أنا برئ من الإخوان
خليل الجبالي
لم نلتق منذ فترة طويلة، وقد جمعني به لقاء، فمجرد أن رأني ضحك ضحكة ممتلئة بالسخرية ثم قال: إنك كتبت كثيراً في السياسة فهل مازلت مقتنع بالإخوان؟
ومازلت تدافع عن جناحهم السياسي حزب الحرية والعدالة بعد هذا الهوان وهذا الضعف الذي ظهروا فيه؟
هل تصدق أن حزب أغلبية مثل الحرية والعدالة لايستطيع أن يشكل حكومة ، ومعلوم في دول العالم أن حزب الأغلبية هو الذي يشكل الحكومة.
هل هذا حزب سيقود البلاد، والمعارضة تقف لهم بالمرصاد وتطالب بإسقاط الحكومة ، بل تطالب بسحب الثقة من الرئيس مرسي ثم لا تجد لهم قراراً يحسم الموقف؟
واستطرد قالاً: في الحقيقة أنا برئ من الإخوان ، وأتمني أن يدخلوا الإنتخابات مرة ثانية حتي لا أعطيهم صوتي.
ثم قال مبرراً كلامه : كيف يصبر الإخوان علي السباب والشتائم من الإعلام الكاذب وفي أيديهم قرارغلق تلك القنوات ، هل كان يجرئ أحد أن يتكلم أيام الرئيس المخلوع أو ينتقد سياسة حكومته، علاوة علي شخصه؟
لماذا يصمت الإخوان علي هذه الإهانات ؟
أنا برئ منهم.
كيف لحزب يحكم ثم يترك الفلول والمعارضة ـ تطفش ـ المستثمرين بعمل إضطربات وقلاقل أمنية في البلاد ثم لا يحركون ساكناً، فأين قانون الطوارئ ، وأين الإعتقالات التي كانت تنفذ فيهم بالأمس، ولماذا لا يطبقونها علي هؤلاء المجرمين في حق الوطن وإستقراره، إن هذا التوقيت لا يتح للإخوان أن يطبقوا فيه الديمقراطية كما يرسمها الدكتور مرسي، فلن تسمح لهم المعارضة الليبرالية والعلمانية والمأجورة من الخارج بذلك، فهم يقفون بكل شراسة أمام المشروع الإسلامي، حتي بعض الأحزاب التي تضع علي وجهتها اللافتات الإسلامية مثل حزب النور والذي تحول الآن إلي حزب ليبرالي وإن لم يقل ذلك صرحةً، لا يحب أن يقام للإخوان قائمة، فكما تراه يعرض نفسه للحكومات الغربية والأمريكية ليكون بديلاً لهم، لذا فلن يسمح للإخوان ولا الدكتور مرسي أن يثبتوا وجودهم، أوتستقر مقاليد الأمور في أيديهم.
وكذلك حزب مصر القوية الذي يقف موقف المعادي من الإخوان ، فأنت تعلم ياصديقي أن أبو الفتوح ـ إكس إخوان ـ أي خرج من الإخوان ولن يسمح بنجاحهم، ولن يقف بجوارهم ، فلن يكون في البلد أي إستقرار إلا بعد سقوط حكم الإخوان.
فالإخوان لم يتعلموا سياسة بعد، فهم مازالوا يثقون في حزب النور ومصر القوية ويظنون فيهما خيراً رغم ما يقومان به، إن المعارضة بشكلها الحالي لا ينفع معها حلم مرسي ولا صبر الإخوان، لذا فأنا برئ من الإخوان.
ثم استطرد بكلماته الأخيرة يقول : أيها الكاتب هل مازلت تدافع عن الإخوان أم تتبرئ منهم كما تبرأت منهم؟
فقلت له إن الإخوان المسلمين فكرة وضعها الإمام البنا، ووضح مقصدها، فهم يريدون أن تتصل خطواتكم اللاحقة بخطواتكم السابقة في هدوء وسكون حتي يصلوا لتحقيق فكرتهم التي تنبع من شمولية الإسلام وتعاليمه، فهم يفهوم أن الإسلام نظام شامل يتناول مظاهر الحياة جميعاً، فهو دولة ووطن أو حكومة وأمة ، وهو خلق وقوة أو رحمة وعدالة ، وهو ثقافة وقانون أو علم وقضاء ، وهو مادة أو كسب وغنى ، وهو جهاد ودعوة أو جيش وفكرة ، كما هو عقيدة صادقة وعبادة صحيحة سواء بسواء، حتي أصبح كل مصلح مخلص غيور يجد فيها أمنيته ، والتقت عندها آمال محبي الإصلاح الذين عرفوها وفهموا مرادها ، وتستطيع أن تقول ولا حرج عليك أن الإخوان المسلمين فكرتهم فكرة إسلامية صميمة، فهي تضم المعاني الإصلاحية الثمانية فهي :[دعوة سلفية، وطريقة سنية، وحقيقة صوفية، وهيئة سياسية، ورابطة علمية وثقافية، وشركة إقتصادية، وفكرة إجتماعية].
ومن هنا أقول لك يا عزيزي أن الإخوان فكرة إقتنعت بها وتربيت في أحضانها وابتليت في طريقها، أملاً في تحقيق غايتها وهي مرضاة ربنا، ومن أركان بيعتها تعلمت الثقة في قيادتها ، فإننا نثق في الدكتور مرسي ثقة الجندي في قائده، كما نثق في فكرتنا التي ستتحقق يوماً بأمر الله.
إن هؤلاء المعارضين يفهمون الديمقراطية فهماً خاطئاً للحريات، ويعز عليهم أن يسود الإسلام أو أن يحكم الإخوان ، فسيسود الإسلام ويحكم الإخوان بإذن الله.
إن السعادة التي ينشدها الناس جميعًا إنما تفيض عليهم من نفوسهم وقلوبهم , ولا تأتيهم من خارج هذه القلوب وأن الشقاء الذي يحيط بهم ويهربون منه إنما يصيبهم بهذه النفوس وتلك القلوب كذلك، ونحن الإخوان جزء من نسيج هذا الوطن، فلنصبرن عليهم حتي يعلموا حقيقة أنفسهم وحقيقة فكرتنا, وأن القرآن الكريم يؤيد هذا المعنى ويوضحه في تغيير الأنفس، فيقول الله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) سورة الرعد.
إن الحاقدين والمأجورين والمتكبرين سيكشف الشعب حقيقتهم، وسينبذهم حتي لايكون لهم وزن.
إن قامات كبيرة من جماعة الإخوان المسلمين خرجوا منها، وانتهي عهدهم بها، وبقيت الفكرة، فمنهم من حفظ للإخوان عهدهم وودهم فلم يطعنوا فيها، بل دافعوا عنها أمثال الدكتور القرضاوي والشيخ الغزالي رحمه الله ، ومنهم من انقلب عليها وطعن في نفسه قبل أن يطعن فيها أمثال الهلباوي وأبوالفتوح والخرباوي، وانتهي عصر التألق لهؤلاء وبقيت الإخوان جماعة وكيان ،فالإخوان فكرة وليست ارتباط بأشخاص، فثقتي في قيادتها ، وحبي لفكرتها، يجعلني أتمني أعيش فيها إلي أن ألقى الله لا أن أتبرئ منها.
فقال صديقي : أنا برئ من الإخوان ليس كرهاً فيهم ولكن مللاً من صبرهم علي المجرمين الذين يخربون في البلاد فقد نفذ صبرنا وأتمني أن تتحقق معاني الديمقرطية الحقيقة وتستقر البلاد ويتحسن مستوي الإقتصاد، عندها لن اتبرئ من الإخوان وسأحبهم كما تحبهم.
فقلت له: إن الصبر والحلم ياعزيزي من صفات أولي العزم من الرسل، ولن يقدرعلي تطبيقهما إلا مجاهد لنفسه، حريص علي وطنه،
(ولَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُتَوَكِّلُونَ (12) سورة إبراهيم.
حتي يتحقق قول الله تعالي فينا (فَأَوْحَى إلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (13) ولَنُسْكِنَنَّكُمُ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وخَافَ وعِيدِ (14) سورة إبراهيم