تصفية البوطي!
تصفية البوطي!
أ.د. حلمي محمد القاعود
قبل أيام أعلن عن مصرع الدكتور محمد سعيد البوطي(84 سنة) الأستاذ بكلية الشريعة في دمشق. كان الرجل يملك ذكاء علميا واضحا.
واختار أن ينحاز إلي نظام سفاح دمشق, وأن يناصره, وأن يكون ضد الثورة السورية التي بدأت سلمية وواجهها السفاح بالمدافع والصواريخ وقصف الطيران الحربي.
البوطي من أصل كردي, وقد قتلت حفيدة له في مدينة عربيين بفعل القصف الحكومي, وفكر أن يرسل أسرته إلي خارج سوريا, وتواترت الأنباء أنه سينشق عن النظام, وفقا لتصريحات الـشـيـخ مـحـمـد أبو الـهـدي الـيـعـقـوبـي المعارض للنظام.
لوحظ أن التليفزيون السوري أذاع- علي غير العادة- نبأ اغتيال البوطي في الحال بعد مقتله مباشرة, وبعده بخمس دقائق, نشر شريط فيديو يحكي تاريخه يحتاج إعداده إلي أشهر, وكانت صور الحادث في مسجد الإيمان الذي قيل إن التفجير الانتحاري وقع فيه تنبئ عن موضع لتجميع الجثث وليس مكانا شهد تفجيرا وتدميرا, النظام يسجل بالصوت والصورة كل ما يجري في المسجد المذكور, ولكنه لم ينشر صور التفجير المفترضة, مما يعزز الآراء التي تشير إلي أن النظام قام بتصفية الرجل بعد أن استنفد أغراضه وأصبح ورقة محروقة!
تصادف مصرع البوطي بعد إعلان عبد الله أوجلان زعيم الأكراد في تركيا- السجين في جزيرة إيمرالي قرب اسطنبول حيث يقضي منذ1999 عقوبة بالسجن المؤبد- يوم الاحتفال بالنيروز, وهو عيد لأكراد ديار بكر, عن وقف إطلاق النار والتوجه نحو التفاوض السياسي, وهذا الإعلان يعني بالنسبة للأسد نكسة كبري, لأنه فقد ورقة كان يزعج بها حكومة أردوغان, ومن ثم تأتي تصفية البوطي واتهام الثوار السوريين العرب بقتله لتصب في تحريض الأكراد ضد العرب والأتراك جميعا. النظام معروف باعتياده قتل المقربين للتخلص منهم, مثلما قتل محمود الزعبي رئيس الوزراء الأسبق, وغازي كنعان الذي كان عضوا فاعلا في بنية النظام الشرير, و( الشيخ) أبو القعقاع في حلب بعد أن أدي دوره, وابن المفتي حسون..
تصفية البوطي تذكرة لعلماء السلطة وفقهاء الشرطة إن كانوا يتذكرون.