أمريكا في طريقها إلى الزوال
اقتراب العد التنازلي لهلاك عاد الثانية
كاظم فنجان الحمامي
ربما كان الأستاذ منصور عبد الحكيم, والأستاذ الدكتور زغلول النجار أول المتحدثين من العرب عن زوال أمريكا بعد انفجار البركان الكامن تحت قشرة (يلو ستون بارك), وربما كانوا أول الذين ربطوا مصيرها الجيولوجي بمصير عاد الثانية, بيد أن الأمريكان أنفسهم سبقونا كلنا في تشخيص مخاطر انفجار باطن الأرض في هذه الرقعة بالذات, وحذروا من اقتراب العد التنازل لنهاية القارة الجديدة برمتها. .
البركان الأصفر يدق ناقوس الخطر
تختلف خصائص بركان الحجر الأصفر (يلو ستون (Yellow Stone عن خصائص البراكين الأخرى, فهو يقبع تحت قشرة واسعة, بطول (70 - 80) كيلومترا, وعرض (30 - 65) كيلومترا, وبعمق بضعة كيلومترات, في منطقة تسمى (Norris Back Basin), حيث يرقد هناك من دون أن تكون له فوهة ظاهرة فوق سطح الأرض. يختبئ في جوف الأرض وكأنه يعد العدة للانفجار الكبير, ويتحين الفرصة المؤاتية لإغراق القارة بحمم بركانية منصهرة يقدر سمكها بخمس بوصات. .
اكتشفه الجيمورفولوجيون عن طريق التصوير الفضائي بالأشعة تحت الحمراء, ورصدته الأقمار الصناعية أول مرة عام 1960, وأظهرت الدراسات التحليلية القديمة انه انفجر آخر مرة منذ (640000) سنة, وتوقع العلماء في ستينيات القرن الماضي انه يثور كل (600000) سنة, أي انه تأخر بحوالي (40000) سنة عن الموعد المتوقع لانفجاره, بمعنى انه تأخر أربعمائة قرن حسب , ويوشك أن ينفذ صبره في يوم ما, بعد أن ظهرت عليه علامات الانفعال والتضخم وذلك في ضوء تقديراتهم القديمة, لكنهم أكتشفوا الآن انه انفجر بقوة قبل حوالي (13800) سنة, وقالوا إن حوض خليج مريم تشكل بفعل ذلك الانفجار الهائل, واكتشفوا أيضا انه عاد للانفجار مرة أخرى من فوهة (كالديرا) قبل حوالي (3000) بيد انه لم يكن بالانفجار الكبير المؤثر, وقالوا ان اكبر انفجارات (يلو ستون) وقعت قبل حوالي (2100000) سنة. .
شرع هذا البركان العملاق في السنوات القريبة بتوليد الضغط تحت سطح التربة, فارتفعت قشرته العلوية الضعيفة بمقدار متر واحد خلال الخمسين عاما الماضية, وسجلت ارتفاعا ملحوظا للمدة من 1996 إلى 2000 بلغت عشرة سنتيمترات, رافقته زيادة كبيرة في تدفق المياه الجوفية من الينابيع الطبيعية الساخنة بمعدل (30) لترا بالدقيقة, وزيادة متصاعدة في حجم وأعداد الهزات الأرضية, وصل عددها إلى (15000) هزة عنيفة للمدة من 1973 إلى 1998, تراوحت شدتها بين (6 – 8) درجات بمقياس رختر, كان مركز بعضها بعمق (500) متر تحت سطح الأرض, مع زيادة مضطردة في حرارة السطوح الساخنة, بلغت عند بعض النقاط (200) درجة فهرنهايتية, وكانت كافية لقتل الأعشاب والأشجار والنباتات الأخرى, وهذا دليل كاف على تصاعد معدلات التسخين السفلي, ما اضطر مراكز الطوارئ إلى اتخاذ قرارات صارمة بإخلاء المنطقة وحظر التجوال فيها, ونصب العديد من محطات الرصد والمراقبة. .
وسجلت مراجل السخانات الطبيعية انفجاراً واحداً عام 2000, وانفجرت مرتين عام 2002, ومرتين عام 2003, وأفادت التقارير أن ارتفاع المياه الساخنة المتدفقة نحو الأعلى من الينابيع الواقعة غرب بحيرة (Nymph Lake) وصل ارتفاعها عند درجة الغليان إلى (75) متراً, صاحبتها ارتفاعات ملموسة في حرارة الغازات, والرماد الملتهب الذي تنفثه سخانات (Porkchop).
في ضوء هذه المتغيرات الخطيرة تبنت جامعة يوتا برنامجها العلمي الميداني لرصد الأنشطة البركانية تحت القشرة السطحية, أطلقت علية (YVO) اختصارا لعبارة (Yellowstone Volcano Observatory),
فأنشأت بالتعاون مع هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية (USGS) سبع محطات للرصد الزلزالي, وباشرت بتسجيل المتغيرات الحرارية والمائية والاهتزازات البركانية, ومراقبة المحتويات المنصهرة لباطن الأرض, وباشرت بتعزيز نظام الرصد لتتبع الأنشطة الزلزالية, ومراقبة التغيرات الحرارية المائية, وتقييم المخاطر المحتملة على المدى البعيد, وتطوير المفاهيم العلمية اللازمة للارتقاء بمستوى المراصد الزلزالية والجيمورفولوجية, والتواصل مع المراكز العلمية الأخرى والاستئناس بآرائهم. .
كوارث متوقعة
لقد أنتجت هذه المنطقة واحدة من اكبر أنظمة العالم البركانية النشطة, تمخضت عن سلسلة من الانفجارات البركانية الكبيرة في السنوات القليلة الماضية, فضلا عن إنتاج العديد من السخانات المائية والمراجل الغازية الطبيعية, وهي تنتج سنويا حوالي (2000) زلزال, معظمها من النوع الصغير غير المؤثر, لكنها وعلى الرغم من قوتها المنخفضة تعكس صورة مخيفة لهيجان الحمم المنصهرة في باطن الأرض. .
لقد وقع زلزال عام 1959 عند حافات بحيرة (Hebgen), وبلغت قوته وقتذاك (8) درجات بمقياس ريختر, كانت كافية لقتل (28) شخصا صادف وجودهم في هذه البقعة المهجورة من العالم. .