النظام الإيراني وحزبه في لبنان يعلنان حربًا سافرة على أهل الشام وثورتهم
النظام الإيراني وحزبه في لبنان
يعلنان حربًا سافرة على أهل الشام وثورتهم
بعد أن حقق الثائرون في ثورة الشام انتصارات وتقدّمًا واضحًا للعيان في قتالهم لكتائب الطاغية أسد على امتداد واسع من أرض سوريا، بما في ذلك منطقة حمص والقصير وريفهما، دفع (حزب الله) بالآلاف من مقاتليه ليُمعِنوا قتلًا في الثائرين بهدف انتزاع قرى ومناطق لمصلحة الكتائب الأسدية تمهيدًا لإحكام الطوق على القصير وحمص الذبيحة التي يضع الطاغية في حساباته احتمال أن تكون جزءًا من المنطقة التي يلوذ بها إن حُرِّرت دمشق من رجسه ورجس شبيحته.
وكان ملاحَظًا أن الحلف الأمريكي الإيراني قد عمد قبيل هذا الهجوم الذي نفذه (حزب الله) إلى إشغال الساحة اللبنانية بملهاة تُسمّى استقالة الحكومة وتكليف رئيس جديد تسمّيه السعودية وتشكيل حكومة جديدة في محاولة منهم لامتصاص الغضب المتصاعد لدى المتفاعلين مع الثورة من أهل لبنان، وقد أعطاهم تيار المستقبل ما يريدون، فاشتغل وأشغل الرأي العام بمعركة مصطنعة حول الحكومة وتشكيلها، وتفرّغ حزب إيران للحرب على أهل سوريا وثورتهم بعد أن كان مُهدَّدًا في الداخل بخطر انفجار الوضع الأمني وانفلات الأمور من أيدي الأجهزة التي يُحكِم قبضتَه عليها. وسواء أشُكّلت حكومة أم لم تشكَّل، وسواء أنالت الثقة أم لم تنل، وسواء أكانت حكومة سياسيين أم حكومة تكنوقراط، فلن يشكل الأمر فارقًا كبيرًا بالنسبة لحزب إيران لأنه في جميع الأحوال ما زال يُحكم قبضته على الأجهزة الأمنية والقضائية التي ينفِّذ بواسطتها ما يريد، تثبيتًا لسيطرته على البلد ودعمًا لنظام أسد في سوريا.
أيها النظام الإيراني، ويا حزبه في لبنان:
لطالم ردّدتم الشعارات وكرّرتموها بأنكم دولة إسلامية تتطلّع إلى أن ترى العالم الإسلامي يعيش في ظل الإسلام كما فعلتم (وفق فهمكم الخاطئ لتطبيق الإسلام) في إيران. إلا أنكم ومن حيث الواقع ومنذ بداية تاريخكم نهاية السبعينيات تحالفتم حلفًا وثيقًا مع أكثر الأنظمة تطرُّفًا في العلمانية وأشدِّها حربًا على الإسلام وأهله، وفي مقدمتها النظام الأسدي في سوريا. وحين كان المقبور حافظ أسد يرتكب المجازر في حماة وسائر سوريا كنتم من أشد الدول مناصَرةً له.
واليوم حين ثار أهل سوريا على طاغيتهم الذي صرّح بأنه الحصن الأخير للعلمانية في المنطقة حسمتم أمركم بالوقوف معه حتى النهاية، وحاربتم ثورة الشام بكل ما أوتيتم من قوة عسكرية ودبلوماسية وإعلامية واقتصادية. وأنكى من ذلك كله أنه كلما برزت الهوية الإسلامية للثورة يومًا بعد يوم ازداد إصراركم على حربها ونصرة عدوها! لِم وقفتم موقفكم هذا؟! بكل بساطة لأن نظام أسد العلماني الطائفي العميل لأميركا هو أحد ركائز إمبراطوريتكم التي أنشأتموها من وسط آسية إلى المتوسط، بالتواطؤ مع السياسة الأمريكية طبعًا.
فأي إسلام هذا الذي تدّعونه وأنتم تحاربون ثورة الشام وما فيها من إسلام وتـثَـبِّـتون أشدّ النظم علمانية في المنطقة؟ بل وتستبيحون دماء المسلمين بإرسال المقاتلين من لبنان وإيران والعراق لقتلهم وإراقة دمائهم؟! فأين أنتم من قوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَاَلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}.
لطالما زعمتم أن الهيمنة الأمريكية على المنطقة والعالم هي ألدّ أعدائكم، وملأتم الدنيا ضجيجًا بشعار "أمريكا الشيطان الأكبر" و"الموت لأمريكا"، والحقيقة أنها لطالما كانت شعارات دجل وخداع. فأرشيفكم منذ ثلث قرن ملؤه التواطؤ مع أمريكا والتكامل مع سياساتها في المنطقة، ولا سيما عند المنعطفات المصيرية.
فحين قررت الولايات المتحدة غزو أفغانستان عام 2001 عاونتموها وشاركتموها الغنائم والنفوذ على أنقاض دولة طالبان، ولم يخجل رئيس جمهوريتكم الأسبق رفسنجاني من التصريح بأنه لولا تعاون إيران لما استطاعت أمريكا احتلال أفغانستان.
وحين قررت الولايات المتحدة غزو العراق عام 2003 عاونتموها بكل ما أوتيتم من قوة، ودفعتم المعارضة الموالية لكم إلى القتال علنًا إلى جانبها، ودخلت هذه المعارضة بغداد على الدبابات الأمريكية، وكانت سببًا رئيسًا في انقسام أهل العراق واقتتالهم على أساس طائفي، بعدما غاب هذا الانقسام عن العراق مئات السنين.
أما في لبنان فلطالما كان ثمّة اتفاق بينكم وبين السياسة الأمريكية في تفويض الملف اللبناني إلى النظام الأسدي. ولطالما سخّر الأميركي المقاومة في لبنان من أجل الحفاظ على توازن القوى بين (إسرائيل) وجوارها الإقليمي، من أجل التمهيد لعملية السلام من نظام أسد.
لقد كان بإمكانكم أن تفتحوا حربًا مصيرية على دولة يهود، بما تملكون من إمكانات، ولقد كانت حرب تموز 2006 شاهدًا على إمكانية هزيمة كيان يهود واستئصاله إن وجد القرار الحازم، ولكنكم خذلتم المقاومين الذين أذلوا جنود يهود على أرض جنوب لبنان ودفعتم حزبكم إلى القبول بالقرار 1701. فتحوّل النصر العسكري إلى تراجع ميداني وسياسي بفعل الإذعان للقرار الدولي. لِم هذا الموقف المخزي؟! لأنكم بكل بساطة لم تقرروا ولا مرة واحدة أن حربكم مع كيان يهود هي حرب وجود، وإنما هي نزاع تكتيكي يقف عند حدّ الحفاظ على ورقة ضغطٍ وتَفاوُضٍ بيدكم وبيد حليفكم السوري. والدليل هو سبع سنوات من السكون التام في جنوب لبنان، ما يعني أنكم ألحقتم هذه الجبهة بجبهة الجولان التي كفل فيها حليفاكم حافظ وبشار السكون والهدوء لليهود أربعين سنة. وكم من المرات صرح الطاغية أسد أن خياره الإستراتيجي هو السلام مع (إسرائيل) وأن المقاومة هي البديل ما دامت إسرائيل متعنّتة في مسيرة السلام! أي إن مقاومتكم هي أداة لمفاوضاته الخيانية.
إن ثورة الشام ثورة شعب، بل ثورة تمثّل أمة، وإن هؤلاء الذي عاديتموهمم في ثورتهم هم الذين آووكم وناصروكم وآزروكم في حربكم ضد دولة يهود، وبخاصة في حرب تموز عام 2006. وكفاكم خداعًا لأنفسكم ولجمهوركم بالزعم أن عداوتكم هي فقط مع مجموعات من التكفيريين، بل قد عاديتم شعبًا في ثورته التحررية من نظام ظالم قلّما عرف التاريخ شاكلته. أين أنتم من قوله تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}.
ولكن، على الرغم من فَجعتنا وحسرتنا من موقف حزب إيران في لبنان، فإننا أوعى من أن نساهم في فتنة يصبّ النظام الإيراني وحزبه اللبناني الزيت على نارها. وسنبقى نترقب دلائل تعقُّلٍ وتقوى في جمهورٍ يزعم حزبُ إيران أنهم جمهوره، ولا يجوز أن يكون موقف الأمين العامّ الأوّل "لحزب الله" سماحة الشيخ صبحي الطفيلي وبعض الأصوات الأخرى أصواتًا يتيمة. بل نعزم على العقلاء الذين يراهن حزب إيران على التترس بهم أن يرفعوا الصوت عاليًا آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر، قاطعين الطريق على فتنة قد لا تبقي ولا تذر.
{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُون}
المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية لبنان