الحوار .. القرار .. الاستقرار
علاء الدين العرابي
عضو رابطة الإسلام العالمية
هذه مفردات تائهة بين النخب السياسية ، ومؤسسة الرئاسة ، والشارع .. في ظل مشهد ضبابي
المفردة الأولى .. ( الاستقرار ) ..
هي الأكثر تداولا في الشارع المصري ، والاستقرار يعني الأمن ، والأمن يعني بالضرورة القضاء على ظاهرة الفوضى والعنف ، وظاهرة الفوضى والعنف تشعلها قوى الثورة المضادة بالتعاون مؤخرا مع قوى المعارضة السياسية ، ويؤججها إعلام يتبنى الفتنة ، والسؤال : هل يتحقق الأمن في ظل جهاز الشرطة الحالي ؟ والذي ما زالت تحركه وتتحكم فيه مراكز قوى نظام أمن الدولة السابق ؟ وهل يتحقق الأمن ولا زال المال الحرام المتدفق من الداخل والخارج يغذي الفوضى والعنف ، ويستخدم البلطجية وأطفال الشوارع ؟ .. والإجابة بالقطع ليست لدى رجل الشارع
المفردة الثانية .. (الحوار ) ..
تتنادى النخب السياسية بأن الحوار هو الحل الوحيد للخروج من الأزمة الحالية ، وينسى كثيرون أن الأزمة الحالية ليس أطرافها فقط السلطة والمعارضة كما يصور الإعلام ، ولكن أطرافها الحقيقية هي الثورة والثورة المضادة ، إذن فالقضية ليست صراع سياسي بل هي صراع وجود ، وقد علمنا التاريخ أن القوة والحسم هو الطريق الصحيح حتى تحقق الثورة أهدافها ، وليست ثورة 23يوليو منا ببعيدة فلم يستقيم الأمر لها إلا بعد استخدام القوة والبطش ، ومع أنها أخذت البريء بجريرة المتهم وظلمت آخرين ، إلا أنها تعاملت مع عناصر الثورة المضادة بالحسم وليس بالحوار
ورغم ذلك قد يتصور البعض أن حوارا بين مؤسسة الرئاسة وما يسمى بجبهة الإنقاذ – مع أنها لا تمثل كل المعارضة - قد يقضي على الثورة المضادة ، إلا أن الأحداث تشهد بأن جبهة الإنقاذ أصبحت جزءا من أدوات الثورة المضادة وذلك بالتحريض على العنف أو بإعطاء الغطاء السياسي له - هذا إن أحسنا الظن - إلا أن الواقع يثبت أن هناك حلفا تم بين الجبهة وبين فلول النظام السابق ، من أجل إسقاط حكم الإخوان ، وبالتالي يمكننا القول أن جبهة الإنقاذ اندمجت مع عناصر الثورة المضادة
هذه الجبهة ترفض أي حوار مع الرئاسة ظنا منها أن محاولة إسقاط الرئيس وجماعته سوف تنجح في النهاية ، ولذلك نجدها تشترط قبل الدخول في الحوار بأن يتخلي الرئيس المنتخب عن سلطته ، أو إعطائهم تفويض على بياض بإدارة الدولة وعدم اتخاذه أي قرار دون الرجوع إليهم ، هذه هي الحقيقة وإن غلفوها ببعض المطالب المقبولة سياسيا كتغيير الحكومة وغيرها
المفردة الثالثة .. ( القرار )
وهذه المفردة أكثر تداولا بين التيار الإسلامي وكثير من الشعب المصري الذي يرفض العنف ، ويعتبره خارج عن ثقافته ، فأهل مصر في رباط كما جاء في الحديث الشريف ، والقرار المطلوب في هذه اللحظة هو حماية الثورة وإعادة هيبة الدولة
وعلى كل الأحوال فإن أصحاب هذه المفردة لا يطرحون قرارا بعينه ولكن يطرحون المشكلة ويتركون لصاحب السلطة القرار للخروج منها ، وقد ينسى هؤلاء أن أجهزة الدولة ليست طيعة في يد الرئيس حتى الآن فقد عجزت الشرطة على حماية قصر الاتحادية أو هكذا بدت ، كما أن جزءا من مؤسسة القضاء ترفض الرئيس الإخواني وهي تتربص به وتبطل قراراته حتى السيادية منها وآخرها إبطال قرار تعيين النائب العام
وبالتالي يصبح صاحب القرار بين طرفين طرف يطالبه بالحسم وهم الغيورين على هذا البلد ، وطرف يرفض أي قرار وهو الدولة العميقة ، والقرارات المطلوبة تحديدا هي تطهير مؤسسات الدولة وخاصة الداخلية والقضاء
تطهير مؤسسة القضاء في تصوري يأتي بأحد طريقين :
· الأول : سرعة إصدار قانون السلطة القضائية وهي مهمة مجلس الشورى الحالي
· والثاني : هو توسيع اختصاصات محكمة الثورة أو إنشاء محكمة جديدة تحت مسمى ( محكمة حماية الثورة ) على أن يتم اختيار قضاتها من المشهود لهم بالنزاهة والغير مسيسين ، وتكون مهام المحكمة ما يلى :
- قضايا الفساد المالي لرجال أعمال النظام السابق ، وقضايا غسيل الأموال المتدفقة من الخارج على عناصر الثورة المضادة
- قضايا الشغب والعنف التي تنتجها تظاهرات القوى السياسية ، والتي يتخذها الثورة المضادة غطاءا لممارسة البلطجة
- قضايا الفساد الإعلامي وهو ما يتعلق بكل خبر كاذب أو إشاعة تثير الفتنة وتتسبب في تهديد الأمن العام
وتطهير مؤسسة الداخلية يتطلب أمرين أيضا :
· الأول : إبعاد عناصر أمن الدولة السابقين وتحديد إقامة من خرج منهم ومراقبتهم وإذا استدعى الأمر حبسهم ، وتنقية جهاز الأمن الوطني الحالي وإدخال عناصر وطنية مشهود لها بالنزاهة والوطنية ، وهذه العناصر سنجدها فيمن استبعدهم النظام السابق
· الثاني : الموافقة فورا على قبول دفعة جديدة من حملة المؤهلات العليا والمتوسطة تكون بديلة عن فكرة اللجان الشعبية ولكن بصورة رسمية ، وذلك وفقا لما يلي :
- الاختيار جغرافيا من أبناء كل قرية وكل مدينة حيث أن هؤلاء الأقدر على حفظ أمنهم وحماية أهليهم
- معيار الاختيار يكون حسب القوة والأمانة والصلاح
- يتم تدريب هؤلاء في برنامج مكثف لمدة ثلاث أشهر
- تكون مهمة هذه الدفعة حفظ أمن القرى والأحياء في المدن وحفظ المنشآت الخاصة والعامة ، وتنظيم حركة المرور ، وتتبع البلطجية وتقديمهم لنيابة محكمة الثورة.