نستعيد ذكرى الجلاء – وعفو أو اعتراف – وندين لإرهاب
نستعيد ذكرى الجلاء – وعفو أو اعتراف –
وندين لإرهاب
زهير سالم
يستعيد شعبنا اليوم ذكرى يوم الجلاء . يوم الاستقلال الوطني الذي صنعه الأجداد بوعيهم وإرادتهم ووحدتهم . يستعيد شعبنا ذكرى هذا اليوم العظيم في ظلال هذه الثورة المباركة وهو أكثر وعيا وإدراكا لحقيقة المؤامرة التي حيكت ضد هذه الأمة أرضها وإنسانها منذ ما يقرب من قرن . ..
لقد حقق الأجداد بصبرهم وإرادتهم الاستقلال الوطني الذي أرادوه منطلقا لبناء المجتمع المدني الموحد الذي تظلله الدولة المدنية التعددية والتداولية . لا بد لنا اليوم ونحن نستعيد ذكرى الاستقلال العظيم أن نتوقف عند أبرز الأخطاء التي وقع فيها الأجداد فقادتنا إلى هذه المأساة التي يدفع شعبنا اليوم ثمنها سيلا من كرامة ومن دماء ...
لا بد أن نراجع كل ما قالوا وكل ما دعو وادّعوا وكل ما قدموا وكل ما أسسوا . لا تستغربوا – أيها السوريون – أن العالم لا يفهمكم ، وأنه لا أحد في المجتمع الدولي يتفهم معاناتكم ففي غير حالات الدول المستعمرة لا يوجد على ظهر هذه المسكونة دولة واحدة أو مجتمع واحد يعيش على مدى نصف قرن في مثل الحالة السورية ...
لا نريد الحديث عن المؤمراة ، ولا عن دور الآخر الفرنسي وغير الفرنسي في صنع هذه المأساة ، ولا نريد الحديث عن المكر الجلي والخفي والكلام المدهون بالزبد الذي تقدم به الكثيرون لتمرير هذه المؤامرة ، لأنه من المتوقع من الآخرين ان يمكروا ومن المتوقع منهم أن يتآمروا ؛ سنتوقف في هذه الذكرى عند غفلة الضحايا من أهل الغفلة الذين دمروا على أنفسهم وعلى اهليهم بكلام مذق لا يصدر إلا عن مذهون أو مأفون ..
والعجب أو الأعجب أن أحفاد أصحاب تلك المقدمات التي صنعت هذه المأساة ، ما زالوا يقفون تحت المظلة نفسها ويتحدثون بلغة الغفلة نفسها ...
اليوم ونحن نطرق أبواب جلائنا الثاني ندعو الجميع إلى الاستفادة من دروس الجلاء الأول . الاستفادة من دروس الجلاء الأول لإعادة التأسيس للشراكة الوطنية على قواعدها المدنية ، ولبناء الدولة المدنية المعبرة عن تطلعات المجتمع المدني والمحافظة على وجوده والمدافعة عن حقوقه ..
وهذا الذي نرجو ألا يغفل الغافلون مرة أخرى عنه ، وألا يمكر الماكرون به لأنهم لو مكروا به فبأنفسهم سوف يمكرون وهم لا يشعرون ..
نحيي سورية الوطن والشعب في يوم الجلاء العظيم ، نستمطر الرحمة والرضوان لأرواح شهداء الأمس وأرواح شهداء اليوم ، شهداء اليوم الذين يصنعون جلاء بكلفة فاقت كل ما قد تصور المتصورون ، ونتمسك برؤيتنا لوطن حر سيد يحكمه أبناؤه بالعدل بلا ظلم ولا فساد ..
*********
وفيما يخص قرار العفو الذي قيل إن بشار الأسد قد أصدره في ذكرى هذا اليوم العظيم فإن أيسر ما يقال فيه أنه قرار منفصل عن الواقع بحيث لا يدري الذي يصدره أنه أحوج إلى من يعفو عنه إن وجد ..
إن من دمر وطنا بإنسانه وعمرانه قتلا واعتقالا وتعذيبا وتشريدا وقصفا بالطائرات وبالصواريخ البعيدة المدى وبالغازات الكيمائية لا يمكن أن يظن أن هناك في هذا الوطن عاقلا واحدا يرى فيه ومثل عفوه هذا خطوة سياسية أو لفتة إنسانية أو إرادة خيرة ..
ومع ذلك وبدون الدخول في أي تفاصيل يعلم كل السوريين كبارهم وصغارهم مثقفوهم وعامتهم ومن تجارب كل قرارات العفو السابقة ان جميع تلك القرارات قد جاءت بلا مصداقية ولا جدية ولا إرادة عملية للاعتذار عن بعض الجناية التي جناها المجرمون بحق الإنسان السوري من الأطفال والنساء والرجال ..
بمناسبة اليوم الوطني كان هؤلاء الأناسي أحوج إلى اعتراف وتقديم اعتذار وطلب المغفرة والعفو من الإعلان عن عفو سقيم يتقدم به من ما يزال عاكفا على الجريمة بكل أشكالها وأبعادها ..
( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ...)
***********************
ولقد انفعل العالم أجمع بالأمس للتفجيرات المنكرة التي شهدتها مدينة بوسطن الأمريكية . والتي راح ضحيتها العديد من المواطنين الأمريكيين الأبرياء ..
إننا من إيماننا بقدسية الحياة الإنسانية وحصانتها المطلقة ، وبوحدة الدم والألم الإنسانيين نعلن تعاطفنا مع الضحايا الأبرياء الذين سقطوا في التفجيرات المريبة . ونتقدم بعزائنا لأسر الضحايا وللشعب والإدارة الأمريكية . نعلن هذا نحن الذين نفقد كل يوم المئات من أطفالنا ونسائنا وشبابنا على طريق تطلعنا للعدل والحرية والكرامة الإنسانية وسط لا مبالاة إنسانية تفجع القلوب والعقول والضمائر ..
وندين التفجيرات ومرتكبيها قبل أن تُعرف هوياتهم ونعتبرها تفجيرات إرهابية لأننا نؤمن ان الإرهاب فعل إرهابي وليس انتماء أو هوية ..
إن الإرهاب الحقيقي في رؤيتنا هو بعض ما يمارسه بشار الأسد وعصاباته وداعموه الروس والإيرانيون والعراقيون واللبنانيون على الأرض السورية ..
نتمسك بوحدة الدم الإنساني والالم والأمل الإنسانيين ونرفض كل سياسات التمييز العنصري ونمضي على طريق حريتنا وكرامتنا مهما بلغت التضحيات وإنه لعهد وإنها لذكرى : ( ولتعلمن نبأه بعد حين ) ...