أحياناً... (بتوع الأتوبيس)
عبد العزيز السويد
في الفيلم المصري الشهير «احنا بتوع الأتوبيس» يقع مواطنان بسيطان لا علاقة لهما بالسياسية، في مأزق أيام الحكم الناصري، فمنذ لحظة اختلافهما مع موظف قطع تذاكر «الأتوبيس» على بقية قيمة التذكرة يدخلان قسم الشرطة، ثم يصنفان من الإرهابيين، لتبدأ سلسلة تحقيقات لا تنتهي، وإدانة وتعذيب.
في ثورات «الربيع» العربي واحتشاد الملايين في الميادين تحرك أكثر من «أتوبيس» على عجل، كان الحراك الشعبي في الشوارع والميادين العربية فرصة ذهبية لجماعات وأحزاب، أما أسباب الجيشان فهناك اتفاق على كونها خليطاً من تراكمات اقتصادية سياسية اجتماعية، يمكن جمعها بعنوان: «الفساد السياسي». زواج السلطة بالتجارة، كان المولد الضخم.
تحرك أكثر من «أتوبيس» تم لملمة الركاب داخلها، وقليل من يعرفون إلى أين الوجهة. كل هذا أصبح من الماضي، لكن نتائجه الكارثية على الأرض أمامنا تدمي الفؤاد، مع مستقبل مظلم يلوح في الأفق.
أهم «أتوبيس» من هذه الحافلات هو الذي يقوده تنظيم الإخوان المسلمين في مصر، ولا يعرف في الحقيقة من يقود؛ هل هي الجماعة أم دول أصبحت الجماعية أسيرة لحساباتها؟ لكن العقل والحكمة يفرضان إعادة تقدير الموقف استهدافاً للحد من الخسائر أولاً، الخسارة متحققة للأمة العربية والإسلامية عموماً وللإخوان خصوصاً، نعم هناك مظلومية للإخوان، إنما هل يمكن علاج هذه المظلومية بالسعي لإنتاج مظلوميات جديدة؟! الخسارة متحققة للإخوان وغيرهم، لكن بإمكانهم أن يصبحوا جزءاً من الحل، وبدلاً من انتظار تقارب دول وتغيير مواقف، عليهم المبادرة بفتح أبواب ونوافذ لإيجاد مناخ مناسب لمصالحات، وهو إن تم فسيحسب لهم قبل غيرهم.