إشراقة : الفتنة بين المجاهدين
د . فوّاز القاسم / سوريا
بشأن الفتنة التي تطلّ برأسها بين المجاهدين على أرض سورية الحبيبة ، بين الجيش الحرّ وبعض الكتائب الإسلامية ، أود أن أسجّل الخواطر التالية :
1. المؤمنون المجاهدون في سبيل الله على أرض سورية الحبيبة ، إخوة تتكافأ دماؤهم ، وكل من قاتل العصابة الأسدية فهو ابن بارّ للثورة السورية المباركة ، مهما كانت جنسيّته ، وهو يستحق الجنسية السورية بعد النصر ، بل يستحق أن نزوّجه سورية ، ولا فرق بينه وبين أي سوري مجاهد على الإطلاق ، ونحن لا نعترف بالحدود المصطنعة بين أقطار الأمة ، ولنا من سلفنا الصالح الأسوة والقدوة
ففي الفتوحات العربية الإسلامية الأولى للشام المباركة ، التقى على أرض الشام العربي المسلم ( العدناني ، القادم من الجزيرة ، والقحطاني القادم من اليمن ، والعراقي ، القادم مع جيش خالد بن الوليد من العراق نصرة لإخوانه في الشام ) ولقد اختلطت دماؤهم الطاهرة جميعاً ، وروّت أرض الشام ، وأزهرت فتحاً مبيناً ، ونصراً عزيزاً ، لا نزال نعيش في بحبوحته جميعاً حتى اليوم .
ثم ، لننظر إلى جبهة العدو ، فلقد اكتظت بأصحاب المشروع المنحرف من جميع الملل والنحل الضالة ، من إيران والعراق وسورية ولبنان واليمن وغيرها ، أفيكون حلال عليهم وهم أهل بغي وظلم وضلال وانحراف ، وحرامٌ علينا ، ونحن أهل حقّ وعدل وإيمان .!؟
2. إنّ كلّ ابن آدم خطّاء ، وفي ساحات الوغى والجهاد قد يحدث إرباك أو خطأ ، وهذا أمر طبيعي ومعروف في المعارك ( ولقد قتل بعض المسلمين بعضهم في ملحمة أحد من شدّة الهول ) ، ولذلك فقد أحبّ الله في مثل تلك المواضع ( الصفّ والوحدة والتعاون ) (( إن الله يحبّ الذين يقاتلون في سبيله صفّاً كأنّهم بنيانٌ مرصوص )) ، ولكنّ ذلك لا يسوّغ الخلاف بين المجاهدين ، وحمل السلاح على بعضهم ، وإراقة الدماء الطاهرة بينهم ، فهذا حرام ، وكفر ، وهو وخط أحمر ...
وحلّ الخلافات بين المجاهدين يكون ( بمجلس حكماء ) من صفوة علماء ومجاهدي الشام والأمة ، ويكون مقرّه الداخل المحرّر ، أو أقرب نقطة إلى الداخل ، وعلى جميع الأطراف أن ترضى بحكمه ، وتذعن لقراره ، ومن شذّ ، شذّ في النار ، ووجب على الثورة أن تتحد ضدّه ، وتحاربه ، وتلفظه خارج سورية بالقوة العسكرية ...
3. إثارة الفتنة بين صفوف المجاهدين : هي خطة يهودية خبيثة ، وأول من أسسها هو اليهوديّ الحاقد ، عبد الله بن سبأ ( ابن السوداء ) ، الذي ألّب الرعاع والمنافقين والموتورين على قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه ، ثم أمرهم أن يندسّوا في جيش عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ، ثم راحوا يحرّضون على الفتنة والاقتتال بين الصحابة رضوان الله عليهم ، ومن الثابت لكل من درس التاريخ ، أنهم كانوا خلف كل المعارك التي حدثت بين عليّ رضي الله عنه وجيشه من جهة ، وبين الصحابة طلحة والزبير وعائشة ومعاوية رضوان الله عليهم جميعاً في ( الجمل ) ، و ( صفّين ) ، وغيرها من معارك الفتنة التي راح ضحيتها آلاف الصحابة ، وأريقت فيها أنهار من الدماء الطاهرة الذكية ...
فالله ، الله في وحدتكم أيها المجاهدون ، والله ، الله في دمائكم ...
ونسألكم بالله العظيم الذي تجاهدون في سبيله أن لا تفجعونا بخلافاتكم ودمائكم ، وتثلجوا صدور أعدائكم ...
ولنقسم جميعاً بأعظم الأيمان المغلّظة في رمضان المبارك على حرمة الخلاف ، وحرمة الاقتتال ، وحرمة الدم بين المجاهدين ....
(( إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ ۘ وَالْمَوْتَىٰ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ )) الأنعام
صدق الله العظيم
ألا هل بلّغت ، اللهم فاشهد