إنذار مهم: ولادة حزب الله الشيعي في مصر!!

إنذار مهم: ولادة حزب الله الشيعي في مصر!!

الدور الخفي لمؤسسة آل البيت ومخطط اختراق أحزاب ليبرالية ويسارية

مصطفى زهران

المصريون - العدد الثامن عشر 8/12/ 2011 م

لم يعد المشهد المصرى فى ظل الصعود المتنامى للحركة الإسلامية بعد ثورة ال 25 من يناير حكراً على أسماء بعينها أوتيارات محددة ظلت تتصدر المشهد لعقود، خاصة أن العنصر الشبابى مثل حالة فارقة فى خضم هذا الزخم الإسلامى المستحدث.

من هنا فقد أثار الحضور الشيعى القوى بعد الثورة المصرية علامات استفهام لملامح هذا الشكل المستحدث، الذى تزامن مع ظهور قوى لرموز شهيرة داخلة، ومدى ارتباط هذه الكيانات الشيعية الجديدة بالجمهورية لإسلامية الإيرانية، خاصة مع وجود ائتلافات شبابية لم تكن تكشف عن نفسها إلا بعيد الثورة وهو ما نحاول عرضه فى هذا التقرير مع العروج إلى المطالبات الجديدة لهذا الكيان المتفرق وغير المنظم والذى يسير وفق آليات مختلفة وفى طرق متباعدة.

ومن بين هذه الصور الشيعية الجديدة المستحدثة كانت هناك محاولة جادة من قبل مجموعة شبابية حديثة العهد بالانتماء إلى المذهب الشيعى الاثنى عشرى الجعفرى والذى بدا صوتهم وظهرت ملامح صورهم تلوح في الأفق مع بدايات الثورة المصرية.

وتمثل أول ظهور علنى لهم على الساحة المصرية فى إصدار أول بيان لهم فى الثامن من فبراير الفائت أى فى بداية الثورة والذى طالب خلاله البيان قيام دولة مدنية ديمقراطية وكانت بمثابة المخاض الجديد لهذا الكيان الشبابى الشيعى المصرى الوليد فى محاولة منهم لمزاحمة التيارات السنية الأخرى على الساحة المصرية ورغبة جامحة فى أن يكون لهم دور، خاصة أن الثورة كان ساعدها الأول ومحركها هم العنصر الشبابى.

خليط ومزيج من الشباب المصرى من عدة محافظات مختلفة شكلوا هذا الكيان الشبابى الشيعى الجديد. ويقول ضياء محرم « وهو شاب عشرينى من القاهرة إن ميدان التحرير كان نقطة التقاء هذه المجموعة التى أعلنت تشيعها لمذهب آل البيت منذ عدة سنوات.

ونظراً لما كان عليه الوضع قبل الثورة من التضييق الأمنى ولولا الثورة المصرية ماكان هذا التجمع وماكانت هذه الخطوات التى وصفها محرم بالجريئة حسب قوله.

مضيفاً أن أول خطوة تذكر صوب التعريف بنا كشباب متشيع يحاول أن يكون له دور مؤثر ينعكس إيجابا على مصر وعلى مذهب آل البيت وكان التعاطى الجيد مع شبكات التواصل الاجتماعى لنكون جنبا إلى جنب مع الائتلافات الشبابية الأخرى. فكانت أولى صفحاتنا على الفيس بوك شبكة « مصر الفاطمية» تتناول الأخبار العامة لكى تكون على اتصال دائم مع جمهور الفيس بوك خاصة الشباب.

وتلت هذه المحاولة إنشاء «منتدى لمحبى آل البيت » بنفس الاسم السابق، لكى تستوعب دائرة أوسع ولتحقق الجزء الذي لن يكتمل إلا بها وهى مخاطبة الجمهور المصرى كافة.

وللإعلان على أول كيان شبابى شيعى..ونجحنا فى وضع قناة على اليوتويب أيضا.

ويؤكد محرم أنهم تابعون لمرجعية السيستانى وصادق الشيرازي إلى جانب مرجعيات فقهية أخرى متنوعة. مؤكداً على تواصلهم غير المنظم على حد وصفه بمؤسسة « آل البيت» الذى يترأسها محمد الدرينى، وأيضا «حزب التحرير» الشيعى الذى يقوده راسم النفيس. إلا أن محرم يؤكد على أفكاره الداعمة للتواصل مع الشباب، خاصة جيل الثورة.

ويؤكد محرم أنه ومجموعته الشبابية يسعون جاهدين لأن يكون لهم صوت وتكتل خاص ينمو يوماً بعد يوم مشدداً على العنصر الشبابى داخله.

مشيراً إلى انهم موزعون على التيارات الليبرالية والسياسية الأخرى بخلاف الإخوان والذين يصفهم ب«المتأسلمون» ويتاجرون بالدين -على حد تعبيره- بالإضافة إلى ثقتهم في المرشح الناصري «حمدين صباحى » والذى يجدونه الرجل المناسب للمرحلة القادمة وسيقومون بدعمه بالإضافة الى البرادعى.

ويرى محرم أنه من الأهمية بمكان أن يسمح لهم كشباب متشيع فى أن تكون لهم حسينياتهم وأن تقام مجالس عزائهم واحتفالاتهم بكل حرية شأنهم فى ذلك شأن أى مصرى لكونهم جزءًا لا يتجزأ عنهم.

إنشاء مركز للدراسات و وجمعية مشهرة قانونية كانت آخر الأشكال التي عبر بها أول كيان شيعى شبابى فى مصر عن أنفسهم. خاصة أنهم باتوا يجمعون انفسهم بشكل منظم في الفترة الأخيرة مع ندرة المعلومات التي تتحدث عن تمويلهم الداخلى والخارجي إلا أننا يمكننا القول إنهم يسيرون بخطى ثابتة نحو تحقيق مكتسبات حقيقية على الأرض خاصة فى ظل غياب القيود الأمنية التي كان يفرضها النظام البائد على الحالة الإسلامية بشكل عام.

«الدرينى والتغريد خارج السرب »

محمد الدرينى، رئيس المجلس الأعلى لآل البيت فى مصر الرجل الأكثر غموضاً وحراكاً لم يمل منذ اللحظات الأولى من الثورة فى استغلال الوقت والفرصة لتحقيق رؤيته الشيعية الجديدة فى الداخل المصرى والتى عبرت عنها بقوة رسائله إلى المجلس العسكرى ومجالساته معهم بعد أن كان محظورا عليه مثل هكذا لقاءات فى الماضى القريب. وذلك بعد ان وجد لنفسه موقعًا داخل الائتلافات الثورية الجديدة التى تعددت أسماؤها وعناوينها، والتى تجاوزت المئات في ظل غياب الدور الجاد المنوط بها هذه الائتلافات.

«المذهب الجعفرى وسياحة العتبات المقدسة»

طالب الدرينى خلال حضوره لقاء نائب رئيس الوزراء د. على السلمى الأخير لوضع المبادئ الحاكمة للدستور , والذى جمع عدداً من القوى السياسية والتيارات الإسلامية والدينية بأن تتضمن الوثيقة الجديدة الأخذ بالمذهب الجعفرى الذى أجاز الأزهر الشريف التعبد به حسب قوله وذلك فى البند الخاص القائل بأن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيس للتشريع.

ولم تقف مطالبات الدرينى عند هذا الحد بل دعا إلى إنشاء ما سماه بالشرطة القضائية فى البند الخامس مع تعظيم المطلب السابع الخاص بحماية النيل مؤكداً أن ثمة تقارير استخباراتية تشير إلى احتمال نشوب حرب فى أعالى النيل وأن الجيش المصرى يعد لحملة عسكرية هناك فى الأدغال ولذا وجب تعظيم الفقرة حسب قوله.

وكشف الدرينى عن لقاء عقد مؤخراً بينه وبن نقيب الأشراف السيد محمود الشريف، أعلن خلاله تبنى نقابة الأشراف لأفكار الدرينى والتى تضمنت إنشاء بنك للسادة الأشراف باسم آل البيت لتمويل مشروعات طموحه، خاصة بهم وكذلك مشروع العتبات المقدسة ومشروع تشجير مسار آل البيت والعائلة المقدسة.

وينظر الدرينى إلى فكرة« تشجير مسار آل البيت » السالفة الذكر التى طرحها باعتبارها مشروعًا حضاريًا وإنسانيًا واقتصاديًا وفكريًا أيضا وأهم تلك الملامح الأساسية لهذا المشروع والتى وضعها الدرينى هى التأكيدعلى الجانب الاقتصادى العائد من خلال فتح باب المشاركة للجموع من داخل وخارج مصر والمساهمة فى هذا المشروع كمشروع يخدم البيئة وأمن والاستقرار عالمياً كما ورد بالرسالة التى أرسلها الدرينى إلى رئيس الوزراء عصام شرف بالتزامن مع وزير الثقافة المصرى.

وموضوع «تشجير مسار آل البيت » الذى طرحه الدرينى يبدأ من القاهرة إلى حدود مصر ويتقاطع مع ما وصفه الدريني بمسار العائلة المقدسة مع مسار آل البيت في طور سيناء وبالقرب من وادى فيران حيث دير سانت كاترين وما أطلق عليه الدرينى «مخشع الإمام على كرم الله وجهه وهى بأكملها مصدر جذب لأصحاب المذهب الجعفرى الشيعى فى العالم لما ينظرون إليها على كونها لها قداسة خاصة فى معتقداتهم التى لا تتوافق ومعتقدات أهل السنة.

«أول حزب سياسى شيعى مصرى »

فكرة أن يكون للشيعة حزب سياسي فكرة ليست جديدة ولكنها فكرة تم تأجيلها قبل ذلك، فراسم النفيس القيادى الشيعى كان ضمن صفوف جماعة الإخوان المسلمن فى وقت من الأوقات والطاهر الهاشمى الذى كان صوفياً اندفعا بقوة نحو تحقيق هذا الحلم وترجمته على أرض الواقع وكانت البداية نحو إقامة حزب التحرير المصرى.

وقدم الحزب أوراقه إلى لجنة شئون الأحزاب بتوكيلات بلغ عددها 5300 توكيل وفقاً لحديث راسم النفيس.و عرف الحزب نفسه عبر برنامجه بأنه حزب مدنى يسعى إلى تحقيق التحرر الوطنى الكامل والدفع فى طريق التنمية المستدامة من خلال السعى إلى تحقيق ما سماه بالاستقلال الوطنى الكامل للبلاد فى كل المجالات، وانتقد بشدة عبر برنامجه، فى كلمته التمهيدية تلك الأحزاب التى يقال إنها ذات المرجعية الإسلامية الخاصة.

ووضع البرنامج للحزب الشيعى تصورًا للمرأة جاء فيه أنها نصف المجتمع، واستمد الحزب رؤيته تجاهها من التراث الإنسانى المقدس وغيره، لتصبح تلك المرأة القادرة على الولوج فى المجتمع بنفسها، لا بما يمليه عليها الآخرون، وفقا لما ورد فى برنامج الحزب، مضيفا أنها -أى المرأة- شريك كامل فى المجتمع لا مخلوق من الدرجة الدنيا، وشدد على حق المرأة فى ممارسة حريتها السياسية فى جميع المناشط من أقل مستوى ممكن إلى أعلى مستوى تقدر عليه، ما دامت ملكت القدرة على الاطلاع على هذه المهام ورأى المجتمع أنها قادرة على ذلك.

ومن المرأة إلى المواطنة رفض الحزب مبدأ ما سماه بالأقليات والجماعات العرقية والطائفية التى وصفها «بالسوق السوداء السياسية»، واعتبر الحزب أن مبدأ المواطنة يتجسد جليا عبر المشاركة الكاملة فى جميع الحقوق والواجبات. الحزب شدد على أن الوطنية المصرية هى القاسم المشترك الذى يجمع أفراد المجتمع، خصوصا أنهم أمام القانون سواء، مع ضرورة انتفاء الفوارق بين مصرى ومصرى فى المناصب العليا وغيرها، نظرا لاختلاف الدين أو المذهب أو العرق أو الجنس أو الموقع الجغرافى.

المواطنة التى حازت مساحة كبيرة فى برنامج الحزب اشتملت على ورقة علاج من خلال تفعيل الدور الكنسي المتمثل فى الكنيسة القبطية المصرية فى قضايا العلاقات الخارجية المصرية.

والأقلية والمواطنة هما إشكاليتان يحاول الحزب التشديد على مركزيتهما ليقفز عليهما من أجل ترويج المذهب الشيعى وإلغاء مصطلح الأقلية الشيعية ويصبح الأمر فى مشهد مختلف.

ولم تغب القضية الفلسطينية عن برنامج الحزب، التى عبر عنها من خلال وضع ما استراتيجية الحزب تجاه سماه باستراتيجية الحزب تجاه القضية الفلسطينية والمقاومة.والتى تتشابه كثيراً مع تلك الأحزاب الشيعية الأخرى المتواجدة فى المنطقة العربية على وجه الخصوص التى تتشدق ليل نهار عن فكرة تأصيل نظرية المقاومة وهى لب دعوة الخومينى منذ مايقرب من نصف قرن والتى تتبعها الكثير من الأحزاب الشيعية وتضعها وفق برامجها إلى يومنا هذا.

وتمثلت تلك الدعوة إلى المقاومة فى الإستعداد والتأهب لمواجهة أي عدوان محتمل من هذا الكيان الغاصب للقدس، ودعم قوى المقاومة الإسلامية والعربية - سياسيا وإعلاميا – والدفاع عنها في المحافل الإقليمية والدولية لحين قبول العدو بإعادة كامل الحقوق الفلسطينية المغتصبة وأولها حق العودة، والعمل على تعزيز وحدة الشعب الفلسطينى، خصوصا قوات المقاومة، وتعزيز الوحدة الإسلامية والعربية، وتقوية  العلاقات بين هذه الدول باعتبارها حجر الأساس لصيانة حقوق العرب والمسلمن عامة والشعب الفلسطينى خاصة، وتحصين مجتمعاتنا العربية من الاختراق الصهيونى، وإيقاف شتى صنوف التطبيع مع العدو الذي يصر على استكمال خططه العدوانية، وهو يعد الآن العدة لهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم على أطلاله، وإعلاء ثقافة المقاومة, وحض الشعوب على العربية على اعداد العدة لمواجهة أى عدوان صهيونى محتمل على مقدساتنا.

شيعة الحزب لم يغفلوا قضية الحريات، باعتبارها قضية مركزية فى التحرر الوطنى، سواء كانت هذه الحرية (حرية الاعتقاد أو حرية التعبير وحرية) وباعتبارها حقاً دستوريًا يكفله القانون والدستور.

ومن هنا تتضح فكرة الحزب والتى تدفعنا إلى التكهن إلى أنها بداية لقيام حزب وليد على غرار حزب الله يتبنى فكرة المقاومة فى ظاهرها ويبطن أفكار أخرى لا يعلم عنها إلا الله بداية من فكرة تصدير الثورة إلى أبعد ما يمكننا تخيله أو استقصائه، خاصة أن الحزب والذى رفضت لجنة شئون الأحزاب مؤخراً أوراقه كشف عن شرخ كبير داخله، بعد اتهام ناشط مصرى يدعى وليد عبيد مؤسسى الحزب راسم النفيس والطاهر الهاشمى بأنهما اتجها إلى التقية فى التعامل معه، خاصة أنه مؤسس الحزب الرئيس وتابع معه ولادته ثم انقلبا عليه وتصدرا المشهد الإعلامى على أنهما هما الأباء المؤسسين للحزب.

إلا أن النفيس خرج بتصريح أكد خلاله إلى أن ما حدث معه من قبل لجنة شئون الأحزاب ما هو إلا دلالة واضحة وقوية على أن نظام مبارك الأمنى مازالت قبضته هى الحاكمة والآمرة، الأمر الذى يعكس القفزة النوعية للدور الشيعى المصرى بعد الثورة.