يجب التمسك بأصالة الثورة وجوهرها.. مهما فعلوا ..القتلة..
يجب التمسك بأصالة الثورة وجوهرها..
مهما فعلوا ..القتلة..
عقاب يحيى
وتكثر الأسئلة : نحن إلى اين؟؟.. وما المخرج ؟؟....
يريدون حرف الثورة عن بوصلتها وجوهرها، وتحويلها من ثورة شعب قام بمعظم فئاته وأطيافه لأجل الحرية والكرامة.. إلى حالة فئوية.. تواجه خندقاً فئوياً آخر.. وعندها.. يقهقهون " انتصاراً" وقد وصلوا إلى ما يخططون له من سنوات...
سنوات وجهات إقليمية، ودولية عديدة، وعلى راسها الصهيونية، والعمل حثيث لإحلال الصراعات العمودية : الدينية، والمذهبية والإثنية، مكان الصراع ضد المستبدين والظلمة والمحتلين، ومفترسي أحلامنا، وبلادنا..
سنوات والعرب غائبون عن بلورة اي مشروع نهضوي، توحيدي، حداثي يصون مصالح الأمة، ويحافظ على القائم، ويحاول انتزاع الحقوق الطبيعية من الآخرين، بينما تصول وتجول المشروعات الأخرى.. تدخل البيوت والعقول، وتُحدث انقسامات هجينة، غريبة، مسلحة بالمال والإغواء، وركوب شعارات التزييف، والحالة الشعبوية، والإيمانية بأوجهها، وأرديتها، وتلاوينها المختلفة... وبرز المشروع الإيراني مجلبباً برايات فلشطين ليخترع النخاع الشوكي للأمة، وينشر جراثيمه التقسيمية بقابلية الجذب، وفراغ الهشيم، وإمعان النظام العربي في غيّ التبعية، والمذلة، والتهميش..
ـ بالدعم المالي الغزير. بمنظومة شعارات المقاومة، والممانعة . بدور حزب الله في مقاتلة الإسرائيليين وتحرير الجنوب وما نجم عن ذلك من التفاف شعبي نادر، مزدوج الأوجه، بل عديدها.. بالكلمات الطنانة المغرية.. بالحسينيات ونشر الفكر الفئوي.. تغلغل الانقسام في عديد المجتمعات العربية في بيئة خواء..وتحولت كثير الأفكار إلى خندقة مزيفة، وراحت تضخّ بعض خزين فيضها المحقون/ مبتهجة بما تحققه من انتصارات تمزيقية ، ومن إعادة جبرية لقرون خلت، وإحياء الميت والضعيف منها، ثم ارتدائه بمشروعية القونمة والتقديس، واحتكاره لمواجهة الآخر الذي يرد بمثيله، ومن موقع رد الفعل المسلح بعدة مشابهة .
********
أبداً ما كانت الثورة السورية العظيمة فئوية، ولا قامت حصراً على "أهل السنة"، ولأجلهم ، وإنما هي ثورة شعب فاض كأس الظلم والاحتقان والمذلة فيه فقرر التغيير : حقاً طبيعياً مشروعاً مثل بقية شعوب العالم.. وعبّرت شعاراتها المختصرة عن مكنونها، مثلما جسّد شبابها الميمون مضمونها ..
ـ طغمة القتل، وللهروب من استحقاقات التاريخ، وحكم الشعب القاطع.. ركبت منذ البدء على واحد من أسّبنائها واستمرارها، ودفعت به، بتخطيط خبيث ليكون المطية والحربة والمضمون.. فراحت تضغط بطكل السبل المدعومة بممارسات الحقد، عمليات الإبادة كي تقع الثورة في جبّ المطبّ، فتتساوى مع القاتل، وتنزع، أو ينتزع منها جوهرها، وسر استمرارها وتصاعدها ، وتتحول من ثورة شعبية إلى حالة فئوية تقاتل على أرضية أخرى تلتقي فيها مع ما تريده الطغمة وتفعله.
قوى كثيرة : داخلية وخارجية دفعت وتدفع بهذا الاتجاه، وتصرفات وتصريحات مراهقة، ومتخلفة قدّمت بعض الوقود كي يشعلها القاتل مذابح أشبه بالتطهير المذهبي، وكي يمتطي مقولاته التي رددها منذ البداية، ويعطي الأدلة على صحتها من خلال بعض الدعوات والتصريحات وأفعال ردود الفعل.
ـ الثورة ـ بوعي شبابها ـ بحسها الوطني الأصيل . بغيمانها بوحدة الشعب والأرض نجحت على مدار الشهر الفائتة من تحطيم نهج الطغمة ومحاولاتها ، امتلكت، رغم الدم الفوار، ومنظر الفظائع التي ترتكب من شبيحة معدومي الضمير والإنسانية بلون فئوي واضح، في عدم الانزلاق إلى المطحنة..وفي الخفاظ على الثوابت، ورباطة جأش الأهداف ..
ـ لكن اليوم.. ومع اتساع رقعة المجازر بلونها الفئوي الفاقع الذي يصل الإبادة المذهبية، وصمت المجتمع الدولي وعجزه عن فعل شيء، ودخول إيران بصراحة، ومعها حزب الله بعلنية لم تعد مستورة..وما يجري في بنانياس والبيضا وعديد المدن والمناطق والقرى من ذبح شنيع، وتفظيع، وحرق، وفجور..فإن ارتفاع وتيرة الغضب الطبيعي، وردّ الفعل المفهوم يشكل أرضية خصبة لدعاة الحرب المذهبية من كل الجهات.. فتنهال صرخات الثأر، والاستنفار، ودعوات الجهاد..وتكثر زوابع المنادين بالانتقام الجماعي، والقتل العميم..والثأر..اي الدخول إلى المطحنة التي تسنّ أسنان التمزيق بفجاجة لا تخفى على أحد..
********
ـ الثورة مطالبة اليوم، أكثر من اي وقت، بضبط أعصابها، والتمسك بثوابتها ونهجها، ومنبع قوتها، ومقاتلة الطغمة على أرضية الحرية والكرامة، والوطن الموحد، الحر، وليس الانجرار إلى الهاوية التي يريد إيقاع الثورة فيها.
ـ مطلوب من جميع ثوار الميدان. من العقلاء ورجال الدين السنة وغيرهم . من أصحاب الرأي والتأثير.. من هيئات المجتمع المدني والأحزاب، والمجلس الوطني والإئتلاف أن يتخندقوا في جبهة حماية الوطن من حرب مذهبية قاتلة، وحماية الثورة مما يخطط لوأدها، وحرفها، وتشويهها.. والتمسك بالأهداف العظيمة.. مهما بلغ فجور الحقد، ومهما أوغلوا في القتل، وتفننوا في اشكاله المرعبة..