد أبوأحمد، أما العار لأن مثقفينا يرحبون بالاستبداد ويصفقون له ويسجدون على بيادته ، ويملكون معجما زئبقيا مدهشا في النفاق والتضليل!

طوال ستين عاما، ركع مثقفو السلطة في بلادنا على ركبهم لتأييد الطاغية وغنوا له " يا حبيب الملايين واخترناك والنسر الأعظم "، وزيفوا الحقيقة واغتالوا إرادة الشعب، ووقفوا ضد عقيدته واختياره ، واشعلوا  نيران الفتنة ، وحرّضوا الأقليات وطبّعوا مع الأعداء. بل إنهم ربطوا ميلاد مصر بمولد الديكتاتور. ثم إنهم أيدوا دائما قراراته الظالمة وقوانينه الجائرة ومجالسه المزورة وأحزابه الورقية، وأشادوا بصفاته وأخلاقه وسلوكه المشين.

لقد انقلبوا فجأة بعد ثورة يناير، وركبوا الموجة، وجعلوا من أنفسهم ثوارا يدّعون بطولات وهمية وفروسية زائفة، وزعموا أنهم قادة الثورة وأصحاب القول الفصل فيها، وأن الآخرين الذين قضوا معظم شبابهم في المعتقلات الظالمة والسجون القاسية ينبغي ألا يقتربوا من الثورة أو يتحدثوا عنها! ثم إنهم عندما رأوا أحزابهم ونخبهم تخفق إخفاقا ذريعا في الانتخابات التشريعية والرئاسية والدستورية، راحوا يستدعون الجيش ليتولى الحكم بعد أن كانوا يهتفون بسقوطه.

وعندما وقع الانقلاب العسكري، جعلوا من الجيش قائدا للشعب وسيدا له، وازدروا إرادة الناس، والطوابير الطويلة التي وقف فيها الناس ليعبروا عن إرادتهم في انتخاب المجلس التشريعي والرئاسة والاستفتاء على الدستور. قال  أحدهم:إن موقف القوات المسلحة موقف مسئول كانت الجماهير تطلبه، وردد آخرأن الشعب استطاع أن يجذب القوات المسلحة إليه – يقصد ضد الشرعية! ويعبّر آخرون عن تأييد مصادرة الدستور والحريات وتأييد الانقلاب!

إن القوات المسلحة ملك للشعب المصري، وتستجيب لإرادته من خلال الشرعية التي تصنعها الديمقراطية والدستور، ولكن المثقفين العبيد يبحثون عن مصالحهم الخاصة التي لا تتحقق إلا في ظل حكم مستبد فاشي.