هل جانب السيد نصر الله الصواب
د. خليل قطاطو
ألقى السيد حسن نصر الله خطابا يوم السبت الخامس والعشرين من أيار بمناسبة ذكرى تحرير الجنوب وتناول محورين ، ألأول الوضع الداخلي وقانون الأنتخابات وسلاح المقاومة ، والثاني الوضع السوري وتدخل حزب الله المباشر في الصراع العسكري في محافظة حمص المحاذية لمنطقة البقاع اللبنانية . المحورين متداخلين ولكن دعونا في عجالة نركز على المحور الثاني ، نسبر أغواره ونحلله
عارض السيد نصر الله سياسة النأي بالنفس عن الوضع العسكري في سوريا التي تنتهجها نظريا الحكومة اللبنانية . أعترف رسميا وبصراحة بأرسال مقاتليه للقتال في القصير الى جانب قوات النظام واعتبرها معركة مصيرية ووعد مناصريه بالنصر في أشارة واضحة الى وضع كل ثقله لمنع سقوط النظام مهما بلغت التكاليف ، كما أستخف بالتكهنات بسقوط النظام ، وقال أن سقوط النظام سيكون كارثة على القضية الفلسطينية، حسب رأيه ، مفترضا ، أو متخيلا أن المعارضة موالية لأمريكا وبالتالي فأن موقف حزب الله الطبيعي أن لا يكون مع الفريق الذي تقف معه أمريكا . الغريب في كلامه أن تكون أمريكا في صف التكفيريين وقد وضعت جبهة النصرة على قائمة ألأرهاب كما وضعت حزبه من قبل . الكثير من السوريين يقولون أن أمريكا تقف ضمنا مع النظام على اعتبار أن جبهة الجولان بقيت صامتة منذ 1973 وهذا أضمن لأمن أسرائيل من نظام سوري جديد قد يكون خطرا على أسرائيل ، لمحت اسرائيل ألى مثل هذا مؤخرا ، ويستدلون على ذلك بأمتناع أمريكا عن تسليح المعارضة مما رجح كفة النظام في الأشهر القليلة الماضية . الواقع أن أمريكا ليست مع هذا أو ذاك ، بل مع استمرار الوضع الحالي من قتل ، وتدمير للبلد على المدى الطويل دون أن ينتصر النظام أوالمعارضة . أنها مغامرة ، على أمل أن لا يضر الوضع في الدول المجاورة خاصة الاردن والعراق وتركيا . قد ينتشر الهشيم ألى لبنان ، الذي يحاول السيد نصر الله منعه ، وقد لا يستطيع ، ولأمريكا لا يهم طالما أن اسرائيل في مأمن ، هذا ما يهم
يقول نصر الله لخصومه السياسيين في لبنان : أنتم تقاتلون في سوريا ونحن كذلك ، دعونا نتقاتل هناك ، في سوريا ، لا هنا ، في لبنان . الفرق أنه يدخل المعركة بكل عدته وعتاده كحزب جيد التدريب والتسليح بينما يتطوع أفراد سلفيين الىجانب الثورة السورية . ترى هل يحق للسيد نصر الله أن يجعل ألأرض السورية ساحة للمعارك مع خصومه اللبنانيين ؟ التاريخ يعيد نفسه فقد جعل النظام السوري(حليفه) لبنان من قبل ساحة معارك للفرقاء لستة عشرة سنة ، وسواء اراد نصر الله أم لم يرد ، فأن ساحات المعارك ستمتد من سوريا الى لبنان ، ولن تقتصر على أشتباكات محدودة في طرابلس . أنه لن يستطيع تحديد وتجميد مكان المعركة في الأشهر القادمة وأبقائها في الأراضي السورية ، كما يتمنى
المغالطة الثانية هو أنه يقول أن الآف المقاتلين الاجانب (التكفيريين) دخلوا لاراضي السورية لذا فهو يقاتلهم (في القصير) لحماية ظهر المقاومة (في البقاع) والحقيقة أن غالبية مقاتلي الثورة السورية هم من السوريين ، أهل البلد ، صحيح أن هناك مقاتلين أجانب ، ولكنهم ليسوا ألأغلبية ، ثم أليسوا هؤلاء هم أهل القصير (وباقي سكان محافظة حمص ) الذين آووا أهل الجنوب أيام حرب 2006 وفتحوا لهم بيوتهم ومزارعهم ؟ هل أنقلبوا فجأة ألى أعداء ، وتكفيريين يخدمون المصالح ألأمريكية وألأسرائيليية ؟ أهذا جزاؤهم ؟ يخطيء السيد نصر الله أذ يقول أن النظام السوري هوالداعم للمقاومة ، الم يكن الشعب السوري داعما للمقاومة ؟ فلماذا أذن يخطيء في حساباته الاستراتيجية ويربط المقاومة بنظام زائل بدل الشعب الباقي . هو يبدو متأكدا بأن النظام سيبقى ولكن منذ متى تستطيع أنظمة الفساد والاستبداد الثبات أمام الشعوب الثائرة ، ألم يقرأ التاريخ ؟
حتى ينأى بنفسه عن الطائفية ، يفصح ، وللمرة ألأولى ، عن مشاركة مقاتلين من حزب الله في معارك أستقلال البوسنة والهرسك . ترى لو كان هذا صحيحا لماذا تأخر هذا الأعتراف عشرين سنة ؟ ولماذا لم تستطع أي مؤسسة صحفية اكتشافه ؟ وترى هل كان مقاتلوه يحاربون هناك جنبا ألى جنب مع السلفيين ، أو التكفيريين ، كما يصفهم الان كخطر على مشروعه المقاوم ويلزم محاربتهم ؟
يقول السيد نصر الله أنه كان يتباحث مع شخصيات اسلامية (لم يسمها) لحل ألأزمة مع النظام السوري سلميا وبالمفاوضات ، يدعي أن النظام كان دائما مستعدا للحوار والمعارضة ترفض ، وهذه كلمة حق أريد بها باطل أذ كان النظام نظريا يقبل الحوار ويستمر في القصف والقتل وممارسة هواية المجازر ، كما أن النظام كان دائما يشترط بقاء الرئيس ولذلك رفضت المعارضة مثل هذا الحوار اللامجدي وهذا من حقها
لقد أخطأ حزب الله الحساب ، وخسر مصداقيته أمام الجماهير التي كانت تناصره بأصطفافه ألى جانب النظام السوري الممعن في الفتك في الشعب الثائر ، وسواءا كانت المعطيات وراء موقفه طائفبة أم لا الا أن تورطه في الشأن السوري في محاولته لأطالة عمر النظام سيضره أذ أنه سيتنزف قواه في معركة يظنها رابحة ونظنها خاسرة.