فاشية اليسار وهولوكست البرادعي !

فاشية اليسار وهولوكست البرادعي !

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

منذ استفتاء مارس 2011 الذي وافق عليه الشعب المصري لم تتوقف الآلة الدعائية التي يسيطر عليها اليسار الفاشستي  وفلول النظام الفاسد البائد عن هجاء الإسلام والإسلاميين ورفض مشاركتهم أو وجودهم في الحكم وتقرير مصير الوطن . لقد شهّروا بالإسلاميين في الانتخابات التشريعية والرئاسية وأطلقوا الأكاذيب واعتمدوا على التدليس والتضليل ، ولم تتوقف محاولاتهم لإسقاط مؤسسات الدولة واحدة بعد الأخرى ، وقد نجحوا في إسقاط مجلس الشعب المنتخب الذي اختاره ثلاثون مليونا من المصريين ، مع أنهم هم الذين وضعوا قانون الانتخابات وطريقتها ، وأسقطوا الجمعية التأسيسية الأولى ، وراحوا يستعدون لإسقاط مجلس الشورى ،وانطلقوا لإسقاط الجمعية التأسيسية الثانية ،  ومن المفارقات أنهم كانوا يعملون فيها ، وعندما اقتربت من إنجاز الدستور بدأت عمليات الانسحاب المريبة بقيادة الكنيسة ، وعقب عودة عمرو موسى من لقاء تسيبي ليفني لدى زيارته إلى رام الله قبل أسبوعين من عدوان الصهاينة الدموي على غزة ، لقد رشح عن لقاء موسى مع المرأة الصهيونية أنها طلبت من المذكور أن يشغل الرئيس بالقضايا الداخلية حتى ينتهي الصهاينة من تنفيذ جرائمهم ضد الشعب الفلسطيني ، وحتى يتمكنوا من تحقيق ما يريدون تجاه مصر داخليا !

لم تكن محاولات إسقاط الدولة ومؤسساتها سعيا لبناء ديمقراطي يسمح بتداول السلطة وبناء مصر اقتصاديا واجتماعيا ، وكان حركة من أجل إزاحة الإسلام عن الحياة العامة ومنع الإسلاميين من التعبير عن هوية الشعب المصري المسلم ، وبدأ الاحتكاك حول المادة الثانية من الدستور والمادة العشرين بعد المائتين المفسرة لها ، والغريب أن حركة الهدم اشتدت عقب تولي  البابا الجديد منصبه الكنسي ، واعتراضه على المادة المفسرة ، وتصريحه أن تضمين الدستور الجديد أية ملامح دينية يعني شيئا آخر لا توافق عليه الكنيسة . أي إن الدستور المصري يجب ألا يسمح بالتعبير عن الهوية الإسلامية ، ومن ثم بدأت الانسحابات والاشتباك مع رئيس الجمعية التأسيسية والادعاءات الكاذبة حول ما جرى من اتفاقات في الجمعية ، ورافق ذلك ظهور بعض أعضاء المحكمة الدستورية في القنوات التلفزيونية والصحف والإدلاء بتصريحات سياسية تخالف طبيعة القضاة وسلوكهم العام ، بل صرح بعضهم أن المحكمة ستحكم بحل مجلس الشورى ، وأن التأسيسية ستحل أيضا ، وأن هناك حكما سيصدر بتزوير الانتخابات الرئاسية ، مما يعني أن تدخل البلاد في فوضى عامة أو يحل المرشح الفلولي مكان الرئيس مرسي ! وهكذا تنتصر إرادة مبارك  ويعود للحكم مرة أخرى في صورة تلميذه أو صورة أخرى .

كان على الرئيس أن يستبق المؤامرة الآثمة ويصدر إعلانه الدستوري ، وهو ما أصاب الفاشية اليسارية وفي الطليعة الناصريون والشيوعيون بصدمة عصبية جعلتهم يتحركون حركة عمياء فيتحالفون مع الفلول واللصوص الكبار في عهد مبارك والموالين للنظام الفاسد في المؤسسات القضائية والتنفيذية والحزبية الكرتونية ويطالبون بإلغاء الإعلان الدستوري الذي تضمن تنفيذ مطالب الثورة ومنها إقالة النائب العام وإعادة محاكمة القتلة ورعاية أسر الشهداء .

لقد استخدموا العنف والبلطجة ، وراحوا يعتدون على مقرات الإخوان ويشعلونها وأصابوا أعدادا كبيرة منهم ، وسقط شهيد إخواني على بوابة مقر الإخوان في دمنهور ، وامتدت المعارك التي بدا أن مقاتليها مأجورون إلى معظم المدن في الوجه البحري والصعيد ، وخرج التابعون للحزب الوطني المنحل مع الأحزاب الكرتونية وأنصار اليسار الفاشي والليبراليين في مظاهرات همجية تهتف بهتافات بذيئة تدعو إلى إسقاط النظام ! ودعوا الجيش في الوقت نفسه للانقلاب العسكري .

في سياق آخر كانت هناك مفاجأة بالغة الغرابة ، ففي حواره مع مجلة "دير شبيجل" الألمانية ، قال الدكتور محمد البرادعي أحد زعماء التحالف العلماني : إنهم قرروا الانسحاب من الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور لأن من بين أعضائها من يحرم الموسيقى والبعض الآخر ينكر محارق اليهود على يد النازي "الهولوكوست" وإن أحدهم يعترض على الديمقراطية نفسها . ثم قال : إن الشخصيات الليبرالية والمسيحية يخشون من أن ينجح الإخوان والتيار الإسلامي في أن يمرروا مشروع دستور له صبغة إسلامية مما يؤدي إلى تهميش حقوق المرأة والأقليات ، مؤكدا أن الجمعية التأسيسية ستعيد مصر إلى أظلم فترات العصور الوسطى ، حسب رأيه .

ولم يتردد البرادعي في التحريض على قطع المعونات عن مصر قائلا للصحيفة الألمانية : "لا أستطيع تخيل أن شخصاً يملك مبادئ ديمقراطية يمكنه أن يدعم مثل هذا النظام على المدى الطويل"، وأضاف: "نحن لا نريد تكرار همجية الثورة الفرنسية !".

وقد استجاب على الفور لهذه التحريضات وزير الخارجية الألماني "جيدو فستر  فيله" الذي قال  للصحفيين في برلين : إن ألمانيا تعد الوضع السياسي الراهن في مصر مثيرا "لقلق بالغ". وأضاف : إن بلاده "تشارك كثيرا من المصريين وأعضاء المجتمع الدولي أيضا مخاوفهم في ضوء الأحداث والقرارات الأخيرة في مصر".

بيد أن هذه التصريحات المعادية للإسلام والوطن والمحرضة عليه التي صدرت عن البرادعي ، دفعت الدكتور محمد محسوب وزير الشؤون القانونية والنيابية، ليقول : إن الدكتور محمد البرادعي خان ضميره الوطني عندما دعا القوى الغربية لاستنكار الإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي . وأضاف مخاطبا البرادعي: وظيفتك الدولية السابقة التي كانت تسمح لك بالعمل في ظل توجيهات دولية لا تسمح لك بأن تستقوي بالخارج على مصر، مضيفًا أن قوى الخارج لا تقبل التحول الديمقراطي في مصر

إن تحالف اليسار والليبراليين وفلول النظام السابق يخوض معركته الظالمة لاستعادة السيطرة على الدولة، ويكرس جهوده لاستئصال الإسلام بالدرجة الأولى ، وهو ما يعني أن الفاشية اليسارية في تحالفها مع الليبراليين والفلول ستدخل البلاد في مأساة دموية يتحملون مسئوليتها أمام الله والناس والتاريخ !