طواقم الإنقاذ الأمريكية
هل ستنقذ عالم الطفولة البريء الجميل
من براميل بشار المتحضرة !؟
زهير سالم*
أربعة أعوام مرتّ والقتل مستحرٌّ في إنسان سورية ، في أطفالها في نسائها وشيوخها. القتل في إنسانها، والدمار في عمرانها وبنيانها .
أربعة أعوام مرت وإنسان سورية يُموّت ويقتل ، يُموّت حصارا ، جوعا وعطشا وبردا، ويُراد للموت كما شهد التقرير الأممي أن يأتي بطئيا بطئيا ،وأربعة أعوام مرت وإنسان سورية يُقتل تحت التعذيب ، تنكيلا بالسوط والكرباج بالشبح والصعق والتغريق والخنق والحرق ، ويقتل ذبحا بالسكاكين ، و قصفا بالرصاص والصواريخ والبراميل ، وخنقا بالسارين الممنوع والكلور المسكوت عنه والمتسامح فيه ، ويقتل حرقا وردما وبكل الوسائل ( المدنية ) التي أبدعتها حضارة القرن الحادي والعشرين ...!!
أربعة أعوام مرتّ وأخبار المجازر وضحاياها تأتي من سورية بمئات الألوف تترى متتابعة متتالية ؛ من حوران الأبية ومن غوطة دمشق المحمية، ومن حمص معدن الثورة ومن حماة العصية ومن الشهباء المنتصرة ومن شطاط دجلة والفرات حت ينشد تاريخنا :
وما زالت القتلى تمج دماءها .... بدجلة حتى ماءُ دجلة أشكلُ
أربع سنوات والقتل المستحرُّ في أبناء سورية ، في أطفالهم وفي نسائهم وفي شيوخهم وفي مستضعفيهم ، لم ينبه في هذا العالم غافلا ، ولم يحرك ضميرا ، ولم يقلق عمليا صاحب قرار لينتج قلقه قرارا ؛ أربع سنوات مرت ومشروع القتل المستدام المفتوح على كل البشاعات في سورية يطرح ألف سؤال وسؤال ، ليس على قادة العالم ، وصناع سياسته ، وأصحاب قراره فحسب بل على إنسانية الإنسان ، وحضارته ، ومدنيته ، وشرائعه ، ونظمه وقوانينه ومواثيقه ، وما زعموا من قيم حريته وديمقراطيته وحبه وإيمانه ...
ألف سؤال وسؤال ؛ وجواب كل سؤال يغيب يحفر هوة مظلمة عميقة تفغر فاها لتبتلع كل دعاوى المتوحشين الأغبياء الأدعياء .الذين يشكلون الأصل الحقيقي لمشروع الإرهاب .هوة تفصل عميقا بين بشر أراد لهم الله الحق العدل السلام أن يعيشوا معا على هذه الأرض ..
إن علاقة الموقف اللامبالي من حرب الإبادة تجري على الشعب السوري ، ومن المجازر اليومية التي تنفذ بحقه ، والتي شهدت مبعوثة أممية معتمدة من قبل الأمم المتحدة نفسها أنها فاقت في عنفها وفي حجمها ما جرى في ( يوغسلافيا السابقة ) أي ما نفذه صرب يوغسلافيا بحق مسلمي البوسنة ، إن علاقة اللامبالين من القادرين في هذا العالم بمرتكبي هذه الجرائم من أسديين وحزبلاويين وإيرانيين وغيرهم ( وغيرهم تعني كل القتلة والمجرمين من مرتكبي المجازر والبشاعات تحت أي عنوان ) هي علاقة الأصل بفرعه ، و العود بظله . موقف القادر على منع الجريمة اللامبالي بها هو الأصل في الإجرام وفي الإرهاب وتصرفات بشار الأسد وتوابعه ومشتقاته ومفرزاته هي الفرع والتابع والظل . الموقف اللامبالي هو العود وكل ما يرتكب على أرض سورية من بشاعات وشناعات وجرائم على أي يد كانت هي ظل هذا الموقف المستنسخ منه والمحاكي له ...
لم يفجأنا بالأمس الرئيس الأمريكي وهو يطالب الكونغرس الأمريكي بالمزيد من التفويض للحرب على أرض سورية والعراق ، لم يفجأنا الرئيس الأمريكي وهو يمهد لنزول قواته على الأرض تحت عنوان (طواقم الإنقاذ)، مستغلا الجريمة البشعة النكراء التي ارتكبت بحق الإنسان معاذ الكساسبة ، ويكفينا في هذا المقام وصف الإنسان لنبلغ الحد الأعلى في الاستنكار للجريمة التي رأيناها منذ أول يوم الجريمة الذريعة ، ترتكبها مجموعة من الوحوش البشرية كان الهدف الأول من إيجادها ، وتغذيتها ، وتنميتها ، والنفخ فيها ، وتمكينها أن تكون ذريعة لكل طالب ذريعة ؛ ذريعة لبشار وذريعة لحزب الله وذريعة لإيران وها هي اليوم تصبح ذريعة للأمريكي أيضا وفي نفس السياق ليحتل الأرض ويغير على الديار ...
( طواقم الإنقاذ الأمريكية ) التي هي في حقيقتها وفي حدود المهمة المعلن عنها . قوات احتلال ، عرفناها من قبل تحت عنوان قوات التدخل السريع ، ربما مع اختلاف في الحجم وفي الموقع هذه المرة ؛ هل سيكون من مهمتها إنقاذ طفل سوري صغير من بين ( مخلبي وناب الأسد ) ؟! سؤال واحد من ألف سؤال يصنع الهوة المظلمة العميقة بين عالم الطفولة ، عالم الحب والبراءة والسلام وبين عالم باراك أوباما والولي الفقيه وحسن نصر الله وبشار الأسد وكل جبار مستكبر عنيد ...؟!
* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية